منذ أعلن السفيه عبدالفتاح السيسي، 68 عاما، الإثنين، أمام حشد من مؤيديه في مؤتمر “حكاية وطن” الذي استمر لثلاثة أيام في عاصمته الجديدة “ترشحه” لفترة رئاسة ثالثة بالقول: “كما لبيت نداء الشعب من قبل، إنني باذن الله ألبّي نداءهم مرة أخرى وعقدت العزم على ترشيح نفسي لكم لاستكمال الحلم بمدة رئاسية جديدة”، يرى مراقبون أن فوزه بالمنصب بات مرجحا ليمتد وفق تعديلاته حتى 2030.
وقال نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الباحث المتخصص في النظم السياسية، ونائب رئيس “الحوار الوطني” الدكتور عمرو هاشم ربيع في تصريحات صحفية إن “المنافسة تبدو صعبة وتكاد تكون محسومة”.
وأوضح “ربيع” لـ”الشرق الأوسط” السعودية، إن التجارب المتكررة في دول العالم النامي “تجعل من الصعب، وربما من المستحيل على المعارضة، منافسة رئيس دولة في الحكم”، بحسب الصحيفة.
مصر المنهكة اقتصاديا
وفي تقرير لوكالة (أ ف ب) الفرنسية نقلت عن الحقوقي والصحفي حسام بهجت رايه أن السيسي بدأ يفقد شرعيته بين مختلف الطبقات”، وأن أنصاره أصيبوا مؤخرا بخيبة أمل على وقع تراجع مدخراتهم في ظل الأزمة الاقتصادية.
وأضاف بهجت لـ”فرانس برس” أن “جيلا كاملا بلغ سن الرشد وهو يعتقد أن القاعدة العامة هي الحياة في ظل القمع في ظل عدم وجود آفاق اقتصادية”.
ورأى “بهجت” أن السيسي “وحده يُلام” على ما تمر به البلاد من أزمات.
واستعرضت “الوكالة” انتقاد خبراء آخرين لمشروعات السيسي وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة التي كلّفت 58 مليار دولار تقريبا، فضلا عن القطارات الفائقة السرعة والجسور والطرق التي يعتقدون أن لا عائد لها بينما تستنزف موازنة الدولة وتؤدي إلى مضاعفة الديون.
وأضافت أن السيسي كثيرا ما يؤكد للمصريين مدى خبرته في الحكم على الأشياء سواء في مجال الاقتصاد أو غيره من المجالات، حتى أنه لا يجد خطأ في أن يعلن أنه المشرف والمراقب على صناديق الثروة السيادية في البلاد وليس الجهاز المركزى للمحاسبات.
واستدركت إلى أن السيسي اعتمد لسنوات طويلة على التمويل الممنوح من صندوق النقد الدولي عبر القروض أو عبر ودائع الحلفاء الخليجيين، وهو ما يصفه الباحث في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية روبرت سبرنجبورج بأنه نموذج اقتصادي فقدت معظم البلدان في العالم ثقتهم فيه.
وأوضح “سبرنجبورج” أن هذا النموذج يتبنى سياسة “العسكرة” و”الإسراف في الاقتراض من أجل مشاريع مرموقة ذات فوائد اقتصادية محدودة”.
وتوجد مؤشرات كثيرة على أن المستثمرين الخليجيين باتوا يطلبون “عوائد استثماراتهم”، ويرفضون تقديم مساعدات مالية غير مشروطة.
وترى المحللة المستقلة حفصة حلاوة أن بلدان الخليج “لم تعد تعتقد أن هناك إرادة سياسية داخل هذه القيادة (المصرية) لتغيير أي شيء”، مشيرة إلى أن هذه الدول “تعاني الآن إحباطا حقيقيا، إن لم يكن غضبا”.
وخلصت إلى أن قائد الانقلاب السيسي “يسعى اليوم لولاية ثالثة في بلد منهك اقتصاديا”، ونقلت عن محللين تحليلهم أن تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة طابعا أقرب إلى الاستفتاء مثلما حدث في النسختين السابقتين من الانتخابات، وكما كان يحصل خلال عقود حكم الرئيس الراحل حسني مبارك الذي أسقطته ثورة يناير في 2011.
وأضافت أن القاعدة الشعبية للسيسي لم تعد كما كانت، وكذلك موقعه على الصعيد الدولي، خصوصا مع توجيه اتهامات له بالتنكيل بمعارضين وناشطين في مجال حقوق الإنسان منذ تولّيه الحكم في 2014 بعد إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي وشنّ السلطات حملة قمع واسعة شملت إسلاميين وليبراليين.
وعن الأوضاع القاتمة اشارت فرانس برس إلى أن مصر وسكانها 105 ملايين يعيش ثلثهم تحت خطّ الفقر، وتواجه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا عند نحو 40% مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.
تقرير فرانس برس لفت إلى أن السيسي لقب بالـ”المنقذ”، في سنوات حكمه الأولى، بسبب إطاحته بالإسلاميين الذين أوصلتهم الثورة الى الحكم، “لكنهم خسروا شعبية بسبب تفردهم بالسلطة وفرضهم قوانين متشددة”، بحسب إدعاء الوكالة.
ولد السيسي في العام 1954 في حي الجمالية بقلب القاهرة الفاطمية، وهو أب لأربعة أبناء، بينهم محمود الذي يشغل منصبا رفيعا بجهاز المخابرات العامة.
ومنذ وصوله الى السلطة، يصف السيسي الذي تخرّج من الكلية الحربية عام 1977، نفسه بأنه “أب لكل المصريين”، ويقوم بتوجيه النصائح والإرشادات للمصريين في معظم المناسبات والمحافل العامة ويالسطالبهم بمزيد من “التضحيات” لتجاوز الأزمة الاقتصادية.
ويعتبر السيسي الذي كان مديرا للمخابرات الحربية في العام 2011، مع انطلاق الربيع العربي، وكان عضوا في المجلس العسكري الذي تسلّم السلطة م
من مبارك، أن الثورة خطأ وأن الثورات في المنطقة لم يكن مردودها إيجابيا.
وقال في مؤتمر “حكاية وطن”، السبت: “إذا كان البناء والتنمية والتقدم ثمنه الجوع والحرمان، إياكم يا مصريين أن تقولوا نأكل أفضل”.
وضرب مثلا بدولة لم يسمها – كان واضحا أنها الصين – أصبحت “قوة عظمى” بعد أن مات “25 مليون من شعبها جوعا”.