سفاهة “السيسي”..بيع محطة كهرباء جبل الزيت وتكهين محطتي “العاصمة الإدارية” و”بني سويف” بسبب نقص الغاز

- ‎فيتقارير

 

في الدول المتحضرة التي تديرها نظم واعية ووطنية، لا يمكن أن تجد الممارسات الاقتصادية والإدارية التي باتت مشهودة في ظل حكم السيسي “طبيب الفلاسفة” الذي يضاهي في فهمه نبي الله سليمان، والذي يشخص الداء ويكتب الدواء، ورغم ذلك يدفع بمصر نحو الهاوية وإلى  مستنقع آسن من العجز المالي والإفقار المتعمد، بل وتدمير مشاريع البنية الأساسية، التي بناها هو نفسه بالقروض والديون، والغريب أن يتم التدمير والبيع للأصول في ظل تدفق الديون والأموال من كل حدب وصوب، وهو ما يستدعي وقف بيع الأصول على الأقل، طالما توسع في الديون والاستدانة، حفاظا على أمن البلد الاقتصادي، إلا أنه بسفاهة غير مسبوقة، وبجنون العظمة وعدم المساءلة من مجالس نيابية أو جهات رقابية، أو احترام لشعب أو حفاظ على مستقبل، يقوم السيسي بانتهاك حرمات الوطن وتدميره بدم برد، آمنا العقوبة أو الثورة التي باتت مستحقة ، لا لشيء سوى وقف الدمار والتدمير المتعمد لأصول الدولة المصرية.

 

ففي ظل أجهزة رقابية باتت فارغة من الأحرار والوطنيين، وفي ظل مجالس نيابية مصنوعة في أروقة المخابرات، وشعب بات عاجزا عن حماية مقدراته،  قبلت الحكومة العاجزة عرضا لبيع محطة جبل الزيت لتوليد الطاقة من الرياح بالبحر الأحمر، هو الأعلى سعرا، بقيمة 300 مليون دولار، بسعر يقل 220 مليون دولار تقريبا عن تكلفة إنشاء المحطة المعلنة على الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية، وهو 487 مليون يورو، أي ما يعادل 520 مليون دولار، ويعود تاريخ إنشاء المحطة إلى يوليو 2018، وتقع في الكيلو 118 بمنطقة جبل الزيت جنوبي مدينة رأس غارب في محافظة البحر الأحمر، على مساحة 100 كيلومتر مربع، بقدرة إجمالية تبلغ 1.2 جيغا واط.

 

وعلى الرغم من أن  تكاليف إنتاج الكهرباء بمحطات الرياح تعتبر الأقل في العالم، ولا تكاد تكلف إلا النذر البسيط، إلا أن التفريط في المحطة جاء سريعا وبإصرار غريب، وليس من خلال مناقصة عالمية، بل بالترسية لمستثمر استراتيجي خليجي، غالبا سيكون إماراتيا، حيث دأبت الإمارات وصناديقها السيادية وشركاتها العملاقة  على اختيار  المشاريع الناجحة  والتي تحقق لها أرباحا، وتقوم حكومة السيسي بتقديمها على طبق من ذهب، بلا أي مساءلة من المجالس التشريعية أو الجهات الرقابية.

 

وبحسب بيان للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء ، قال فيه: إن “الحكومة لم تطرح محطة جبل الزيت للبيع أمام المستثمرين، وإنما أجرت عملية طرح تنافسي للاستثمار في المحطة”.

 

تكهين محطتي سيمنز بالعاصمة وبني سويف

 

إلى ذلك، كانت الحكومة قد أرجأت بيع محطتي توليد الكهرباء التي نفذتها شركة سيمنز الألمانية في العاصمة الإدارية، وفي محافظة بني سويف، إلى أجل غير مسمى، على خلفية تفاقم أزمة الغاز الطبيعي في البلاد، وعدم وجود أفق زمني لمواجهة العجز الشديد في الوقود اللازم لتشغيل المحطتين.

 

وأوقفت مجموعة بلاكستون الأميركية، التي تدير صفقة البيع بالتعاون مع بنك HSBC البريطاني، التفاوض على إجراءات البيع التي تمت لحساب شركة “إدرا باور” الماليزية، وعدد من المستثمرين الدوليين، إلى حين الحصول على ضمانات من الحكومة لمصلحة المشترين المحتملين، تتعلق بقدرتها على توريد الوقود اللازم لتشغيل المحطات من شبكة الغاز المصرية.

 

واستفحلت أزمة الغاز مع تراجع الاستخراج بحقول غاز “ظهر” بالبحر المتوسط العام الماضي بنسبة 60%، ما دفع شركة “إيني” المستثمر الرئيسي في الحقول إلى تعديل توقعاتها المرحلية إلى ثلث الطاقة الإنتاجية، بالتوازي مع توقف العمل بمشروعات استخراج الغاز المسندة لشركة بريتيش بتروليوم البريطانية، والشركات الأخرى بمناطق غرب الدلتا، من جراء تأخر الحكومة في دفع مستحقات تلك الشركات عن قيمة الغاز، ومشتقات النفط الموردة لها، خلال العام الماضي.

 

ويقدر الخبراء حاجة الحكومة إلى استيراد 15 شحنة من الغاز المسال خلال شهري يونيو ويوليو المقبلين، في مواجهة الزيادة المتوقعة في استهلاك الكهرباء خلال شهري يوليو وأغسطس 2024، تضمن عدم اضطراب نظام قطع الكهرباء المخطط ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميا.

 

من جهتها، أعلنت وزارة البترول المصرية عن سعيها لاتفاق على استيراد شحنتي غاز مسال شهريا، بما يرفع المعدلات المتوقعة لانقطاع الكهرباء في فصل الصيف ما بين أربع إلى خمس ساعات يوميا.

 

ومع أزمة الغاز،  التي يبدو أنها لن تحل في ظل عقلية السيسي المتوحشة رأسماليا والتي ترفض شراء غاز ووقود بنحو 1 مليار دولار سنويا لتشغيل محطات التوليد، تتوقف أغلب محطات التوليد ويزداد العجز، على الرغم من الديون الكبيرة التي بنيت بها محطات سيمنز، والتي مولتها البنوك الألمانية، ويدفع أعباءها وأقساطها الشعب المصري، من ميزانيته التي يذهب أغلبها إلى سداد الديون وخدمة الدين.

 

وتستهدف حكومة السيسي الفاشلة التي يرقى فشلها إلى درجة الخيانة، بيع أصول مصرية بنحو  1,5 مليار دولار ، خلال العام الجاري 2024، ضمن برنامج الطروحات الحكومية، والذي يفاقم أزمات مصر الاقتصادية ولا يحلها، إذ أن الحكومة ملزمة لتوفير الدولارات للمستثمرين سنويا لتحويل أرباحهم إلى خارج مصر بالدولار، على الرغم من أن مكاسبهم وأعمالم تتم بالجنيه المصري، كما أن قرارات بيع الأصول تحرم مصر من الإنتاج والتصدير، ويبقى كل المصريين مستهلكين، عليهم شراء الكهرباء والمنتجات التي تنتجها تلك الأصول ، وفق أسعار السوق العالمية وما يحدده المستثمر، ومن ثم غياب  قدرة الدولة حتى عن تنظيم الأسواق وضبط الأسعار، بل الأدهى والأمر أن تلك الأصول التي تفشل مصر بإدارتها بنجاح تحقق أرباحا كبيرة بعد سنوات قليلة من البيع للمستثمرين، وهو ما تحقق في شركات الأسمدة والأدوية والأغذية التي فرطت فيها حكومة السيسي ونظام الانقلاب العسكري.