أطلقت سلطات الانقلاب سراح الناشط المصري أحمد دومة من السجن يوم السبت بعد عفو رئاسي، بعد أكثر من 10 سنوات من الاحتجاز، قبل الموعد النهائي لوزارة الخارجية الأمريكية في 30 سبتمبر لحجب جزء من التمويل العسكري الأجنبي هذا العام يخضع لشروط حقوق الإنسان، بحسب ما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" .
ونقلت الصحيفة عن طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، قوله: إن "دومة كان من بين 30 سجينا عفا عنهم عبد الفتاح السيسي".
وانتشرت صور دومة بعد إطلاق سراحه وهو يقف خارج سجن بدر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
واعتقل دومة في ديسمبر 2013 خلال حملة على النشطاء في أعقاب الانقلاب على الرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي من قبل الجيش، الذي كان يقوده السيسي قبل توليه السلطة.
في عام 2019، حكمت عليه أعلى محكمة استئناف في مصر بالسجن لمدة 15 عاما، ما خفف حكما سابقا بالسجن لمدة 25 عاما صدر في عام 2015، في محاكمة وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها "جائرة للغاية وذات دوافع سياسية".
واتهم دومة، البالغ من العمر الآن 37 عاما، بالاشتباك مع قوات الأمن والتجمع غير القانوني وتخريب الممتلكات الحكومية، بما في ذلك مباني مجلس الوزراء والبرلمان. كما تم تغريمه ستة ملايين جنيه مصري (372 ألف دولار في ذلك الوقت).
وقالت منظمة العفو الدولية: إن "دومة تعرض للتعذيب والإهمال الطبي والحبس الانفرادي المطول لأكثر من أربع سنوات، بين ديسمبر 2013 ويناير 2020".
وةفي عام 2021، أصدر دومة مجموعة شعرية بعنوان "مجعد" كتبها أثناء وجوده في الحبس الانفرادي، تم نشر المجموعة وعرضها في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2021، لكن قوات الأمن أجبرت دار النشر على إزالتها.
وأشارت الصحيفة في تقريها عن الإفراج عن أحمد دومة: جاء العفو قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية المصرية المقرر إجراؤها في عام 2024، ورغم عدم الإعلان رسميا عن أي مرشحين، فمن المتوقع على نطاق واسع أن يجلس شاغل المنصب في الانتخابات المقبلة.
إشادة حقوقية
وكتبت زوجته السابقة، نورهان حفظي، على فيسبوك بعد إطلاق سراحه "لمدة 10 سنوات كان في نفس المكان، في نفس الجناح ، يرحب بالسجناء الجدد ويودع الآخرين، على أمل أن يطلق سراحه يوما ما ويكون معنا، اليوم يستحق أن نأخذ جميعا استراحة لملء قلوبنا بالفرح".
وقاد دومة الاحتجاجات خلال ثورة مصر عام 2011 لكنه أمضى منذ ذلك الحين ما يقرب من عقد خلف القضبان، وقد اعتقل مع اثنين آخرين من الناشطين المؤيدين للديمقراطية في ديسمبر 2013 لانتهاكهم قانون التظاهر التقييدي الذي أقرته الحكومة المدعومة من الجيش الذي استولى على السلطة في انقلاب في ذلك الصيف، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، قبل إدانته والحكم عليه بالسجن 15 عاما بتهم منفصلة في عام 2015، في محاكمة وصفتها منظمة العفو الدولية الحقوقية بأنها جائرة للغاية وذات دوافع سياسية.
وأشاد المدافعون المصريون عن حقوق الإنسان والسجناء السياسيون السابقون بقرار إطلاق سراح دومة.
وغردت منى سيف ، شقيقة علاء عبد الفتاح ، يوم السبت قائلة: "لم يتم إطلاق سراح دومة من السجن ليوم واحد منذ عام 2013، إذا كان هناك أي شخص يستحق الحرية فهو هو".
وشارك مصطفى الأعصر، وهو مدافع مصري عن حقوق الإنسان وصحفي سجن لعدة سنوات، صورة قديمة له مع دومة مبتسما، أمام السجون ومراكز الاحتجاز.
وأضاف "الله يعوضك يا دومة عن سنوات حياتك التي سرقوها ، 10 سنوات من الاعتقال والسجن الجائر والحبس الانفرادي، الحرية لجميع المحتجزين".
وتأتي الجولة الأخيرة من العفو بعد الإفراج عن سجينين سياسيين مشهورين آخرين الشهر الماضي، وصدر عفو عن باتريك جورج زكي، وهو باحث في مجال حقوق الإنسان كان قد حكم عليه قبل يوم واحد فقط بسبب مقال كتبه عن معاملة الأقلية المسيحية في مصر، مع محامي حقوق الإنسان محمد الباقر قبل عطلة وطنية في يوليو.
وأصبحت قضاياهم، إلى جانب قضية دومة، رمزا لتضييق الحيز المدني في مصر، حيث شن السيسي حملة قمع واسعة النطاق ضد المعارضة على مدى العقد الماضي، رسميا، تؤكد حكومة السيسي أن مصر ليس لديها سجناء سياسيون، لكن جماعات حقوق الإنسان والباحثين يقدرون أن عشرات الآلاف من الأشخاص – بمن فيهم صحفيون ونشطاء وأكاديميون – قد اعتقلوا لأسباب سياسية.
وفي عام 2021، فرضت إدارة بايدن شروطا جديدة لحقوق الإنسان على المساعدات الأمنية لحكومة السيسي، وقررت في نهاية المطاف في أوائل عام 2022 حجب 130 مليون دولار من أصل 1.3 مليار دولار من المساعدات الأمنية الأمريكية التي تتلقاها مصر سنويا.
مع مواجهة حكومة السيسي لأزمة اقتصادية متفاقمة وحاجة ماسة إلى التمويل الأجنبي، اتخذ السيسي خطوات في السنوات الأخيرة للتصدي للانتقادات الدولية لسجل مصر في مجال حقوق الإنسان، كشفت حكومة السيسي النقاب عن أول استراتيجية لحقوق الإنسان في البلاد في أكتوبر 2021، وسط مراجعات متباينة.
وأعلن السيسي العام الماضي خططا لإجراء حوار وطني وصف بأنه منتدى للنقاش حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي أبريل 2022، أعاد تفعيل اللجنة المكلفة بإدارة العفو الرئاسي عن المحتجزين.
ومنذ ذلك الحين، تم إطلاق سراح أكثر من 1,400 شخص من الاحتجاز السابق للمحاكمة، وفقا لوسائل الإعلام الحكومية.
ومع ذلك، تواصل حكومة السيسي سجن المنتقدين، وقد وصف بعض المحللين والمعارضين السياسيين الحوار الوطني بأنه ليس أكثر من مسرحية.
وتواجه وزارة الخارجية الأمريكية موعدا نهائيا في 30 سبتمبر، لتقرر ما إذا كانت ستمنع أي جزء من نحو 300 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي هذا العام يخضع لشروط حقوق الإنسان.
https://www.washingtonpost.com/world/2023/08/19/ahmed-douma-egypt-activist-sisi-pardon/