دراسة: 3 محددات وضعها الخائن “السيسي” لتفريط مصر بأوراق الضغط على تل أبيب

- ‎فيتقارير

 

قالت دراسة نشرها موقع “الشارع السياسي”: إن “العديد من المحللين أشاروا إليى أن حسابات واعتبارات تكبل أيدي الدولة المصرية بزمن الخائن عبد الفتاح السيسى – من وجهة نظر النظام – في استخدام ما لديها من أوراق ضغط ضد “إسرائيل” في حربها الحالية علي غزة، وعلى رأسها:

 

– المحدد الأمني والأيديولوجي:

 

وقالت: إنه “مرتبط بتحفظات الجانب الرسمي في مصر على التوجه الإسلامي للمقاومة الفلسطينية، في سياق موقفه السلبي من عموم التيار الإسلامي في المنطقة، وخصوصًا في ظل أزمته المتواصلة في العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية”.

 

وأوضحت أنه يتشكل انطباع بعدم رغبة الجانب المصري والعديد من الأطراف العربية بخروج المقاومة الفلسطينية منتصرة في معركة طوفان الأقصى، خشية تداعيات غير مرغوبة لذلك على الوضع الداخلي المصري وعلى حضور التيار الإسلامي في المنطقة.

 

وأشارت إلى أنه بعد الانقلاب على انتفاضات “الربيع العربي” التي جاءت بالإسلاميين إلى السلطة، تبدلت المنطقة وتحولت إلى واحة استبدادية في ظل الهيمنة الأمريكية، وظهر مشروع إعادة بناء الشرق الأوسط، وبرزت تصورات جديدة حول مهددات الاستقرار في نظام سلطوي في المنطقة تحت الهيمنة الأمريكية، إذ لم يعد ينظر إلى الحكم الاستبدادي كتهديد وعقبة تحول دون الاستقرار، بل أصبح الاستبداد مطلبًا ضروريًا للاستقرار، ولم يعد يشار إلى وجود الاستعمار الصهيوني الإسرائيلي كمهدد للاستقرار، وتبدلت تعريفات الصديق والعدو، فاختزلت مهددات الاستقرار بوجود حركات الإسلام السياسي على اختلاف توجهاتها السياسية سواء الديمقراطية السلمية أو الجهادية الثورية.

 

تصفية القضية وتشجيع التطبيع

ولفتت الدراسة إلى تبلور رؤية جديدة تقوم على تصفية القضية الفلسطينية وإدماج المستوطنة الاستعمارية الإسرائيلية في نسيج المنطقة، من خلال تأسيس تحالف بين الإمبريالية الأمريكية والاستبدادية العربية والاستعمارية الإسرائيلية تحت ذريعة مواجهة خطر مشترك يتمثل بالحركات الإسلامية؛ التي تقوم أيديولوجيتها الدينية السياسية على مناهضة الإمبريالية والاستبدادية والاستعمارية، وأصبحت الأنظمة الاستبدادية العربية متماهية مع الرؤية الإمبريالية الأمريكية والمستعمرة الصهيونية في بناء التصورات الأساسية حول المنطقة، وأصبحت تتبنى السردية الأمريكية الإسرائيلية حول تعريف الاستقرار وماهية الصديق والعدو.

 

 

وأوضحت أنه وبلغت الكراهية والعدوانية تجاه الحركات الإسلامية في المنطقة أوجها بعد الانقلاب على “الربيع العربي”، وهو ما تجلى في بناء استراتيجية تقوم على التخلص من الإسلاميين محليًا، وتسليم قيادة المنطقة إقليميًا للمستعمرة الاستيطانية اليهودية، ومحو وإزالة وتصفية القضية الفلسطينية؛ من خلال نسج تحالفات مع الأنظمة العربية الاستبدادية والإمبريالية الأمريكية والمستعمرة الصهيونية، أسفرت عن توقيع اتفاقات السلام “الإبراهيمية”، وبناء تحالفات عسكرية مشتركة، من خلال استراتيجية أمريكية غربية طموحة تسعى إلى إدماج المستعمرة الاستيطانية اليهودية في نسيج المنطقة العربية الإسلامية، تحت ذريعة مواجهة خطر مشترك تم اختزاله بمقولة “الإرهاب” الإسلامي، والذي بات يكافئ مصطلح “الإسلام السياسي” وحركاته المقاومة بنسختيه السنية والشيعية، وممثليه في المنطقة؛ المنظمات السنية المنبثقة عن أيديولوجية الإخوان المسلمين المسندة من تركيا، والحركات السياسية والمقاومة الشيعية المنبثقة عن أيديولوجية ولاية الفقيه المسندة من إيران.

 

تصنيفات الإرهاب

ويبدو بحسب الدراسة أن الأنظمة الاستبدادية العربية المطبعة كانت في الطريق لوضع حركة حماس على قوائمها الإرهابية بعد أن صنفت جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، لكن تعقيدات المشهد الفلسطيني حالت دون ذلك، فعقب إصدار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في 28 فبراير 2015 حكمًا بإدراج حركة حماس ضمن المنظمات الإرهابية، ألغت محكمة الأمور المستعجلة في مصر الحكم المذكور في 6 يونيو 2015، وقضت بعدم الاختصاص في نظر الدعوى، وقد خلت القائمة “الإرهابوية” التي أصدرتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين في 8 يونيو 2017 والتي تضمنت تصنيف 59 فردًا و12 كيانًا، قالت إنها مرتبطة بقطر، من وجود حركة “حماس”.

 

وفي هذا السياق؛ قال الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس، في 29 أكتوبر 2023، الذي يشغل حاليًا منصب مستشار في معهد واشنطن، وكان من مهندسي ما وصفت بأنها عمليات السلام أثناء حكم كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون: إن “دعم الحرب على غزة حتى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ هي رغبة قادة عرب وليس فقط إسرائيل والولايات المتحدة، فحسب روس، إسرائيل ليست الوحيدة التي تعتقد أن عليها هزيمة حماس، مضيفًا: “خلال الأسبوعين الماضيين، عندما تحدثت مع مسؤولين عرب في أنحاء مختلفة من المنطقة أعرفهم منذ فترة طويلة، قال لي كل واحد منهم إنه لا بد من تدمير حماس في غزة”، ونقل عنهم أنه “إذا اعتبرت حماس منتصرة، فإن ذلك سيضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبناها الجماعة، ويعطي نفوذًا وزخمًا لإيران والمتعاونين معها، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي”.

 

إجمالًا لما سبق؛ يمكن القول أن فزع المستبدين العرب تصاعد عقب عملية “طوفان الأقصى” المباغتة في السابع من أكتوبر 2023؛ خوفًا من خطر ظهور موجة جديدة من “الربيع العربي”، وصعود حركات الإسلام السياسي في المنطقة.

 

واعتبرت الدراسة أن ملف حقوق الإنسان في مصر تقدم تفسيرًا آخر لإحجامها عن دعم القضية الفلسطينية كعدم انضمامها إلى جنوب أفريقيا في قضيتها ضد إسرائيل على سبيل المثال؛ حيث إنها تخشى من أن تؤدي مواجهة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية إلى تعرضها للانتقام، عبر جرها إلى محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية من قبل إسرائيل أو أحد حلفائها.

 

ولفتت إلى أن سجن مصر آلاف السياسيين والناشطين بتهم ملفقة من قبل نظام قانوني فاسد، كما اتهم العديد من الناشطين والمنظمات الحقوقية السلطات المصرية بالقتل والاعتقال والتهجير القسري لأهالي سيناء بعد هدم مئات المنازل تحت غطاء مكافحة الإرهاب.

 

– المحدد السياسي والدبلوماسي:

 

وبحسب الدراسة فإن التفريط في الحفاظ علي الدور والمكانة الإقليمية، بسبب رغبة القاهرة في الإبقاء على باب العلاقة مع الكيان المحتل مواربًا لإمكانية لعب دور الوسيط بين المقاومة والحكومة الإسرائيلية، وهو الدور الأهم الذي يحافظ علي مكانة مصر كدولة إقليمية ومحورية في المنطقة.

 

 

وأضافت أن معظم الدول العربية – ومنها مصر – تعتقد أنها لا تستطيع تحدي الموقف الأميركي في القضايا المتعلقة بإسرائيل، وعلى الرغم من أن دولا عربية مثل السعودية ومصر تحدتا الولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية بشأن قضايا مثل إنتاج النفط في منظمة أوبك والعلاقات مع الصين وروسيا، إلا أن كلتيهما غير راغبتين في القيام بذلك في المسائل المتعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ لأنهما تعتقدان أن هذا سيكون بمثابة خط أحمر من وجهة النظر الأمريكية.

 

 

وأوضحت أن هذا ما يفسر سلوكهما وسلوك معظم الدول العربية تجاه دولة الاحتلال، مع اعتبار دول عربية أن السلام مع إسرائيل هو ركيزة الأمن الإقليمي، والضمانة الوحيدة للتودد ونيل رضا واشنطن وما يتبعه من رضا وتمويل المؤسسات الدولية.

 

– المحدد الاقتصادي والتجاري:

 

ويتمثل في بعدين رئيسيين:

 

البعد الأولي، المتمثل في المصالح الاقتصادية المشتركة بين مصر وإسرائيل، خاصة في مجال الطاقة المستمرة بشكل طبيعي، حتى خلال الحرب، فرغم التوقف المؤقت في تدفق الغاز من إسرائيل إلى مصر في بداية الحرب، لكن الاتصالات سرعان ما عادت لمسارها في مارس 2024، وسجلت واردات الغاز الإسرائيلي لمصر زيادة بنسبة 25% في 2023، ويتوقع أن تزيد في السنوات التالية46.

 

وقد تحولت موانئ بحرية مصرية (بورسعيد، وأبوقير، والإسكندرية، والدخيلة، ودمياط) إلى محطات رئيسية للعديد من سفن شحن البضائع والأسمنت، التي اقتصرت مهمتها بشكل رئيسي على نقل الحمولات بشكل دوري من وإلى الاحتلال الإسرائيلي (مينائي أشدود وحيفا) خلال فترة الحرب على غزة.

 

فيما أظهر تحقيق مشترك لموقعي ميدل “إيست آي” البريطاني و”عربي بوست”، في 24 يونيو 2024، أن مئات المنتجات الغذائية التي تصنعها شركات عربية، وتحمل علامة “كوشر” اليهودية، تصل باستمرار إلى دولة الاحتلال، رغم الحرب على غزة ودعوات المقاطعة، وتبين أن “شركات مصرية تتصدر قائمة الشركات العربية التي تصل منتجاتها الغذائية إلى الكيان الصهيوني؛ 37 شركة بإجمالي 206 من المنتجات”.

 

وكان تقرير صادر عن “مكتب الإحصاء المركزي” الإسرائيلي حول حجم التجارة الخارجية لدولة الاحتلال خلال النصف الأول من عام 2024، كشف عن مضاعفة خمس دول عربية (الإمارات – مصر – الأردن – المغرب – البحرين) حجم تجارتها مع تل أبيب، استيرادًا وتصديرًا، منذ بداية حرب غزة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

 

البعد الثاني، المتمثل في الحفاظ علي العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، الذين يلعبون الدور الأهم في حل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر، حيث تدخل الاتحاد الأوروبي وأعلن في شهر مارس 2024 عن تقديم مساعدات مالية واستثمارات لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو خلال الفترة من 2024 وحتى 2027، من بينها تمويل طارئ بقيمة ملياري دولار يصرف في سنة 202450. وقد تم الربط بين هذه التدخلات الخارجية وبين الموقف المصري من الحرب علي غزة.

 

ويتحدث البعض عن مطالبات وضغوط من “إسرائيل” على الإدارة الأمريكية لمحاولة إنقاذ اقتصاد مصر حتى تنتهي العدوان الصهيوني على قطاع غزة.

 

 

وفي هذا السياق؛ ربط البعض سماح النظام المصري لرسو السفينة الألمانية المحملة بشحنة عسكرية إسرائيلية بميناء الإسكندرية، ثم مرور سفينة إسرائيلية عسكرية من قناة السويس، بإنهاء حالة الجمود بين صندوق النقد الدولي والقاهرة، إثر تأجيل موعد المراجعة الرابعة مطلع أكتوبر 2024، والتي بموجبها تنال القاهرة 1.3 مليار دولار (من حجم القرض البالغ 8 مليارات دولار)؛ بسبب مطالبات مصرية بتغيير بعض بنود الاتفاق مع الصندوق مثل تأجيل رفع الدعم عن الوقود والكهرباء، وتأجيل تعويم جديد للجنيه، بحجة التخفيف على المصريين ومواجهة التحديات الإقليمية غير العادية التي تواجهها مصر، حيث أبدت رئيسة الصندوق كريستالينا جورجييفا تفهمها الكامل لحجم التحديات الكبيرة التي تواجهها مصر في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية، وأكدت علي أن الصندوق منفتح على تعديل أي برنامج بما يخدم الظروف على أفضل وجه.