“الجارديان”: النازحون في غزة يواجهون محنة يومية وحياتهم “بائسة بكل معنى الكلمة”

- ‎فيأخبار

نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية تقريرا سلطت خلاله الضوء على معاناة الأسر النازحة في غزة، واصفة حياة النازحين بأنها “بائسة بكل معنى الكلمة”.

وقال التقرير إن سكان حي الشيخ رضوان، شمال مدينة غزة، ليسوا غرباء عن الحرب. وقد ولد عماد جميل ونشأ في الحي، وقد اتسمت حياته كلها بالقتال. هيمنت على طفولته الانتفاضتان الأولى والثانية، ومنذ أن سيطرت حماس على غزة في عام 2007، مما دفع دولة الاحتلال إلى فرض حصار جوي وبري وبحري شبه كامل، تعرض الشيخ رضوان مرارا وتكرارا للغارات الجوية أثناء الحرب وخارجها.

ولكن من خلال كل ذلك، وجد جميل، البالغ من العمر الآن 31 عاما، العزاء في الأصدقاء والعائلة. لكنه لم يحلم أبدا بحرب مثل تلك التي تعاني منها غزة الآن، ولم يتخيل نفسه أبدا بلا مأوى، منبوذا على غير هدى من مجتمعه وينقل أطفاله من مكان إلى آخر عبر المنطقة المحاصرة بحثا عن الأمان بعيد المنال.

وقالت وزارة الصحة المحلية في غزة يوم الأربعاء إن 21 ألف شخص قتلوا حتى الآن، ويخشى أن يكون آلاف آخرون تحت الأنقاض، وأصيب أكثر من 55 ألف شخص، مع استمرار تعرض القطاع لقصف عنيف.

وقال مساعد متجر الملابس عبر الهاتف “لماذا نتعرض لمثل هذا التعذيب؟ هل لأننا نعيش في مكان ملعون، أم لأن العالم كله يستمتع بمشاهدة معاناتنا؟”.

وأضاف “كل ما أريده هو العودة إلى منزلي، حتى لو كان في حالة خراب. أريد أن أعيش في خيمة هناك وليس في أماكن غير مألوفة مع الغرباء”.

بعد أسبوعين من اندلاع الحرب الأخيرة في غزة بعد قتل 1,140 إسرائيليا واختطاف 250 آخرين في هجوم غير مسبوق من قبل حماس، لم يعد جميل وزوجته وأطفاله الثلاثة قادرين على تحمل الغارات الجوية الإسرائيلية التي لا هوادة فيها. وضعوا بعض الطعام والملابس والأوراق المهمة في حقائب الظهر واتبعوا أمر الإخلاء الذي أصدره جيش الاحتلال بالانتقال جنوب مدينة غزة، أسفل النهر الذي يقسم شريط الأرض الذي تبلغ مساحته 141 ميلا مربعا (365 كيلومترا مربعا)، والذي قال الجيش إنه سيكون أكثر أمانا.

وبعد السير ليوم واحد، وصلوا إلى مدينة الزهراء، شمال نهر غزة، ومكثوا مع أقاربهم البعيدين، ولكن بعد أن بدأت القوات الإسرائيلية عملية برية تطوق مدينة غزة، أدركت المجموعة بأكملها أنهم بحاجة إلى الفرار مرة أخرى. بعد ذلك كان مخيم البريج للاجئين، الذي قال جيش الاحتلال إنه منطقة إجلاء، حيث احتشدت المجموعة المكونة من 17 شخصا في مدرسة مع مئات آخرين.

وعلى مدى الأسابيع القليلة التالية، أصبحت المياه النظيفة والغذاء والإمدادات الأساسية شحيحة، واستمر القتال العنيف.

وفي الأسبوع الماضي، بدأ الجنود الإسرائيليون هجوما جديدا على البريج وعدة مناطق أخرى في وسط غزة مدعومين بالغارات الجوية والمدفعية، مما تسبب في بعض أسوأ إراقة الدماء حتى الآن في الحرب المستمرة منذ 12 أسبوعا. وطلب جيش الاحتلال من آلاف الأشخاص الذين لجأوا إلى المخيم الانتقال مرة أخرى، وهذه المرة إلى بلدة دير البلح القريبة.

والآن، تعيش الأسرة المكونة من خمسة أفراد في خيمتين منحتهما إياهما منظمة إغاثة في ظروف رطبة وشتوية، ويحاول جميل تأمين مكان لهم للإقامة في رفح، على حدود غزة مع مصر، قبل أن يضطروا حتما إلى الانتقال مرة أخرى.

وتابع جميل: “الحياة بائسة بكل معنى الكلمة. نحن لسنا متأكدين مما يجب القيام به أو إلى أين نذهب. يتسم وجودنا بالإذلال والوقوف في طوابير وطلب الطعام والشراب من الناس”.

جميل وعائلته ليسوا وحدهم في محنتهم. وقد نزح حوالي 85٪ من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من ديارهم – العديد منهم، مثل جميل، عدة مرات – ويقدر أحدث تقييم للأمن الغذائي للأمم المتحدة أن واحدا من كل أربعة أشخاص في غزة يتضورون جوعا.

وتظهر أهوال جديدة كل يوم: ففي يوم الأربعاء، أعادت دولة الاحتلال جثث 80 رجلا قال مسؤولون إنها جمعت من شمال غزة من أجل التحقق من عدم وجود رهائن إسرائيليين بينهم. وأعيد دفنهم في أكياس جثث زرقاء في مقبرة جماعية في مقبرة رفح وقالت وزارة الشؤون الدينية إن صورا للجثث التقطت على أمل أن تتمكن الأسر من التعرف عليها في وقت لاحق.

وظهر شريط فيديو ثان تم التحقق منه يظهر عشرات الرجال في غزة – من بينهم ثلاثة صبية على الأقل – وهم يجردون من ملابسهم الداخلية ويركعون وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم أثناء احتجازهم من قبل الجنود الإسرائيليين في استاد اليرموك في مدينة غزة. كما أظهر مقطع فيديو سابق لنفس المشهد، يعتقد أنه يعود إلى منتصف ديسمبر، رجالا مسنين. وقال جيش الاحتلال إن المعتقلين الذين لا تربطهم صلات بنشاط مسلح يطلق سراحهم “عندما يكون ذلك ممكنا”. وقالت جماعات حقوقية إن اللقطات دليل على جرائم حرب.

لكن العنف لا يظهر أي علامة على الانحسار، على الرغم من الضغوط الدولية على دولة الاحتلال لتقليص عملياتها للتركيز على قادة حماس. وقال قائد جيش الاحتلال، هرتسي هاليفي، يوم الثلاثاء إن الحرب ستستمر عدة أشهر أخرى. ويبدو أن محادثات وقف إطلاق النار التي توسطت فيها قطر ومصر قد توقفت.

واستطرد جميل:”أصبحت حياتنا رحلة مستمرة من مكان إلى آخر. كل مكان ننتقل إليه يصبح من الصعب العيش فيه بمرور الوقت … نحمل أمتعتنا معنا، ولا نعرف إلى أين نذهب”.

تم تعديل هذه المادة في 28 ديسمبر 2023. وقالت نسخة سابقة إن أحدث تقييم للأمن الغذائي للأمم المتحدة يقدر أن 90٪ من سكان غزة يتضورون جوعا. وكانت هذه هي النسبة المئوية للأشخاص الذين لم يأكلوا لمدة يومين في الفترة التي سبقت 7 ديسمبر. وتشير أحدث الأرقام إلى أن واحدا من كل أربعة أشخاص يتضورون جوعا الآن.

 

 

رابط التقرير: هنا