عدم الاستقرار الاقتصادي وانهيار الجنية وراء انسحاب تحالف سعودي اماراتي من مشروع  أرض الحزب الوطني على النيل

- ‎فيتقارير

 

 

في ظل الأوضاع الاقتصادية المُعقدة، التي تشهدها مصر ، تزايدت حركة الانسحابات الاستثمارية من السوق المصري، وخاصة بعض التحالفات الكبرى والشركات من مشروعات استراتيجية كان يُعوّل عليها في دفع عجلة التنمية الاقتصادية. ومن أهم تلك التحالفات، التحالف السعودي الإماراتي من مشروع تطوير مقر الحزب الوطني القديم، وانسحاب شركة مصرية كبرى من مشروع تطوير فندق شبرد التاريخي، إضافة إلى تخوفات من تأثير قرار وقف استيراد سيارات ذوي الهمم على الاستثمارات الأجنبية في مجال السيارات الكهربائية.

وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل الاستثمار في مصر، ومدى قدرتها على جذب رؤوس الأموال في ظل المناخ الحالي.

 

ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه  القاهرة، إلى جذب المزيد من الاستثمارات وبيع الشركات الناجحة واستغلال بعض الأصول لإغراء دول الخليج لضخ المزيد من العملة الصعبة داخل خزينة البنك المركزي المصري الذي ظل يُعاني فترة طويلة من شُح في الدولار..

وأعلن تحالف يضم مجموعة “الشعفار” الإماراتية والشركة “السعودية المصرية للتعمير” عن انسحابه من تنفيذ مشروع تطوير أرض “الحزب الوطني” المنحل، التي تتمتع بموقع استراتيجي مُطل على نهر النيل في قلب  القاهرة..

وكانت هذه الأرض تمثل إحدى أبرز الفرص الاستثمارية العقارية، إذ خطط التحالف لتحويلها إلى مشروع متعدد الاستخدامات يجمع بين السكن، والتجارة، والترفيه.

ويمثل انسحاب هذا التحالف ضربة كبيرة لقطاع العقارات في مصر، خصوصًا أن المشروع كان يُعد من المشاريع الرئيسية التي كان من المتوقع أن تضيف قيمة اقتصادية كبيرة لموقعها المتميز. 

 

كما يعكس هذا الانسحاب تحديات أوسع تواجه الاستثمارات الأجنبية في مصر، ويثير شكوكًا حول قدرة البلاد على جذب مستثمرين جدد في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، إذ أن تكلفة تطوير أرض الحزب الوطني المنحل تصل إلى خمسة مليارات دولار، وفقًا لما أعلنه مسؤول في صندوق مصر السيادي، في نهاية 2023، حينما كشف عن اقتراب الشركة الإماراتية التي انسحبت مؤخرًا من ضخ الاستثمارات من أجل تطوير المنطقة المُطلة على النيل مباشرة. 

 

وكان من المقرر أن تقوم ببناء برجًا بارتفاع 220 مترًا موزعًا على 80 طابقًا، على ضفاف النيل في القاهرة، حيث يطل من الجهة الخلفية على ميدان التحرير والمتحف المصري بوسط القاهرة. 

كما يشمل المخطط إنشاء موقف سيارات متعدد الطوابق يستوعب حوالي ستة آلاف سيارة، وكان من المخطط أن تكون الشراكة بين صندوق السياحة والآثار، التابع لصندوق مصر السيادي، والشركة الإماراتية، قبل الدخول في تحالف مع الشركة السعودية، بحيث يتم تقديم الأرض التي تبلغ مساحتها 16 ألف متر مربع كحصة عينية من قبل الصندوق، بينما تتولى الشركة الإماراتية مسؤولية تنفيذ أعمال التطوير والبناء.

 

 

مؤشر خطر

 

ويرى خبراء أن انسحاب تحالف “الشعفار” من مشروع تطوير أرض الحزب الوطني يمثل مؤشرًا مقلقًا على الأوضاع الاستثمارية في مصر. اذ يعد المشروع فرصة استثمارية محورية، ولكن الانسحاب يُبرز تحديات هيكلية طويلة الأمد قد تُبطئ من وتيرة التنمية الاقتصادية في مصر…

 

ووفق تقديرات اقتصادية، فإن عدم الاستقرار المالي وتحركات العملة غير المنضبطة، والاضطرابات  الاقتصادية أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في تكاليف المواد الخام والطاقة؛ ما أضعف من جاذبية المشروع وأثّر على ربحية الاستثمار بشكل كبير.

 

ويرى سعوديون واماراتيون أن البيئة الاستثمارية في مصر ، تواجه العديد من الصعوبات التنظيمية، حيث الإجراءات البيروقراطية المتأزمة، التي تُعقّد سير الأعمال وتؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاستثمار. إضافة إلى ذلك، فإن غياب وجود استراتيجيات واضحة للمشروعات الاستثمارية يزيد من حالة عدم اليقين بين المستثمرين، ما ينعكس سلبًا على قدرة البلاد على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية…

 

ويعبر انسحاب التحالف مؤشرًا على تراجع ثقة المستثمرين الأجانب في السوق المصري، ما قد يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

 

 

فندق شبرد

 

وفي مارس من العام 2022 كانت مجموعة الشريف القابضة قد وقعت عقدًا مع مجموعة “ماندارين أورينتال الفندقية” لتولي إدارة وتشغيل فندق شبرد التاريخي في القاهرة، وبدورها وقعت المجموعة عقدًا آخر مع شركة “سياك” المصرية الرائدة في مجال المقاولات على مستوى الشرق الأوسط، للمشاركة في أعمال تطوير الفندق. 

 

قررت شركة سياك الانسحاب من المشروع، كرد فعل من الشركة المصرية، بعدما رفضت المجموعة السعودية زيادة قيمة العقد بعدما شهدت تكلفة أعمال التطوير زيادة مُضطردة وصلت إلى قرابة 2.5 مليار جنيه بعدما كانت ستتكلف فقط 1.4 مليار دولار، ما دفعها للانسحاب من الصفقة والتراجع عنها، فيما حل محلها شركة أخرى محلية أيضًا ولكن بتكلفة مُعدلة عما سبق احتسابه.