نشر موقع "واشنطن ريبورت" تقريرا سلط خلاله الضوء على محاولات الولايات المتحدة ودولة الاحتلال تغيير طبيعة مهمة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وإعادة كتابة ولايتها الأصلية بالكامل، معتبرة ذلك تمهيدا لإلغاء حق العودة للشعب الفلسطيني.
وقال التقرير إن "سكان فلسطين قلقون بشكل كبير من أن الولاية الممنوحة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، قد تكون على وشك الانتهاء، مضيفا أن مهمة الأونروا، التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1949، قد فعلت أكثر من مجرد تقديم المساعدات العاجلة والدعم لملايين اللاجئين، كما أنها كانت منبرا سياسيا يحمي ويحافظ على حقوق عدة أجيال من الفلسطينيين".
وأضاف التقرير أنه على الرغم من أن الأونروا لم تنشأ كمنصة سياسية أو قانونية في حد ذاتها، إلا أن سياق ولايتها كان سياسيا إلى حد كبير، حيث أصبح الفلسطينيون لاجئين نتيجة للأحداث العسكرية والسياسية ، التطهير العرقي للشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل ورفض الأخيرة احترام حق العودة للفلسطينيين، على النحو المنصوص عليه في قرار الأمم المتحدة 194 المؤرخ 11 ديسمبر. 1948.
وجاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 (IV) المؤرخ 8 ديسمبر 1949. "الأونروا لديها تفويض إنساني وإنمائي لتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين في انتظار التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم" ومن المؤسف أنه لم يتم التوصل إلى حل دائم لمحنة اللاجئين، ولا حتى إلى أفق سياسي، وبدلا من استخدام هذا الإدراك كوسيلة لإعادة النظر في فشل المجتمع الدولي في تحقيق العدالة لفلسطين ومحاسبة إسرائيل والمتبرعين لها في الولايات المتحدة، وبالتالي اللاجئون هم الذين يعاقبون".
وفي تحذير شديد اللهجة في 24 أبريل، قال رئيس اللجنة السياسية في المجلس الوطني الفلسطيني، صالح ناصر، إن "ولاية الأونروا ربما تقترب من نهايتها، وأشار عبد الناصر إلى بيان صدر مؤخرا عن المفوض العام للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، فيليب لازاريني، حول مستقبل المنظمة".
وأوضح التقرير أن بيان لازاريني، الذي نشر في اليوم السابق، قد ترك مجالا لبعض التفسيرات، على الرغم من أنه كان من الواضح أن شيئا أساسيا فيما يتعلق بوضع الأونروا وولايتها وعملها على وشك أن يتغير، وقال لازاريني "يمكننا أن نعترف بأن الوضع الحالي لا يمكن الدفاع عنه وسيؤدي حتما إلى تآكل جودة خدمات الأونروا أو الأسوأ من ذلك إلى انقطاعها".
وتعليقا على البيان، قال الناصر إن "هذا مقدمة للمانحين الذين يوقفون تمويلهم للأونروا".
وأشار التقرير إلى أن موضوع مستقبل الأونروا أصبح الآن أولوية، ليس فقط في الخطاب السياسي الفلسطيني ، ولكن أيضا في الخطاب السياسي العربي، وأي محاولات لإلغاء مهمة الأونروا أو إعادة تعريفها ستشكل تحديا خطيرا، إن لم يكن غير مسبوق للفلسطينيين، وتقدم الأونروا الدعم التعليمي والصحي وغيره من أشكال الدعم ل 5.6 مليون فلسطيني في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وبميزانية سنوية تبلغ 1.6 مليار دولار، لا يمكن بسهولة استبدال هذا الدعم، والشبكة الضخمة التي أنشأتها المنظمة.
ومما له نفس القدر من الأهمية الطبيعة السياسية للمنظمة أن وجود الأونروا في حد ذاته يعني أن هناك قضية سياسية يجب معالجتها فيما يتعلق بمحنة اللاجئين الفلسطينيين ومستقبلهم، والواقع أن مجرد الافتقار إلى الحماس لتمويل المنظمة هو الذي تسبب في الأزمة الحالية، إنه شيء أكبر وأكثر شرا بكثير.
ولفت التقرير إلى أنه في يونيو 2018 ، زار جاريد كوشنر ، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عمان الأردن ، حيث حاول وفقا لمجلة فورين بوليسي الأمريكية ، إقناع العاهل الأردني الملك عبد الله بسحب وضع اللاجئ من مليوني فلسطيني يعيشون حاليا في البلاد.
وقد فشلت هذه المحاولة وغيرها ، وفي سبتمبر 2018 قررت واشنطن في ظل إدارة ترامب وقف دعمها المالي للأونروا. وباعتبارها الممول الرئيسي للمنظمة، كان القرار الأمريكي مدمرا، لأن حوالي 30 في المائة من أموال الأونروا تأتي من الولايات المتحدة وحدها، ومع ذلك واجهت الأونروا صعوبات في زيادة اعتمادها على القطاع الخاص والتبرعات الفردية.
ونوه التقرير بأنه على الرغم من أن القيادة الفلسطينية احتفلت بقرار إدارة بايدن استئناف تمويل الأونروا في 7 أبريل 2021، إلا أن القليل من التحذير في خطوة واشنطن ظل سريا إلى حد كبير، ولم توافق واشنطن على تمويل الأونروا إلا بعد أن وافقت الأخيرة على توقيع خطة مدتها سنتان، تعرف باسم إطار التعاون في جوهرها، حولت الخطة الأونروا فعليا إلى منصة لإسرائيل والسياسات الأمريكية في فلسطين، حيث وافقت هيئة الأمم المتحدة على مطالب الولايات المتحدة – وبالتالي إسرائيل – لضمان عدم وصول أي مساعدات إلى أي لاجئ فلسطيني تلقى تدريبا عسكريا كعضو في ما يسمى بجيش التحرير الفلسطيني أو منظمات أخرى أو شارك في أي عمل إرهابي، وعلاوة على ذلك، يتوقع الإطار من الأونروا مراقبة محتوى المناهج الفلسطينية".
وتابع التقرير "بيد أن الاحتجاجات الفلسطينية لم تغير الواقع الجديد، الذي غير فعليا كامل الولاية التي منحها المجتمع الدولي للأونروا منذ ما يقرب من 73 عاما، والأسوأ من ذلك أن الدول الأوروبية حذت حذوها عندما تقدم البرلمان الأوروبي في سبتمبر الماضي بتعديل من شأنه أن يشترط دعم الاتحاد الأوروبي للأونروا على تحرير وإعادة كتابة الكتب المدرسية الفلسطينية التي، من المفترض أنها تحرض على العنف ضد الاحتلال".
وبدلا من التركيز فقط على إغلاق الأونروا على الفور، تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل ومؤيدوهما على تغيير طبيعة مهمة المنظمة وإعادة كتابة ولايتها الأصلية بالكامل، ومن المتوقع الآن أن تحمي الوكالة، التي أنشئت لحماية حقوق اللاجئين، المصالح الإسرائيلية والأمريكية والغربية في فلسطين.
وعلى الرغم من أن الأونروا لم تكن أبدا منظمة مثالية، إلا أنها نجحت بالفعل في مساعدة ملايين الفلسطينيين على مر السنين، مع الحفاظ على الطبيعة السياسية لمحنتهم.
وأردف التقرير "على الرغم من أن السلطة الفلسطينية ومختلف الفصائل السياسية والحكومات العربية وغيرها قد احتجت على المخططات الإسرائيلية الأمريكية ضد الأونروا، فمن غير المرجح أن تحدث مثل هذه الاحتجاجات فرقا كبيرا، بالنظر إلى أن الأونروا نفسها تستسلم لهذه الضغوط، وفي حين يجب على الفلسطينيين والعرب وحلفائهم مواصلة النضال من أجل المهمة الأصلية للأونروا، يجب عليهم على وجه السرعة تطوير خطط ومنصات بديلة من شأنها أن تحمي اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة من أن يصبحوا مهمشين وفي نهاية المطاف، منسيين، وإذا أزيل اللاجئون الفلسطينيون من قائمة الأولويات السياسية المتعلقة بمستقبل السلام العادل في فلسطين، فلا يمكن تحقيق العدالة ولا السلام".
https://www.wrmea.org/israel-palestine/rewriting-unrwa-the-u.s.-israeli-plan-to-cancel-out-the-palestinian-right-of-return.html
