رغم التحركات الإيجابية لمدافعي حقوق الإنسان عن الناشط السياسي المضرب عن الطعام علاء عبد الفتاح وتوقعات قرب الإفراج عنه بضغوط أمريكية وبريطانية، أسفرت، وفقا لمراقبين، عن توافق المنقلب السيسي وخضوعه للضغوط الخارجية، وإخراج العملية من خلال تقديم أسرة "عبد الفتاح" المقيمين بالقاهرة لالتماس بطلب العفو من السيسي، وهو ما رأته المخابرات وأجهزة السيسي مخرجا للأزمة.
ورغم تلك التحركات والتظاهرات خلال قمة المناخ بالداخل والخارج مقدرة وإيجابية، لإنقاذ عبد الفتاح، إلا أن الأمر يحتاج تسليط الأضواء أكثر على الآلاف المعتقلين الذين يمرون بظروف كعلاء وأشد وطأة منه، طوال سنوات عديدة.
وزير الغلابة
يوم السبت الماضي، حلت الذكرى التاسعة لاعتقال وزير التموين الأسبق الدكتور باسم عودة يوم 12 نوفمبر 2013، حيث يقبع في زنزانة انفرادية لمدة 9 سنوات لا يخرج منها إلا للتحقيق أو للمحاكمة وممنوع عنه زيارة ذويه منذ 6 سنوات.
وأشارت حنان توفيق زوجة باسم عودة المعتقل حاليا في سجن العقرب، عبر حسابها على "فيس بوك" إلى أن يوم 12 نوفمبر هو الذكرى التاسعة لاعتقال زوجها وتغييبه وراء القضبان، مطالبة بالإفراج عنه وإعطائه الحقوق الأساسية للإنسان مثل لقاء ذويه ومحاميه والتريض.
وقالت حنان توفيق على حسابها: "في مثل هذا اليوم منذ تسع سنوات تم اعتقال الدكتور باسم عودة ذكرى أليمة، ولكن ما يعانيه هو أشد ألما تسع سنوات حبس انفرادي الست سنوات الأخيرة.. ممنوع من الزيارة بشكل متصل ، تعجز الكلمات عن وصف ما نعانيه، ولكننا نحيا دوما بالأمل في لطف الله ، وسيظل رجاؤنا في الله متصلا (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) فاللهم نصرك الذي وعدت”.
وتابع المصريون ثبات "عودة" خلال جلسات محاكمته التي بثت في أوقات سابقة، وشكواه من منعه من الصلاة وعدم أداء صلوات الجمعة، مشتكيا من سوء التعامل والتغذية، على الرغم من عدم تورطه في أي جريمة، سوى خدمة الشعب المصري بإخلاص وتفان شهد به الذين خالفوه في الرأي قبل المحبيين، بدليل عرض السيسي قائد الانقلاب العسكري في 2013 عليه الاستمرار في إدارة وزارة التموين، لنجاحه في علاج أزمات التموين وتخفيض الأسعار والتحكم في منظومة الخبز والوقود، إلا أن "باسم" رفض أن يشارك الانقلاب على حساب دماء المصريين، التي أرهقها السيسي بالباطل.
مسيرة مشرفة
ولد باسم عودة يوم 16 مارس 1970 بالمنوفية، درس الابتدائية والإعدادية والثانوية في بلدته، تخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، ثم حصل على الدكتوراه، ثم عُين أستاذا بقسم الهندسة الحيوية الطبية في الكلية، وعمل استشاريا في تكنولوجيا الرعاية الصحية.
وهو مهندس وأستاذ جامعي، تولى وزارة التموين 6 أشهر فقط، خلال عام حكم الرئيس الراحل «محمد مرسي»، حتى الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي في يوليو 2013.
كان أصغر الوزراء سنا، وأُطلق عليه لقب «وزير الغلابة» لما قدمه من حلول للأزمات المعيشية التي كان يعاني منها الشعب.
وكان «باسم عودة» من أوائل قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي شاركت في ثورة 25 يناير هو وأسرته، وواحد من المئات الذين تصدوا للبلطجية يوم «موقعة الجمل» في ميدان التحرير، قبل أن يصاب بجرح بالغ في رأسه.
وبعد ثورة 25 يناير، تولى "عودة" رئاسة لجنتَي الطاقة والتنمية المحلية بحزب الحرية والعدالة، وكان عضوا في الأمانة المركزية للتخطيط والتنمية بالحزب، ومنسقا لحملة «وطن نظيف» على مستوى الجمهورية.
أولى باسم عودة مسؤولية ملف الطاقة والوقود برئاسة الجمهورية في الشهور الأولى لحكم الرئيس محمد مرسي، وفي 10 يناير 2013 عُين وزيرا للتموين؛ فأصبح حين ذاك أصغر وزير يتولى أقدم وزارة في مصر.
وتعهد «"عودة" منذ توليه الوزارة بإعطاء الأولوية لمحدودي الدخل، وتحسين جودة رغيف العيش والحفاظ على سعره، والعمل على تعميم توزيع إسطوانات الغاز بالكوبونات، والاستمرار في خطة توفير المحروقات.
طاف «باسم عودة» بالمحافظات لحل أزمة الوقود، وخالط المواطنين، وعمل على تعميم البطاقة الذكية لصرف المواد التموينية والخبز وأسطوانات الغاز؛ ووفر حلولا ملموسة لهموم الشعب المعيشية المزمنة، فشهد له الجميع بأنه أفضل وزير تموين في تاريخ مصر.
رفض الانقلاب
استقال باسم عودة من منصبه احتجاجا على انقلاب الجيش في يوليو 2013، وتلقى -آنذاك- مكالمة من مكتب السيسي، يعرض عليه وزارة التموين فرد قائلا "تظن أني سأخون الوطن، لقد أقسمت أمام رئيس شرعي ولن أخون، وقدمت استقالتي للشعب؛ لأني غير معترف بسلطتك".
انتقام العسكر
اشتكى باسم عودة في المرات القليلة التي تحدث فيها خلال المحاكمة مما يعانيه مع الاعتقال وحرمانه من حقوقه الأساسية التي ينص عليها القانون ولوائح السجون وعلى رأسها الحبس الانفرادي المطول وعدم لقاء ذويه وأهله.
وصدر حكم الإعدام بحقه وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في 19 يونيو 2014، في الهزلية المعروفة إعلاميا باسم أحداث مسجد الاستقامة، ورفض مفتي الديار المصرية التصديق على الحكم، ولكن المحكمة قررت إعادة عرض أوراقه مرة أخرى. وفي 10 يناير 2019، أصدرت محكمة جنايات الجيزة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطره، حكما ببراءة كل من باسم عودة والدكتور محمد بديع و 6 آخرين في تلك القضية «أحداث مسجد الاستقامة».
وقضت محكمة جنايات القاهرة في 8 أكتوبر 2018 بالسجن المؤبد لمرشد جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، وباسم عودة، و44 آخرين أيدت محكمة النقض، الإثنين 14 يونيو 2021، الحكم في هزلية "فض اعتصام رابعة العدوية".
