أبطال المقاومة أحيوا ذكراه عمليا.. عز الدين القسام رمزا لصمود فلسطين

- ‎فيلن ننسى

بعد 88 عاما من استشهاده، يقف تلاميذه في ميادين الشرف والإباء ضد مرتزقة الأرض الصهاينة، خطّ المعلم النهج، وعليه يسير التلاميذ تحت شعار “إنه لجهاد، نصر أو استشهاد”، وحلت هذا الأسبوع الذكرى الـ88 لاستشهاد الشيخ عز الدين القسام، وسط عدوان إسرائيلي متواصل منذ 45 يوما على قطاع غزة، بعد إطلاق الكتائب التي تحمل اسمه، وهي الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي.
ويشكل الشيخ القسام رمزا في وجدان القضية الفلسطينية، وأحد كبار المجاهدين العرب في حركات التحرر من الاستعمار الغربي، على غرار العديد من الرجالات التي حاربت الاستعمار في بلادها، كالشيخ عمر المختار في ليبيا والأمير عبد القادر الجزائري.
وشكّل استشهاد القسام الشرارة الأولى لإطلاق الثورة الفلسطينية الكبرى على الاستعمار البريطاني ومخطط توطين يهود الخارج، في عملية “ترانسفير” رعتها المملكة المتحدة التي كانت تستعمر بلادا عدة حول العالم.
وتتخطى شهرة القسام فلسطين باتجاه البلاد العربية والإسلامية، وكان من أبرز المجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي كذلك في سوريا، حيث مسقط رأسه عام 1882، قبل أن ينتقل لفلسطين ويشكل حالة ثورية كبيرة ضد المشروع البريطاني الصهيوني المشترك.
وبعد صدور حكم بالإعدام في حقه من الفرنسيين، شكل القسام في فلسطين أولى الخلايا السرية لمقاومة الاحتلال البريطاني والتوطين اليهودي في فلسطين، بعد انتسابه إلى جمعية الشبان المسلمين عام 1926.
وأحيا ناشطون عربا ومسلمين على مواقع التواصل ذكرى الشيخ المجاهد، مع ارتباط اسمه بمقاطع الفيديو التي تنشرها كتائب القسام، حول عمليات المقاومة في غزة، ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية توغله في القطاع يوم 27 أكتوبر.
وترك عز الدين القسام خلفه شبابا بلباس بسيط، يخرجون من نفق أرضي أو من بين ركام المنازل التي دمرها الاحتلال، يحملون قذائف مذخرة بعبوة محلية الصنع أو بندقية قنص أو عبوات العمل الفدائي، يتولى أحدهم مهمة التصوير، وآخر مهمة التأمين، والثالث مهمة التنفيذ، يترصدون لدبابات الاحتلال وقواته الراجلة والمتحصنة في البنايات، ويقتنصون أي فرصة للإجهاز على الهدف.
“اطلع اطلع قول يارب” يحفز أحدهم زميله للإغارة والإجهاز على الهدف المرصود، يأخذ المنفذ نفسا عميقا ويقول: “اللهم في سبيلك وابتغاء مرضاتك، يارب وفقنا يارب، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى، الله أكبر ولله الحمد”، تخرج القذيفة فتستقر في الهدف تماما، ويخبرك مشهد النيران المشتعلة في الآليات عن مشاهد عزة وافتخار، بات أهل غزة والمتضامنون معهم ينتظرونها كل يوم أو يومين على أحر من الجمر.
نفذت المهمة، وفي ظروف غير عادية، يعود المجاهدون إلى قواعدهم بسلام، يفرغ إعلامي القسام مادته التي توثق البسالة والبطولة والإقدام، ومشاهد كانت ستبدو هوليودية لو لم توثق، قبل أن يخرج الملثم بخطاب يجمل فيه حصاد المعركة ويوصل رسائله السياسية والعسكرية لمن يعنيهم الأمر، وفي أعقاب الخطاب تبث مشاهد البطولة والثأر والانتقام عبر مقطع قصير قد لا يتجاوز الدقيقتين، يشكل جرعة دسمة من جرعات الأمل، في أوج حرب الإبادة التي تنفذها قوات الاحتلال ضد شعب أعزل.
تعاظمت قوة المقاومة، وباتت تثخن الجراح في العدو، وتبدع في الإغارة عليه واستهداف قواته واقتناص آلياته، وباتت معها مقاطع القسام المصورة تحمل في طياتها صورا لعتاد جنود الاحتلال الذي غنمه المجاهدون، أسلحة، ذخائر، مناظير بنادق، وإلى جانبها خوذ الجنود القتلى وجعبهم العسكرية الممزقة بفعل الانفجارات، ما يعكس ضراوة المعارك، وحجم الخسائر في قوات العدو، التي يكتفي رقيبها العسكري بالإعلان عن القليل، الذي لا يحرجه أمام جمهوره اليائس.
وباتت طلة الملثم أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، شريانا مغذيا للحرب النفسية والإعلامية التي تخوضها المقاومة ضد الاحتلال، ومصدر إلهام وأمل للشعب الفلسطيني والمتضامنين معه، الذين يتشوفون لدحر الاحتلال وإنهاء العدوان، وهزيمة الجيش الغازي الذي اجتاح غزة الصامدة بقضه وقضيضه في محاولة لتهجير سكانه والإجهاز على ما تبقى من معالم الحياة ومقوماتها الأساسية.