هل ستقلب طائرات الدعم السريع المسيرة ميزان حرب السودان؟

- ‎فيأخبار

شهد الصراع في السودان تطورا ملحوظا في منتصف يونيو عندما استخدمت مجموعة قوات الدعم السريع شبه العسكرية طائرات بدون طيار مسلحة في الهجمات ، منهية احتكار الجيش السوداني لسماء البلاد، بحسب تقرير نشره “العربي الجديد”.

وقال التقرير إنه بالإضافة إلى الدمار والضحايا، أثارت هذه الهجمات العديد من الأسئلة حول من زود الطائرات بدون طيار والتأثير المتوقع على ميزان القوى إذا تم استخدامها مرة أخرى.

طائرات الدعم السريع تحلق في سماء الخرطوم

وفي تصريح لافت للنظر، قال مصدر عسكري في الجيش السوداني إن قواته أسقطت طائرة مسيرة حاولت مهاجمة القيادة العامة في الخرطوم في 22 يونيو.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها قوات الدعم السريع هذا السلاح، حيث أكدت مصادر عسكرية سودانية أن الجماعة استهدفت مقر سلاح المدرعات في الخرطوم في 13 يونيو، مما أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص بعد قصف مستشفى في المجمع.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن حساب “القدرات العسكرية السودانية”، وهو حساب على تويتر مؤيد للجيش، في 13 يونيو أن الجيش السوداني “أسقط طائرة عمودية بدون طيار تابعة لميليشيا قوات الدعم السريع كانت تلقي قنابل هاون عيار 120 ملم”.

كان لافتا أن الرواية أكدت أن قوات الدعم السريع استخدمت سابقا طائرات بدون طيار في “عمليات عسكرية”.

وفي وقت لاحق، غرد هذا الحساب مرة أخرى في 21 يونيو بأن قوات الاحتياطي المركزي تمكنت من إسقاط “طائرة بدون طيار متطفلة” بينما كانت قوات الدعم السريع تقصف معسكرا تابعا لقوات الاحتياطي المركزي، مضيفا أن القوات المسلحة تمكنت من “الاستيلاء على عشرات الطائرات بدون طيار التي كانت في طريقها إلى الخرطوم لدعم ميليشيا قوات الدعم السريع”.

من أين أتت هذه الطائرات ؟

يحيط الغموض بمصدر طائرات الدعم السريع بدون طيار ، وعلى الرغم من نشر صور الأسلحة التي تم إسقاطها ، إلا أن أصولها لا تزال مجهولة.

يبدو أن الافتراض الأول هو أن قوات الدعم السريع حصلت عليها من معسكرات الجيش السوداني التي سيطرت عليها، بناء على تصريح من مصدر في قوات الدعم السريع لوكالة الأنباء الفرنسية، أكد فيه أنهم حصلوا على الطائرات بدون طيار “من مراكز الجيش التي سيطرنا عليها”.

وقال خبير عسكري آخر لوكالة فرانس برس إن قوات الدعم السريع حصلت عليها من مصنع اليرموك للصناعات العسكرية جنوب الخرطوم.

وأعلنت قوات الدعم السريع أنها سيطرت على مجمع اليرموك في 7 يونيو، وهو ما نفته القوات المسلحة السودانية.

وقال الخبير العسكري الاستراتيجي اللواء الدكتور أمين إسماعيل مجذوب لسكاي نيوز عربية إن هذا المجمع “ذو أهمية كبيرة من الناحية الاستراتيجية العسكرية”، مشيرا إلى أنه “جزء من منظومة التصنيع العسكري السوداني، ويتميز بالتقنيات الحديثة”.

ومع ذلك، هناك أدلة أخرى تربط هذه الطائرات بدون طيار بالإمارات العربية المتحدة، الحليف الرئيسي لقوات الدعم السريع. وذكر حساب “وار نوير” على تويتر المتخصص في مراقبة النزاعات والأسلحة ومبيعات الأسلحة غير المشروعة، أن الطائرة بدون طيار التي أسقطتها القوات السودانية “كانت مسلحة بقذائف إسقاط جوي حراري من نوع السل عيار 120 ملم مع صمامات UT M18”.

تم تصنيع هذه الصواريخ ، وفقا ل War Noir ، في صربيا في عام 2020 وتم بيعها لاحقا إلى الإمارات العربية المتحدة.

وفي تغريدة أخرى، نشر الحساب مقطع فيديو للجيش السوداني وهو يسيطر على بعض مخزونات أسلحة قوات الدعم السريع التي تحتوي على نفس النوع من الصواريخ.

بالإضافة إلى ذلك، عرض حساب “فليكي” على تويتر الذي يتتبع استخدام الطائرات بدون طيار في النزاعات، صورا لطائرات بدون طيار أسقطها المقاتلون الحوثيون في اليمن، وكذلك طائرات بدون طيار استخدمتها القوات الإثيوبية في حرب تيغراي.

وخلص الحساب إلى أن “نفس الطائرة بدون طيار التي استخدمتها القوات المدعومة من الإمارات في كل من اليمن وإثيوبيا قد ظهرت الآن أيضا في السودان ، وتستخدمها قوات الدعم السريع ، التي أصبحت مرة أخرى قوة مدعومة من الإمارات”.

كيف وصلت هذه الطائرات إلى السودان؟

ويبدو من المرجح أن قوات الدعم السريع اشترت هذه الطائرات المسيرة من اليمن، الذي تحول إلى سوق مزدهرة للأسلحة، ونقلتها عبر شبكات التهريب عبر البحر الأحمر إلى السودان. من المعروف بالفعل أن قوات الدعم السريع قاتلت إلى جانب التحالف العربي.

ويدعم هذا الافتراض إعلان الجيش السوداني في مايو الماضي أنه صادر شحنة أسلحة مهربة من دولة أجنبية، بحسب تصريح مسؤول عسكري سوداني لوكالة رويترز، وهو ما قد يشير إلى تهريبها عبر البحر الأحمر.

ومن ناحية أخرى، فإن تهريب الطائرات بدون طيار عبر إريتريا المجاورة هو احتمال آخر. ولا يستبعد عمر زريع، مدير شبكة القرن الأفريقي للدراسات والإعلام، وجود تعاون بين إريتريا وقوات الدعم السريع، نظرا للعلاقات الوثيقة التي تربط الطرفين بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال زريع للعربي الجديد، “هناك تقارير غير مؤكدة تفيد بأن قوات الدعم السريع قد نقلت جزءا من قواتها من اليمن إلى إريتريا مع هدوء الحرب في اليمن وأن هذه القوات قد يتم نقلها في مرحلة لاحقة إلى الأراضي السودانية”.

وفي سياق مشابه، أعلنت السلطات في ولاية كسلا السودانية المجاورة إريتريا، بعد يوم من إسقاط الطائرة المسيرة في الخرطوم، أن المخابرات العسكرية وقوات جهاز المخابرات الوطني صادرت “كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية المتطورة التي كانت في طريقها إلى ميليشيا الدعم السريع”.

وشملت هذه الأسلحة أسلحة فتاكة، وفقا لقائد الفرقة 11 مشاة، اللواء حسن أبو زيد، حيث قال بعض المراقبين إنه تم تهريبها عبر الحدود من إريتريا.

وتعد ليبيا طريقا محتملا آخر لتهريب الأسلحة إلى قوات الدعم السريع من قبل قوات المشير خليفة حفتر في الأجزاء الشرقية والجنوبية من البلاد، حيث يتمتع الجانبان بعلاقات قوية ضمن محور أوسع يشمل كلا من الإمارات وروسيا، اللتين لهما وجود قوي في المناطق الخاضعة لسيطرة حفتر.

ويعتقد محلل سياسي ليبي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الأخيرة تدعم قوات الدعم السريع بأشكال مختلفة، “بما في ذلك المال والسلاح والدعم اللوجستي وغسيل الأموال”.

وأوضح المحلل أن هناك أسبابا لهذا الدعم المتبادل بين الطرفين، “فالجنرال حفتر تربطه علاقة بقوات الدعم السريع منذ حروب تشاد، كما يشترك الطرفان في عقلية الميليشيات التي تقدم الدعم مقابل المصالح المشتركة، كما يتشارك الطرفان نفس الداعم،  الإمارات العربية المتحدة التي تسيطر بطريقة ما على كليهما، دون أن ننسى النفوذ الإسرائيلي”.

هل هي نقطة تحول؟

أثارت الهجمات التي نفذتها طائرات بدون طيار تابعة لقوات الدعم السريع نقاشا حول أهمية تأثيرها.

وقال محمد طرشين، الباحث والمحلل السوداني في الشؤون الأمنية والسياسية، ل”العربي الجديد” إن ذلك “يشكل بلا شك مقدمة لتطورات متسارعة في مسار الأزمة”، مضيفا أن الصور التي تم تداولها تثبت أن هذه الطائرات المسيرة ليست متطورة، ما يعني أنها ليست بالضرورة بهذه الفاعلية.

ومع ذلك، على المستوى الاستراتيجي، إذا حصلت قوات الدعم السريع على طائرات تركية أو إيرانية حديثة بدون طيار، فإن ذلك سيغير ميزان القوى في الصراع، كما يقول تورشين، مما يجعل “السودان أشبه بالصومال، ويحوله إلى بوابة للشبكات الإجرامية والجماعات الإرهابية، الأمر الذي سيهدد بشكل خطير أمن واستقرار المنطقة”.

https://www.newarab.com/analysis/will-rsf-drones-tip-balance-sudans-war