بعد عام من “هبرة ” السيسى.. صفقة “رأس الحكمة” لم تغن عن تعويم الجنيه أو بيع الأصول.. فمن المستفيد ؟

- ‎فيتقارير

 مع مرور عام على توقيع  سلطة الانقلاب عقد صفقة “رأس الحكمة” بالساحل الشمالي ، بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات، ورغم ما شابها من غموض وطالها من انتقادات وأثارت مخاوف المصريين من التفريط في أراض جديدة على طريقة التنازل عن جزيرتي “تيران وصنافير” بالبحر الأحمر، للسعودية عام 2016، وببقعة سحرية على ساحل البحر المتوسط، اندفعت الأذرع الاعلامية للمنقلب السيسى في  الاسهاب في الوعود المكذوبة ، حيث زعم رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولى أنها “ستدر على مصر 150 مليار دولار استثمارات”، وأنها “تستقطب 8 ملايين سائح إضافي”.

إلا أن الصفقة لم تغن حكومة الانقلاب عن اتخاذ عدة قرارات اقتصادية مثيرة للجدل بينها رفع سعر الفائدة، وتحرير سعر صرف الجنيه للمرة الرابعة منذ العام 2016، والثالثة خلال 3 سنوات.

ولم يتمكن الجنيه المصري من التعافي أو استعادة بعض قيمته المفقودة بل انخفضت قيمته من نحو 31 جنيها أثناء الإعلان عن الصفقة ليسجل بعد شهر واحد وفي 6 مارس 2024، انخفاضا قياسيا وصل بقيمته إلى نحو 51 جنيها.

وسبق اتفاق رأس الحكمة وضع اقتصادي ومالي متدهور لعصابة الانقلاب ، وتراجع رصيد البلاد من النقد الأجنبي، وانخفاض هو الأكبر بقيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، حيث وصل سعره بالسوق السوداء إلى 72 جنيها مقابل الدولار، في رقم تاريخي وغير مسبوق.

كما سبق الصفقة بـ4 شهور اندلاع العدوان على غزة 7 تشرين الأولأكتوبر 2023، ما تبعه من تأزم بحركة التجارة بالبحر الأحمر، وخسارة البلاد حوالي 6 مليارات دولار من دخل قناة السويس، فيما لم يكن لصفقة رأس الحكمة دور في إنعاش الموازنة العامة للبلاد إثر تلك الخسائر، بحسب تأكيد خبراء.

وفي 28  فبراير 2024، وبعد 5 أيام من الإعلان عن الصفقة أطلق المنقلب السفيه عبدالفتاح السيسي، لفظ “هبرة” على الصفقة، مطالبا رئيس الوزراء باقتطاع 10 مليارات جنيه منها لصندوق خاص، ما دفع للتشكيك في فائدة الصفقة.

ولذا يرى مراقبون وخبراء أن الوعود لم تتحقق، وما زال المصريون يعانون من الفقر والغلاء وزيادة معدلات التضخم، وتأزم وضع الجنيه، وتعاظم خدمة الدين الخارجي، والاستمرار في الاقتراض من المؤسسات الدولية، وإعلان الحكومة بيع المزيد من الأصول العامة والشركات الحكومية والأراضي المصرية.

وفي الوقت الذي قيل فيه إن الصفقة تسهم في تعزيز السيولة الدولارية بالبلاد وتخفف من أزمتها الاقتصادية، شهدت البلاد أزمة تخفيف أحمال الكهرباء وقطع التيار جميع أنحاء البلاد. وذلك في أزمة أغضبت المصريين، وتفجرت إثر تراجع إمدادات الغاز “الإسرائيلي” لمصر، وتراجع الإنتاج المحلي منه، وعجز البلاد عن توفير العملة الصعبة لاستيراد شحنات الغاز المطلوبة لمحطات الكهرباء.

ومع الإعلان عن الصفقة وحصول مصر على 24 مليارا منها خلال شهرين فقط، والحديث عن استثمارات تصل إلى150 مليار دولار، واصلت القاهرة الاقتراض الخارجي.

 وبعد شهر واحد من الإعلان عن الصفقة رفع صندوق النقد الدولي تمويله المقرر للقاهرة من 3 إلى 8 مليارات دولار يجري صرفها على 6 شرائح تنتهي في خريف 2026، لتصبح القاهرة ثاني أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين.

 واعترف وزير المالية  بحكومة الانقلاب أحمد كوجك، في يناير الماضي، باستخدام جزء من صفقة “رأس الحكمة” لسداد الدين الخارجي وتراجع قيمته 3 مليارات دولار إلى 155.3 مليار دولار بنهاية أيلول/ سبتمبر الماضي.

رفع أسعار وتضخم وبيع أصول

ورغم الحديث الحكومي عن فوائد الصفقة للمصريين، إلا أنها قامت برفع أسعار أغلب السلع الأساسية والاستراتيجية كالوقود والكهرباء وتعريفة المياه والنقل والاتصالات والأدوية مرات عدة، ورفع سعر الخبز المدعم من 5 قروش إلى 20 قرشا.

وبعد توقيع الصفقة، رفعت مصر أسعار الوقود 3 مرات: في آذار/ مارس، وتموز/ يوليو، وتشرين الأول/ أكتوبر، بإجمالي زيادة بأسعار البنزين بين 33 و38 بالمئة، والسولار بنسبة 63 بالمئة.

ورفعت هيئة الدواء المصرية سعر 400 دواء من أيار/ مايو وحتى تموز/ يوليو، و600 مستحضر من أيلول/ سبتمبر حتى نهاية العام الماضي، مع احتمال زيادة نحو 1000 صنف العام الجاري بحسب رئيس شعبة الأدوية علي عوف.

ولم تمنع صفقة رأس الحكمة حكومة الانقلاب  أيضا، من اللجوء إلى خيار بيع الأصول العامة، كما يؤكد مراقبون. والأسبوع الماضي، أعلن وزير الاستثمار حسن الخطيب، بحكومة الانقلاب  دراسة نقل إدارة جميع شركات الدولة لصندوق مصر السيادي لإعادة هيكلتها، وجذب القطاع الخاص، وطرحها للاكتتاب العام بالبورصة المصرية، فأين ذهبيت مليارات صفقة دار الحكمة ومن المستفيد .