بدأت حكومة الانقلاب في اتخاذ خطوات من شأنها ضبط السوق وكبح فوضى الأسعار، التي وصلت إلى مستويات جنونية في السنوات الأخيرة، والتي يُرجعها مطورون عقاريون بالأساس إلى التضخم الناجم عن تعويم الجنيه المصري أمام الدولار عدة مرات ورفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، بينما يتهم محللون الكثير من المطورين باستغلال خشية الكثير من أصحاب المدخرات من تدهور الجنيه ورفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، لتحقيق مكاسب خرافية من دون أن يتحسبوا لتسبب هذهي الممارسات في دخول السوق في ركود ينذر بأزمة تطاول الجميع.
وبلغت الزيادة في أسعار العقارات 41.9% عام2023، متأثرة بزيادة الطلب وتعرّض القطاع لصدمات خارجية تدفع إلى رفع أسعار مواد البناء المستوردة، ومخاوف المواطنين من تراجع الجنيه أمام الدولار، والتي أدت إلى متوسط زيادة بنسبة 107%، خلال الفترة من سبتمبريلول 2016 إلى نفس الشهر من العام الماضي 2024.
يأتي ذلك وسط حالة من الركود وتوقّع حدوث فقاعة عقارية كبرى تهدد سوق العقارات في مصر في فشل نظام المنقلب السيسي وإهداره مقدرات مصر على الكباري والعاصمة الإدارية .
وكان وزير الإسكان شريف الشربيني”بحكومة الانقلاب قد أكد في تصريحات صحفية ، أن الوزارة تسعى، إلى تسهيل عمليات بيع وشراء وتأجير العقارات، بالإضافة إلى توفير معلومات موثوقة للمستثمرين والمستخدمين، وتقدم المنصة مجموعة متنوعة من العقارات السكنية والتجارية والأراضي، مع إمكانية البحث والتصفية حسب الموقع ونوع العقار.
ووفق الوزير، فإن المبادرة لمشاركة جميع الأطراف من وكلاء عقاريين ومطورين ومؤسسات مالية وجهات حكومية، لإنشاء منظومة اقتصادية موحدة، متكاملة لسوق عقاري مركزي منظم، قادر علىجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتصدير العقار للخارج.
وطالب خبراء الاقتصاد حكومة الانقلاب بالتوقف عن اتخاذ الأنشطة العقارية كقاطرة للتنمية ومنحها أولوية في أنشطة الصادرات وجلب العملة الصعبة، باعتبار أنها لم تأت بأي نتائج إيجابية، على معدلات النمو وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، خلال العقد الماضي، مشددين على ضرورة التفات الحكومة إلى إعطاء أولوية لاقتصاد متنوع قائم على التصنيع والتكنولوجيا عالية القيمة.
وأكدوا أن القطاع العقاري تظل قدرته محدودة على دفع عجلة التنمية الاقتصادية، مقارنة بالصناعة والزراعة والسياحة، منوهين في دراسة اقتصادية صدرت، قبل أيام، إلى أن صادرات العقار لا توفر سوى تدفقات رأسمالية مؤقتة ومحدودة، ولا تضيف أي قيمة إلى الاقتصاد، لأن القائم بها يستهدف تحويل العقار كمخزن للثروة، خلال فترة التضخم وعدم الاستقرار المالي.
يوضح خبراء المركز أنه بمجرد شراء العقار يتوقف عن المساهمة في خلق قيمة اقتصادية جديدة، وفي أفضل الأحوال يولد إيرادات إيجارية يصعب فرض الضرائب عليها، مذكرين بأن قطاع البناء يقدم أجوراً متدنية للمهنيين، الذين يعملون في ظروف عمل سيئة، ومعدلات توظيف غير رسمية، تعزز عدم الاستقرار المالي والنمو المستدام.
وحذر الخبراء من تفضيل حكومة الانقلاب للمشترين الوافدين للعقارات، مع ارتفاع الأسعار، بما يقلل من قدرة السكان المحليين على تحمل التكاليف المتزايدة للعقارات، التي تسود أسواقها المضاربة، مع وجود فجوات في المعلومات بين المشترين والمطورين العقاريين.
ورصد الخبراء توسع الحكومة في إقامة 49 منطقة حضرية جديدة، معظمها بالقرب من العاصمة ومحيط القاهرة الكبرى، امتلأت بالأحياء السكنية، على مساحة 2.2 مليون فدان، تكاد تكون خالية من السكان، حيث تبلغ سعتها نحو 27 مليون نسمة، بينما لم يتجاوز عدد المقيمين بها عام 2023 نحو 1.7 مليون نسمة فقط، بما يعكس الاستنزاف المفرط والمستمر للموارد البيئية المكلفة للدولة.