يبدو أن نظام الانقلاب ، قرر أن ينفذ خطته لحصار المساجد في رمضان هذا العام، ولكن بشكل سري وغير معلن، كما كان يحدث في عهد وزير الاوقاف المجرم ، مختار جمعة ، فعلى غير العادة، لم تفرض وزارة الأوقاف هذا العام أي قيود على شعائر شهر رمضان من الصلاة في المساجد والتراويح ومقارئ القرآن، وحتى لم تصدر أية تعليمات عن التهجد والاعتكاف.
ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يصل إجمالي عدد المساجد في مصر إلى 151 ألفا و194 مسجدا، فيما تسجل محافظة الشرقية العدد الأكبر بإجمالي 16 ألفا و431 مسجدا، يليها محافظة البحيرة بإجمالي 14 ألفا و294 مسجدا، ومحافظة الجيزة بإجمالي 10 آلاف و363 مسجدا.
وبحسب تقرير لمحافظة القاهرة العام الماضي، فإن إجمالي عدد المساجد الحكومية والأهلية بالمحافظة بلغ 3450 مسجدا، وعدد الزوايا الحكومية والأهلية 3884 زاوية.
الضوابط الجديدة
الضوابط المعلنة حول صلاة التراويح من قبل وزارة الأوقاف هذا العام وقبيل قدوم شهر رمضان خلت تماما من أية قيود سابقة، وأكدت أن صلاة التراويح ستُقام بـ20 ركعة في المساجد الكبرى، تاركة الحرية للمصلين في إقامة الصلاة بجزء كامل من القرآن الكريم أو بأجزاء أقصر، وفقا لما يحدده كل مسجد.
وأعلنت الوزارة عن عودة الملتقى الفكري الإسلامي، في ساحة مسجد الإمام الحسين، ليكون منصة ثقافية ودينية تعزز الأجواء الرمضانية، كما قادت الوزارة حملات نظافة موسعة، لتحسين بيئة المساجد وتزيينها وخلق أجواء مريحة وهادئة لاستقبال المصلين.
وأشارت إلى تدشين ندوات توعوية، وتنظيم قوافل دعوية، وندوات حول قضايا مهمة، مع إطلاق ما سمته بـ”أكبر خطة برامج دعوية وقرآنية ومسابقات”، مع الاستعانة بكبار القراء والمبتهلين، ودروس الأئمة في 4 آلاف مسجد يوميا بعد صلاة العصر.
و رغم ذلك الانفراجة إلا أن أن سلطة الانقلاب حرصت على انتداب مشايخ وقراء السلطة لإمامة المصلين بصلاة التراويح في المساجد الكبرى والمهمة بالقاهرة ، بمسجد الإمام الحسين، المشايخ أحمد نعينع وعبدالناصر حرك، وأحمد تميم المراغي، وأحمد عوض أبوفيوض، والسيد عبدالكريم الغيطاني وعبدالفتاح الطاروطي، وطه النعماني.
ويعقد 27 ملتقى فكريا بعد صلاة العشاء و21 ملتقى بعد صلاة الظهر بمختلف المحافظات، كما تطلق مجالس الإقراء في 62 مسجدا أسبوعيا عقب صلاة العصر لقراءة كتاب “الروض الأنف في شرح السيرة النبوية”.
“قيود سرية”
وفي قراءته لأسباب رفع الأوقاف القيود على شعائر رمضان، قال أحد المشايخ في تصريحات صحفية “القيود قائمة وإن لم تكن علنية”.
وأوضح أن “التعليمات الأمنية ترسل بشكل دوري عبر إدارات ومديريات الأوقاف التي تستقبلها من الأمن الوطني ومن الوزارة، والمطلوب من الأئمة الرقابة على المساجد والمصلين وعلى زملائهم”.
وأشار إلى أن الوزير السابق جفف منابع المساجد بشكل كبير وحرمها من الإعمار والتزين وتجديد فرشها وأدواتها من كهرباء وحمامات ومكبرات صوت وغيرها بل حرمها من دورها الاجتماعي بدعم الفقراء أو حتى دعم الفلسطينيين، بقراره العام الماضي بمنع التبرعات في المساجد.
وفي أيار/ مايو الماضي، وبالتزامن مع دعوات دعم المقاومة الفلسطينية في غزة، إزاء حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية، حذرت وزارة الأوقاف، الأئمة والخطباء، من الدعوة لجمع التبرعات تحت أي مسمى على المنبر، وعدم وضع صناديق جمع المال بالمسجد أو ملحقاته أو محيطه، مشددة على عقاب المخالفين.
“قيود أمنية”
وفي الأعوام الماضية كانت هناك الكثير من القيود، وحتى الرقابة الأمنية على المصلين، والتبليغ بأسماء المعتكفين، وغيرها من القيود، والرقابة للأئمة وتوجيههم فكريا وتدجين الخطباء عبر حشدهم للدورات العسكرية بالكلية الحربية.
وفي فبراير 2024، وقبل نحو شهر من قدوم رمضان، أصدر وزير الأوقاف السابق الانقلابي المجرم محمد مختار جمعة، قرارات اعتبر منتقدوه أنه أراد منها تحويل مساجد مصر إلى ثكنة عسكرية ووحدة شرطية لمراقبة المصلين.
حينها أعلنت وزارة الأوقاف بحكومة الانقلاب ضوابطها لشهر رمضان، مطالبة الأئمة ومقيمي الشعائر والدعاة بتسجيل أسماء المصلين، ومنع المنشورات، ومنع التصوير بالمساجد، وحظر الحديث السياسي بها.
كما قررت منع توزيع أي كتب أو إصدارات أو مجلات أو مطويات أو خلافه أثناء الاعتكاف، وحظر تصوير المعتكفين أو بث أي صور لهم.
أسوء وزير أوقاف
وكان مختار جمعة، أطول الوزراء في المنصب خلال حكم المنقلب السفاح عبدالفتاح السيسي، قد فرض قيودا أمنية ورقابة واسعة على المساجد والخطباء والأئمة والمصلين طوال 11 عاما بدعوى مكافحة الإرهاب، وكذلك خلال أزمة انتشار جائحة (كوفيد 19) بأعوام 2020 و2021 و2022.
جمعة لطالما قام بتحديد عدد المساجد لأداء صلاة التراويح، وعدد المصلين بكل مسجد، محددا وقت صلاة التراويح بنحو نصف ساعة فقط، مع منع التهجد، والاعتكاف، وتقليل الدروس الدينية بعدد قليل من المساجد، وحتى منع صلاة العيد بالساحات وتحديدها بـ10 دقائق وفي المساجد الكبرى فقط ومنعها في الزوايا.
ولطالما أعلن جمعة، أنه “لن تُفتح المساجد من بعد صلاة التراويح حتى صلاة الفجر، ومن أراد التهجد فعليه به في بيته”.
كما كان يقرر فتح المساجد لصلاة عيد الفطر قبل موعده بـ10 دقائق، كما قصر تكبيرات العيد على 7 دقائق فقط، وخطبة العيد بـ10 دقائق، ثم غلق المسجد بعد الخطبة بـ10 دقائق، مع صلاة النساء فقط بالمساجد المخصصة لها.
لكنه وفي رمضان الماضي، رفع بعض القيود المفروضة على صلاة التراويح والتهجد، والتي أغضبت المصريين، وبعد أن كانت صلاة التراويح مقصورة على بعض المساجد، جعلها مفتوحة ورفع تحديد زمن الصلاة وعدد الآيات والأجزاء، لكن الرقابة الأمنية بقيت هي الأساس في تعامل الأئمة مع المصلين.