بعد تصريحات مدبولى..هل تتراجع حكومة الانقلاب عن تطبيق نظام البكالوريا ؟

- ‎فيتقارير
one caucasian young teenager silhouette boy or girl studying with computer computing laptop tired sad despair in studio cut out isolated on white background

 

 أثارت تصريحات مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب حول حرية الاختيار بين نظامي البكالوريا والثانوية العامة، انتقادات من الخبراء مؤكدين أن هذه التصريحات تكشف عن تراجع حكومة الانقلاب عن تطبيق هذا النظام بسبب الرفض الشعبى فى الوقت الذى أصدر فيه محمد عبد اللطيف وزير تعليم الانقلاب قرارا ببدء تطبيق نظام البكالوريا العام القادم.

وقال الخبراء ان هذه التصريحات تكشف عن غياب التنسيق داخل حكومة الانقلاب وأن الوزارات تعمل فى جزر منعزلة .

وطالبوا باعادة النظر فى نظام البكالوريا قبل فوات الأوان محذرين من أنه سوف يتسبب فى حدوث كوارث للتعليم منها تفاقم الدروس الخصوصية وتحميل الأسر المصرية أعباء فوق طاقتها  .

وأكد الخبراء أن ما تم طرحه من قبل وزير تعليم الانقلاب كان مجرد تغيير مسمى شهادة ليس لها علاقة بمفهوم البكالوريا الدولية المعروفة .

 

المنظومة التعليمية

فى هذا السياق حذر أشرف أمين، عضو لجنة التعليم بمجلس نواب السيسي من أن حرية الاختيار بين نظامي البكالوريا والثانوية العامة، قد تؤدي إلى عدم تكافؤ الفرص بين طلاب المدارس الحكومية، مشيرا إلى أن  تقسيم الطلاب بين نظامي تعليم مختلفين سيؤدي إلى غياب العدالة.

وطالب أمين فى تصريحات صحفية بأن يكون التعليم في دولة العسكر موحدًا لضمان المساواة بين الجميع متسائلا عن مدى قدرة المنظومة التعليمية الحالية، رغم ما تعانيه من مشكلات، على تطبيق نظام البكالوريا إلى جانب النظام التقليدي.

واستبعد أن يستطيع نظام البكالوريا حل مشكلات الدروس الخصوصية فى ظل عجز أعداد المعلمين، وعدم امتلاك المعلمين المهارات والخبرات اللازمة لتنفيذه بنجاح مؤكدا أن تعليم الانقلاب اضطرت هذا العام إلى التعاقد مع خريجين جُدد لسد العجز في أعداد المعلمين .

وأشار أمين إلى أن هؤلاء الشباب الذين تم التعاقد معهم، رغم مؤهلاتهم، قد يفتقرون إلى الخبرة في توصيل المعلومات بطريقة مبسطة، مما يدفع الطلاب إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية، وبالتالي لن تُحل هذه المشكلة.

وطالب بتأجيل تطبيق نظام البكالوريا، الذي أعلن عنه وزير تعليم الانقلاب محمد عبد اللطيف لطلاب الصف الأول الثانوي والمقرر بدء العمل به في العام الدراسي المقبل، مشددًا على ضرورة إجراء حوار مجتمعي واسع قبل التنفيذ.

 

فكرة الاختيار

وانتقدت حنان حسني عضو لجنة التعليم بمجلس نواب السيسي غياب المجلس الأعلى للتعليم الذي تم إقراره بهدف وضع السياسات العامة للتعليم بمختلف مراحله وأنواعه، وضمان تكاملها وتنفيذها بما يسهم في تطوير العملية التعليمية وتحقيق متطلبات سوق العمل المحلية والدولية معربة عن أسفها لأن هذا المجلس لا يقوم بدوره ويترك وزير تعليم الانقلاب يفعل ما يريد.

وحول إصدار وزير تعليم الانقلاب قرارات بتطبيق نظام البكالويا العام القادم قالت حنان حسنى فى تصريحات صحفية : «بحس إن وزير تعليم الانقلاب عنده مشوار وهو بيعلن القرارات، علشان كده مينفعش نصدر قرارات مصيرية بهذا الشكل» محذرة من أن هذا التسرّع يثير القلق ويؤثر على مصير الطلاب.

وطالبت بضرورة التمهل في اتخاذ مثل هذه القرارات، مشددة على أهمية التشاور مع الخبراء، والأساتذة، والمتخصصين قبل اعتماد أي تغييرات جوهرية .

وأشارت حنان حسنى إلى أن وزير تعليم الانقلاب تسرع واتحذ قرارات بإلغاء بعض المواد الدراسية كالفلسفة واللغة الفرنسية، وكذلك الحال بالنسبة لسعيه إلى تطبيق نظام البكالوريا.

وشددت على ضرورة توفير شرح وافٍ للمجتمع حول أي مقترح تعليمي جديد لضمان تفهّمه وتقبّله، معربة عن رفضها لفكرة الاختيار بين نظام البكالوريا والنظام الحالي في الثانوية العامة، لأن وجود مسارين مختلفين قد يؤدي إلى عدم تحقيق العدالة بين الطلاب.

 

معايير تطوير المناهج

فى المقابل أكد الدكتور محمد عبد العزيز، الأستاذ بجامعة عين شمس، أن نظام البكالوريا ليس تطوير منظومة تعليمية، بل هو تغيير سرعان ما سيعتريه الكثير من المشكلات، ودليل على عدم وجود استراتيجية موحدة للتعليم، موضحا أنه كان ينبغى أن يطرح الموضوع فى إطار منظومة تعليمية لمتعلم مر بمرحلتى تعليم أساسي، ووفق إطار عام ونوعي، وهذا لم يتم .

واعتبر «عبد العزيز» فى تصريحات صحفية أن ما تم طرحه من قبل وزير تعليم الانقلاب كان مجرد تغيير مسمى شهادة ليس لها علاقة بمفهوم البكالوريا الدولية المعروفة مؤكدا أن نظام البكالوريا المعلن لم يتضمن سوى تغيير ترتيب مقررات مفتقدة إلى معايير حقيقية ولم يتم الإعلان عن المعايير التى تبناها وزير تعليم الانقلاب فى هذا التغيير، فلم يتم طرح إطار عام للمرحلة أو إطار نوعى وفق ما تحدده معايير تطوير المناهج العالمية، وارتباطها بمصفوفة المدى والتتابع للمراحل السابقة .

وأشار إلى أن ما تم الإعلان عنه مجرد طرح لمقررات تم ترتيبها بشكل قد يبدو ظاهريًا تطويرا لكنه يفتقر إلى معايير تطوير المناهج، ويحمل العديد من الأزمات التى ستأتى فى حال التطبيق دون دراسة مستفيضة.

وحذر «عبد العزيز» من أن نظام البكالوريا الجديدة سيزيد من أزمة الدروس الخصوصية والعبء على كاهل الأسر، وذلك لعدد من الأسباب، منها نظام التحسين الذى سيتسبب فى زيادة التنافسية بين الطلاب، وخاصةً أن التقييم أصبح على مدار سنتين، بالإضافة إلى أنه لا يمكن أن يتم إقرار نظام تعليمى فى غياب الإطارين العام والنوعى والمعايير المتبعة فى تطوير نظم التعليم المعترف بها دوليًا، بالنسبة لنظام المسارات المعلن يختلف عن IG وعن النظام الأمريكي، ولا يوجد أى تشابه لا فى المعايير أو المضمون.

 

البناء المعرفى

وأوضح، أنه من ضمن سلبيات النظام الجديد أيضًا أنه إذا تمت مقارنته بنظام الثانوية العامة الحالى زاد الأمر صعوبة، رغم تحديد المسارات التى يمكن أن يتوجه إليها الطالب للأسباب الأتية: لابد قبل طرح المنظومة أن تتم مراجعة حقيقية للبناء المعرفى للطالب خلال مرحلتى التعليم الأساسي، لأنها هى التى يبنى عليها المقترح الجديد للثانوية العامة، حتى تكون هناك استمرارية فى تتبع بناء الطالب بعد انتهائه من التعليم الأساسي، وبالنسبة للمرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوي)، وفق هذا المقترح هى مرحلة تأسيسية يتلقى فيها الطالب مقررات تعمل على استثارة قدراته وتأسيسه لما هو قادم حتى يستطيع اختيار المسار الذى يريد أن يسير فيه فى المرحلتين الثانية والثالثة، التى سيحصل من خلالها على التقييم للدخول الجامعة.

وكشف «عبد العزيز» أن هناك مشكلة حقيقية تتمثل فى وجود مقرر أطلق عليه «العلوم المتكاملة»، الطالب الذى سيطبق عليه هذا الطرح لم يدرس العلوم المتكاملة وفق معاييرها المعروفة، ثم أن هذا المقرر الموجود فى الصف الأول الثانوى المطبق هذا العام، وسيستمر وفق ما أعلنه وزير تعليم الانقلاب مفتقد للمعايير العالمية، محذرا من أن هذه المادة تفقد الطلاب أساسيات فى العلوم الثلاث «فيزياء وكيمياء وأحياء»، وبالتالى تطيح بقدرات الطالب الراغب فى دخول المسار العلمي، وستجبره على الاتجاه فى المسارات الأخرى، والتى قد لا تتفق مع قدراته.

وأكد أن عملية التحسين، ووجود أكثر من فرصة سيؤدى إلى تفاقم الدروس الخصوصية، خاصةً مع غياب دور المدرسة الحقيقي، معتبرا أن فرض رسوم على الطالب الراغب فى التحسين ضد مبدأ تكافؤ الفرص، لأنه سيكون للمقتدر فقط .

وطالب «عبد العزيز» بضرورة إعادة النظر فى النظام الجديد، محذرا من أن هذا النظام سوف يتسبب فى كارثة سنجنى عواقبها فى الجامعة، وستتحمل عواقبها الأسر المصرية، حيث سيؤدى إلى تفاقم الدروس الخصوصية وافتقاد الطلاب الشغف للدخول إلى الجامعة وفق قدراتهم، وعدم الثقة فى أى تطوير قادم فى نظام التعليم.