“ميدل إيست آي”: بعد عقد من انقلاب السيسي…المستقبل يبدو قاتما

- ‎فيأخبار

نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للدكتور يحي حامد وزير الاستثمار في حكومة الرئيس محمد مرسي، تطرق خلاله إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر بعد عقد من الانقلاب العسكري بقيادة عبدالفتاح السيسي.

وقال الكاتب: إن "الرئيس المصري الراحل محمد مرسي اعتاد أن يذكرنا بأنه على عكس الأفراد الذين، قد تتاح لهم أكثر من فرصة واحدة في حياتهم تحدد مصيرهم، فإن مثل هذه الفرص تأتي إلى الدول مرة واحدة فقط في كل جيل، إذا كان الأمر كذلك".

وأضاف الكاتب، وبينما نحيي الذكرى العاشرة للانقلاب العسكري العنيف والدموي على الرئيس مرسي الذي أنهى الديمقراطية في مصر، أتذكر تحذيره.

هذا لا يعني أن التغيير مستحيل الآن في مصر، لكن احتمال حدوث تغيير إيجابي يتضاءل بسرعة، على مدى القوس الطويل من تاريخ مصر الحديث، كانت السنوات 2011-2013 استثناء للقاعدة.

وأوضح الكاتب أنه منذ عام 1952 – فترة تزيد عن 70 عاما ، عمر جيل كامل – يحكم مصر رجال عسكريون أقوياء، كانت هناك صراعات صغيرة على السلطة على مر السنين، لا سيما بين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر في ستينيات القرن العشرين، وفي بداية عهد أنور السادات ، ولكن تلك كانت نفسها استثناءات، ولا يختلف حكم عبد الفتاح السيسي، من بعض النواحي، ولكن بطرق مهمة أخرى ، هو كذلك.

لقد قيل: إن "التاريخ يعيد نفسه، في المرة الأولى كمأساة، والثانية كمهزلة، نحن بالتأكيد في تلك المرحلة الأخيرة فيما يتعلق بمصر، تميز حكم السيسي الذي دام 10 سنوات حتى الآن بالعديد من التغييرات المهمة في طبيعة البلاد".

وأشار الكاتب إلى أنه تم إخضاع القوات المسلحة المصرية، التي كانت لفترة طويلة جزءا مهما ولكنه مستقل نسبيا، من هيكل السلطة، لقد تمكن السيسي من تناوب القادة على كل المستويات، وأحيانا بسرعة مذهلة، ودون أي اعتبار للقانون أو الضمانات الدستورية.

وفي المقابل، سمح للجيش أو شجع على ابتلاع الاقتصاد، لا يسيطر الجيش الآن على إنتاج الجمبري والمعكرونة فحسب ، بل يسيطر أيضا على معظم قطاعات الاقتصاد، الشيء الوحيد الذي لا يشارك فيه الجيش هو الدفاع الفعلي عن الدولة، وأثارت الصور الأخيرة للجنود المصريين وهم يستسلمون في السودان السخط والصدمة بين المصريين.

تهديد وجودي

كما ترأس السيسي عاجزا أسوأ تهديد وجودي يواجه مصر، سد النهضة الإثيوبي الكبير. آثار السد الآن شبه مؤكدة، وليس لدى حكومة السيسي أي خطط لمواجهة هذه التحديات.

بالإضافة إلى ذلك ، شهدت السنوات ال 10 الماضية انفجارا في الديون ومجموعة من المشاريع الضخمة، ولكن على عكس الفترة المأساوية ، تتميز هذه الفترة الهزلية بغياب أي فوائد قصيرة الأجل للناس.

وتابع:" بدلا من الاستثمار في البشر والحماية من التهديدات مثل السد الإثيوبي، ركز السيسي على مشاريع مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ويزعم أنه كلف 59 مليار دولار ويقف في الصحراء مثل "كابوس أوزيمانديان"  نصب تذكاري للغرور وسوء التخطيط والتساهل، إذا كان هناك رمز لحكم الرجل الواحد ، فهذا هو".

تكثر القصص حول حماقة تصميم العاصمة الجديدة ، والتي ليس أقلها معاناة عشرات الآلاف من العاملين الحكوميين وهم ينفقون مبالغ كبيرة من المال على النقل إلى هذه الحماقة في الصحراء.

وأردف:" لم تكن صورة الاقتصاد الكلي أسوأ من أي وقت مضى، ديون مصر الخارجية آخذة في التضخم، الدخل الحقيقي يتقلص بسبب كل من التضخم والتقييم غير المؤكد للجنيه، أصبحت الدولرة حقيقة واقعة في بعض القطاعات، على الرغم من القوانين المناهضة لها".

وأكمل:" حل الحكومة لهذه المشاكل هو مداهمة الخزائن العامة والخاصة، يتم بيع الأصول الأكثر ربحا في البلاد لتمويل أزمة الديون، كانت الآثار على المصريين العاديين لا تحصى، لدرجة أن سياسات السيسي وصفت بأنها حرب على الفقراء".

ومع ذلك، ليس الفقراء وحدهم، بل وأيضا الطبقات المتوسطة والمتوسطة العليا التي تختفي بسرعة، هي التي تعاني.

المصريون الذين لديهم أي أمل في العمل في الخارج يستجيبون بأقدامهم: الأطباء المصريون، على سبيل المثال، يغادرون بأعداد كبيرة.

الطريق إلى الأمام

وقال الكاتب: إن "هذه النقطة الأخيرة من المستحيل المبالغة في التأكيد عليها، التنبؤات حول المستقبل متجذرة في بعض الاستقراء من الماضي ، إلى جانب تقييم الوضع الحالي العام. لكن الظروف الحالية في مصر غير مسبوقة، وبالتالي من الصعب التنبؤ بالمستقبل بأي قدر من اليقين".

وأضاف أن الانقلاب الذي أوصل السيسي إلى السلطة أصبح ممكنا من خلال الدعم المحلي من الجيش وبعض النخب، من خلال القوى الإقليمية التي رأت في الحكومة الديمقراطية، الإسلامية أو غير الإسلامية، خطرا على وجودها؛ ومن خلال دعم الحكومات الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة.

لقد أظهر الانقلاب، بل والسنوات ال 10 الماضية، للمصريين أن خطاب الغرب حول الديمقراطية وحقوق الإنسان ليس أكثر من امتداد لسياسة خارجية توسعية ومهيمنة، في حالة العديد من الحكومات الأوروبية، يبدو أيضا أنه يتجاوز مجرد الاستغلال الذرائعي للموارد إلى رغبة أكثر جوهرية في إبقاء الشعوب العربية تحت القفل والمفتاح، وعلى الرغم من أن المصريين قد استوعبوا هذا الدرس تماما الآن، إلا أنه يمثل حقيقة مروعة للعالم.

وأوضح أن هناك ثلاثة مسارات محتملة للخروج من الوضع المزري الحالي، الأول هو انقلاب عسكري آخر، من شأنه أن يعزز وضع مصر باعتبارها غير مستقرة بطبيعتها وخاضعة لطموحات الضابط التالي الذي يمكن أن يسود، وبدلا من ذلك، يمكن أن يستمر الوضع الراهن، مع انحدار بطيء إلى عدم القدرة على الحكم.

المسار الثالث هو أن يعيد المصريون اكتشاف روح عام 2011 وحشد إرادة جماعية لخلق مصر للجميع، لقد أصبحت هذه النتيجة أقل احتمالا من أي وقت مضى ، وحتى لو تحققت ، فستكون بتكلفة كبيرة ، وتنطوي على مسار طويل، لكنها تظل أفضل نتيجة ممكنة.

وأشار الكاتب إلى أنه بين الوضع الداخلي المنهار، والقوى الإقليمية التي تبدو عازمة على شراء مصر قطعة قطعة، والقوى الغربية التي ليس لديها مصلحة في الديمقراطية أو الكرامة أو حقوق الإنسان الحقيقية لشعوب العالم العربي، لم يبق للمصريين سوى القليل من الأمل، إن وجد.

واختتم الكاتب بقوله:"الإنسان بدون أمل هو كائن خطير، وبينما يصعب التنبؤ بالمستقبل بأي درجة من الدقة، فإن جميع الأشكال المحتملة لمستقبل محتمل هي ظلال سوداء، إن نافذة الاستقرار الحقيقي للمصريين تنغلق بسرعة، إذا لم تكن قد أغلقت بالفعل".

 

https://www.middleeasteye.net/opinion/egypt-coup-decade-sisi-future-bleak-look