فورين بوليسي: السيسي أبرز ملامح خراب مصر

- ‎فيأخبار

قالت مجلة فورين بوليسي: إن "السيسي استولى على دولة فقيرة فجعلها أكثر فقرا، رغم تلقيه مليارات الدولارات من دول الخليح، التي أخذت على عاتقها تعويم الاقتصاد المصري بعد أزمات عاشتها البلاد خلال الفترة القصيرة للتحول الديمقراطي منذ ثورة يناير2011، وحتى الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في صيف 2013".

واستعرضت المجلة تحت عنوان "كيف خرّب السيسي مصر؟"، المشكلات المزمنة التي تعيشها مصر، لا سيما على مستوى الاقتصاد، الذي بات مثقلا بالديون الضخمة ويعاني من مشكلات هيكيلية شديدة الصعوبة.
ورأت المجلة الامريكية واسعة الانتشار أن هذه المشكلات المزمنة حولت مصر من لاعب مهم في المنطقة إلى مجرد مراقب، على حد قوله، مستشهدا بالحرب الدائرة الآن في السودان، والتي تمثل الفناء الخلفي لمصر، حيث غابت القاهرة بشكل شبه كامل عن المشهد، وتصدرت دول أخرى، مثل السعودية والإمارات.

وربطت المجلة بين الانقلاب وخراب مصر، فقال الكاتب ستيفن كوك، الباحث الأمريكي في مجلس العلاقات الخارجية، والزميل الأول في معهد إيني إنريكو ماتي الإيطالي لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، مقالا بمجلة فورين بوليسي: إنه "بعد سجن محمد مرسي ومقتل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو اعتقالهم أو هروبهم، وعد السيسي المصريين بأيام أفضل، وطالبهم بالصبر، لكن بعد عقد من الزمان، لم يكافئ السيسي المصريين على صبرهم، وعلى العكس تماما، الرجل الذي كان من المفترض أن ينقذ مصر يشرف الآن على خرابها".
ولفت التقرير إلى إحصائيات وصفها بالمذهلة تعكس مدى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها مصر، حيث بلغ معدل التضخم 37 % تقريبا، وبلغ سعر الدولار الواحد 30 جنيها مصريا (كان حوالي 7 جنيهات للدولار عندما تولى السيسي السلطة)، وبلغ الدين الخارجي للبلاد ما يقرب من 163 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إجمالي ديون مصر إلى ما يقرب من 93% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2023.

 

حامل لواء الفقر
واعتبر التقرير أن المحن الاقتصادية في البلاد هي نتيجة قضايا خارجة عن إرادته، لا سيما جائحة COVID-19 وغزو روسيا لأوكرانيا، ورغم أن ما سبق شكل تحديات اقتصادية واجهت العديد من البلدان، إلا أنه من الواضح أن احتجاج السيسي بها كان مجرد استراتيجية خطابية للتقليل من مسؤوليته في المزيد من الفقر المدقع في مصر.
وأضافت أن السيسي انخرط في فورة إنفاق تغذيها الديون على مشاريع عملاقة ليس لها سوى القليل من المبررات الاقتصادية، كان أكثرها فحشًا هي العاصمة الإدارية الجديدة، والتي لا تزال في مرحلتها الأولى فقط، حيث تكلفت حتى الآن أكثر من 45 مليار دولار.
وأشار إلى أن انسحاب الإمارات والصين من مشروع العاصمة اضطر المصريون لدفع فاتورة (بطريق إضافة مبالغ ضخمة من الديون إلى الميزانية العمومية للبلاد).

 

مشاريع الفنكوش

واهتم التقرير بمشروعات أخرى للسيسي منها؛ عاصمة أخرى صيفية في الساحل الشمالي (العلمين الجديدة)، ومحطة للطاقة النووية في بلد يقول إن لديه فائضا في إنتاج الكهرباء، ومدينة مستدامة في دلتا النيل، وإحياء مشروع ضخم فاشل في عهد مبارك في جنوبي مصر (توشكى)، وجاء ذلك بعد افتتاح تفريعة جديدة لتوسعة قناة السويس، والتي أطلق عليها قناة السويس الجديدة عام 2015.
واستدرك، أن هذه المشروعات كانت ذات قيمة اقتصادية مشكوك فيها، لكنها كانت مهمة من الناحية السياسية، حيث حرص السيسي على أن تعكس ولادة ما يقول إنها جمهورية جديدة تحت يد ثابتة للضابط العسكري الجديد الذي تحول إلى "رئ..يس" مع زملائه في وزارة الدفاع.
ونبهت المجلة إلى أن الكثير من المصريين كانوا يعملون في بناء هذه المشاريع، وهو أمر حقيقي ، ولكن بأي ثمن؟  حيث تتحمل الحكومات مسؤولية بناء البنية التحتية، لكن الفوائد طويلة الأجل يجب أن تفوق التكاليف قصيرة الأجل.
ورأى التقرير  أن الجسور الجديدة والطرق والتقاطعات وتطوير المطارات ومترو الأنفاق هي بالفعل مشروعات تستحق العناء – وقد فعلت مصر بعضا من ذلك – بسبب العائد على هذه المشاريع من حيث النشاط الاقتصادي الأكبر .

 

حفر استنزاف 
واعتبرت المجلة أن مشروعات السيسي حفر استنزاف وقالت: "يتناسب مشروع قناة السويس الجديدة مع هذه الفئة، لكن العاصمة الصيفية والعاصمة الإدارية الجديدة عبارة عن حُفر هائلة من المال استنزفت مصر".
وأضافت أنه من الصعب أن نفهم أنه في غضون عقد من الزمن، السيسي – الذي قام رعاته في السعودية والإمارات بإعادة تعويم الاقتصاد عبر تحويلات نقدية ضخمة مباشرة، والذي حصل على قروض من صندوق النقد الدولي بشروط ميسرة، والذي تمتع بسمعة طيبة بين الحكومات الغربية – استولى على دولة فقيرة وجعلها أكثر فقرا.
وعن نتائج هذه الحفر الاستنزافية للأموال لفت التقرير إلى أن أحدث اتفاق لمصر مع صندوق النقد الدولي، وافقت حكومة السيسي على بيع أصول الدولة، بما في ذلك الأصول التي يمتلكها الجيش.
وأوضح التقرير أن هناك عددا قليلا من المشترين، لأن هذه الأصول إما لا تساوي شيئا، ولا أحد يعرف كيف يحدد لها قيمة، أو أن المشترين المحتملين يجلسون على الهامش في انتظار تخفيض آخر لقيمة الجنيه المصري (والذي سيكون الرابع منذ مارس 2022) حتى يتمكنوا من الحصول على أي شركات عالية الجودة بأسعار أرخص في الآونة الأخيرة.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة أعلنت عن مبيعات بقيمة 1.9 مليار دولار لأصول الدولة، وهو أمر إيجابي لكنه لا يفعل الكثير لتخفيف المعاناة الاقتصادية الواسعة الانتشار.

 

الفقر والهجرة
أيضا لفت التقرير إلى نتائج أخرى في انتظار الازدهار الذي وعد به قادتهم، حيث يغادر أعداد متزايدة من المصريين عبر الهجرة الشرعية وغير الشرعية، وعلى الرغم من زيادة عدد المصريين الذين يهاجرون إلى أوروبا عن طريق القوارب بعد انتفاضة يناير 2011، فقد ارتفع بشكل أكبر في السنوات الأخيرة.
وأوضح التقرير أنه خلال شهر يونيو الماضي، حاول أكثر من 6 آلاف مصري الوصول إلى إيطاليا عن طريق البحر منذ بداية عام 2023، وهم يشكلون ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى الشواطئ الإيطالية، ومن المنطقي أن تغادر أعداد أكبر من المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها.

https://foreignpolicy.com/2023/08/09/egypt-economy-debt-imf-sisi-mega-projects/