الضبطية القضائية لهيئة الطرق والكباري باب جديد لانتهاك الحريات في مصر

- ‎فيأخبار

أثار قرار وزير العدل بحكومة السيسي، المستشار عمر مروان، منح صفة مأموري الضبط القضائي لـ 100 من العاملين في هيئة الطرق والكباري، جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والسياسية والمجتمعية.

 

مضمون القرار

ويخول القرار 100 موظف من هيئة الطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي، بما يعني إمكانية تحرير محاضر المخالفات المرورية، وضبط المخالفات المتعلقة بسلامة الطرق، وإحالة المخالفين إلى النيابة العامة.

 

قمع الحريات العامة

وحذر معارضو القرار من مخاطر منح صفة الضبطية القضائية لموظفين غير تابعين لوزارة الداخلية، وأعربوا عن قلقهم من إمكانية استغلال هذه الصلاحيات لقمع الحريات العامة، وطالبوا بإعادة النظر في القرار وإخضاعه لمزيد من المناقشات العامة.

يُعدّ قرار منح صفة مأموري الضبط القضائي لموظفي هيئة الطرق والكباري قرارًا مثيرًا للجدل يثير مخاوف متعددة، تتعلق بتعزيز سيطرة الدولة ومكافحة الفساد من جهة، وقمع الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان من جهة أخرى.

ويشير التوسع في منح الضبطية القضائية لموظفين حكوميين، إلى استمرار سياسة منح الضبطية القضائية لفئات متعددة في جهات حكومية، فقد سبق منحها لرجال المرور، وموظفي حماية المستهلك، وأفراد الأمن الجامعي، والأوقاف وغيرهم.

 

تعزيز القبضة الأمنية

يمكن تفسير منح الضبطية القضائية لفئات متعددة في جهات حكومية، كمحاولة من الحكومة لتعزيز سيطرتها على مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك الفضاءات العامة، وقد تُساهم هذه السياسة في فرض النظام والحد من المخالفات، مثل مخالفات المرور وتجاوز القانون.

كما يشير التوسع في منح صفة مأموري الضبط القضائي لموظفي الحكومة إلى استراتيجية لتعزيز الرقابة والسيطرة على العمل الحكومي، وتحسين فعالية تنفيذ القوانين وتطبيق العدالة، بحسب المسؤولين.

ويُثير توسيع منح صلاحيات الضبطية القضائية لموظفي الحكومة، بما في ذلك موظفو هيئة الطرق والكباري، مخاوف جدية حول آثاره على هيكل الحريات العامة في مصر، إذ قد تؤدي السلطات القضائية الموسعة إلى تقييد الحقوق والحريات الفردية، مثل حرية التعبير والتظاهر السلمي، وقد تُؤدي إلى زيادة مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان، مثل الاعتقال التعسفي والاحتجاز دون وجه حق، وقد تُساهم في إضعاف سيادة القانون من خلال منح صلاحيات واسعة لموظفين حكوميين دون رقابة كافية من قبل السلطة القضائية، كما تُستخدم هذه الصلاحيات الجديدة لقمع المعارضة والاختلاف عن الرأي الرسمي.

 

دولة بوليسية

وأعرب رئيس محكمة استئناف الإسكندرية سابقًا، المستشار محمد عوض، عن قلقه من توسيع نطاق منح صلاحيات الضبطية القضائية لموظفي الحكومة، بما في ذلك موظفو هيئة الطرق والكباري.

ويرى المستشار عوض أنّ هذه الخطوة تُشير إلى تغير في دور الموظفين الحكوميين، ففي الماضي، كانت وظائفهم تقتصر على تقديم الخدمات للمواطنين. أما الآن، يُطلب منهم أيضا ممارسة مهام أمنية.

وحذر المستشار عوض من مخاطر هذا التوسع على الحريات العامة، حيث قد تُستخدم هذه الصلاحيات لقمع المعارضة وحرية التعبير، معربا عن قلقه من إمكانية إضعاف سيادة القانون من خلال منح صلاحيات واسعة لموظفين حكوميين دون رقابة كافية من قبل السلطة القضائية.

ودعا المستشار عوض إلى إعادة النظر في هذه السياسة وإجراء حوار مجتمعي شامل لمناقشة دلالاتها وآثارها على مختلف جوانب الحياة في مصر.

وقال في تصريح لـ”عربي21″: “يُثير هذا التغير مخاوف من إمكانية تحول مصر إلى دولة بوليسية. فمع تحويل الموظفين الحكوميين إلى أمنجية، تزداد مخاطر القمع والمراقبة”.

وأوضح أن أضرارها أكثر من منافعها لأنها “تُساهم هذه السياسة في إضعاف سيادة القانون فمع وجود العديد من الجهات التي تتمتع بصفة الضبطية القضائية، يصبح من الصعب على المواطنين معرفة حقوقهم وواجباتهم”.

وأعرب المستشار عوض عن تخوفه من أن “يُؤدي هذا التغير أيضا إلى تراجع الثقة بين المواطنين والحكومة. فمع شعور المواطنين بأنّ الموظفين الحكوميين يُراقبونهم ويُمكنهم اعتقالهم في أيّ لحظة، تزداد مخاوفهم من الحكومة”.

 

أحد أبواب انتهاك الحريات

من جانبه حذر المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار، من “القرار الذي أصدره وزير العدل ونشرته الجريدة الرسمية منذ يومين بمنح صفة الضبطية القضائية لموظفين ما بين رئيس مجلس الإدارة ومهندس مدني ومدير مشروعات بصفتهم موظفين بالهيئة العامة للطرق والكباري بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة”.

واعتبر العطار أن هذا القرار أحد أبواب انتهاك الحريات في مصر، حيث يُمكن أن تُستخدم هذه الصلاحيات الجديدة لمنع حرية التنقل والتعبير للمواطنين، وقد تُؤدي إلى زيادة مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان، مثل الاعتقال التعسفي والاحتجاز دون وجه حق، وأيضا قد تُستخدم هذه الصلاحيات الجديدة لقمع المعارضة والاختلاف عن الرأي الرسمي.

ودعا العطار إلى وقف العمل بهذا القرار وإعادة النظر فيه بشكل شامل، مع التأكيد على ضرورة، اتخاذ خطوات ملموسة لضمان عدم استخدام هذه الصلاحيات لقمع الحريات أو انتهاك حقوق الإنسان، وتعزيز دور المؤسسات الرقابية والحقوقية لضمان احترام سيادة القانون، وإجراء حوار مجتمعي شامل لمناقشة دلالات القرار وآثاره على مختلف جوانب الحياة في مصر.