رغم أنه يخلق المزيد من الصعوبات لفقراء المدن والريف في الحصول على حقوقهم بالرعاية الصحية، إلا أن المنقلب عبدالفتاح السيسي وبرلمانه قاموا بالموافقة عليه وتمريره ما أثار غضب العديد من النشطاء والحقوقيين الذين قاموا برفع دعوى لإلغاء قرار السيسي وبرلمانه بخصخصة المستشفيات لصالح المستثمرين، فهل سينجحون في إعادة الحق الذي سلبه السيسي من الفقراء؟.
وفي أول درجات التقاضي التي لم يجد الحقوقيون سواها لإلغاء القرار الظالم بحق فقراء مصر، قررت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري، تأجيل الدعوى القضائية المقامة من المحامي الحقوقي خالد علي، بصفته وكيلاً عن عدد من الأطباء المصريين، التي طالبت بوقف فوري لقرارات خصخصة المستشفيات الحكومية لصالح مستثمرين، والطعن على قرارات خصخصة بعض المنشآت الصحية العامة، وذلك تحت مسمى المشاركة مع القطاع الخاص، إلى جلسة 27 مايو المقبل، لحضور ممثلين عن الهيئة العامة للاستثمار للإدلاء بأقوالهم.
تسليع صحة المصريين
وأصدر عبد الفتاح السيسي، أصد في 24 يونيو 2024، القانون رقم 87 لسنة 2024 بشأن منح التزام المرافق العامة لإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، وذلك رغم اعتراض نقابة الأطباء رسميا وكذلك اعتراض العديد من المؤسسات المهنية والحقوقية على خصخصة المستشفيات، ودون حتى أخذ رأي المعنيين بالأمر واتباع سياسة فرض الأمر الواقع.
وواصلت الحكومة طرح تلك المستشفيات عبر تصريحات لوزير الصحة خالد عبد الغفار ومن خلال موقع الهيئة العامة للاستثمار من قبل صدور القانون أو لائحته التنفيذية، التي صدرت في سبتمبر 2024.
دعوى لوقف قرار المتعاص
وقال المحامي الحقوقي خالد علي، إن الدعوى أقيمت في 4 يوليو الماضي، وتم تحديد الجلسة في الموعد المذكور لترك مدة زمنية حتى تنتهي هيئة المفوضين بمجلس الدولة – رأيها استشاري وليس إلزاميا لهيئة المحكمة – من إعداد تقريرها القانوني حول الدعوى، ويتم وضعه أمام المحكمة في الجلسة المحددة لنظرها.
واختصمت الدعوى التي حملت الرقم (77456 لسنة 87 ق) عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الصحة والسكان، والرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار.
وذكرت الدعوى أن وزير الصحة، وكذا موقع الهيئة العامة للاستثمار، أعلنا طرح 21 منشأة صحية من طريق منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، وكان ذلك كله قبل صدور القانون 87 لسنة 2024 وقبل صدور اللائحة التنفيذية، فضلاً عما أصاب النصوص التشريعية من عوار دستوري يعرض مصالح الطاعنين وحقوق المصريين للخطر.
وأضافت أن تلك النصوص والقرارات تؤدي إلى فتح الباب للاستغناء عن 75% من نسبة العاملين بتشغيل تلك المنشأة على النحو الوارد بالبند السابع من المادة الثانية، ما يهدد استقرار الطواقم الطبية، وسيؤثر سلباً في نظم تدريبهم بالمستشفيات المتميزة التي ستُمنَح للمستثمرين.
وذكرت الدعوى أن نصوص التقاعد تعرّض حقوق المنتفعين بخدمات الصحة العامة والخدمات الوقائية والإسعافية، والخاصة بتغطية الكوارث بجميع أنواعها والأوبئة التي تلتزم الدولة تقديمها للمواطنين مجاناً، للخطر، حيث تقلص عدد المستشفيات التي تقدم تلك الخدمات، عن طريق تغيير طبيعتها من مستشفيات حكومية إلى مستشفيات استثمارية.
رفض صارخ من الأطباء
والدعوى مقامة من الأطباء مجتمعين، “الدكتورة منى معين مينا، والدكتور إيهاب محمد جمال الدين، والدكتور رشوان شعبان، والدكتور أحمد محمود الجندي، والدكتور أحمد فتحي عبد العزيز، والدكتورة جيهان يوسف أمين”.
من جهته، وصف أمين صندوق النقابة العامة لأطباء مصر، أبو بكر القاضي، تمرير القانون من دون استجابة لمطالبهم بأنه “أمر يثير الإحباط والحيرة”، وقال إن النقابة كانت واضحة وتوجهت -بخطابات رسمية- للبرلمان لرفض تمريره.
وأوضح أن القانون يضر بالمريض، خاصة محدودي الدخل، الذين سيواجهون مستثمرا يريد الربح، كما أنه يهدد استقرار 75% من الطواقم الطبية بالمستشفيات ويجعلهم تحت رحمة مصالح المستثمر، مما يهدد ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية.
وكشف القاضي عن أن النقابة ستواصل دورها “رغم الإحباط مما حصل” في الرقابة على تنفيذ القانون وإيجاد ضمانات لعدم حدوث ما حذرت منه في لائحته التنفيذية، إلى جانب دعم الطواقم الطبية في مواجهة أي تجاوزات قد يرتكبها المستثمرون.
بدورها، قالت النقابية والحقوقية المهتمة بملف الصحة منى مينا، “إن كل الدعاية الحكومية للقانون لا تنطلي على طفل صغير، لأنها أعطت مستشفيات الدولة المشيدة بأموال المواطنين على طبق من ذهب للمستثمرين من دون مقابل، من أجل الإدارة والربح، ولا يستطيع أحد الوثوق بمراقبتها لهم”.
وعدّت مينا القانون إقرارا بفشل الحكومة في إدارة المستشفيات وهو ما يعني ضرورة إقالتها أو استقالتها، فلا مجال لتأجير المستشفيات للقطاع الخاص، معربة عن قلقها من السماح للأجانب بالدخول في هذا المسار، “خاصة المحسوبين على إسرائيل، في ظل سيطرة الشركات العابرة للحدود على هذا المجال”.
وبرأي الحقوقية مينا، فإن الحكومة أعادت أطروحات قديمة مشابهة سبق أن تم طرحها ورفضها نقابيا ووطنيا عام 2008، كما أعادت “سيناريو خصخصة سوق الدواء المصري وهدم شركات الأدوية الوطنية”.
وتوقعت أن يسهم القانون في الإضرار بالخدمة الصحية للمواطنين البسطاء والطواقم الطبية، “وهو ما يتنافى مع ثوابت الأمن القومي المصري”.