“زيلينسكي” يستجير من الاحتلال الروسي بدعم الصهاينة.. تناقضات الرئيس الأوكراني

- ‎فيعربي ودولي

التعاطف والدعم والمساندة للشعب الأوكراني ضد العدوان الروسي واجب إنساني وأخلاقي، ذلك أن احتلال دولة لأخرى هو محل تجريم أجمعت عليه الأمم من خلال القبول بعضوية الأمم المتحدة الذي يلزم الدول بميثاقها (الميثاق العالمي للأمم المتحدة)، لكن ذلك لا يمنع من انتقاد سياسات وسلوك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ذي الهوي الصهيوني الذي يجرم احتلال الروسي لبلاده بينما يساند الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين!!

هذا الرئيس الذي كان ممثلا كوميديا قبل أن يتم انتخابه رئيسا في غفلة من الشعب الأوكراني الذي يبدو أنه لم يكن قد بلغ سن الرشد السياسي بعد بعد عقود طويلة تحت الاستبداد السوفيتي الذي خلق شعوبا مشوهة، يمارس سياسات متناقضة؛ إذا كيف يدعو العالم لتجريم الاحتلال الروسي لبلاده في الوقت الذي يستعين بإسرائيل التي تعد وفقا لقرارات وميثاق الأمم المتحدة قوة احتلال منذ عقود طويلة؟!

إن رفض العدوان والاحتلال قيمة إنسانية وأخلاقية لا تتجزأ؛ فليس مقبولا على الإطلاق أن يدين شخص ما احتلالا ويقبل ويساند آخر؛ فهذا من قبيل العبث والتناقض. إزاء ذلك كيف نفهم مساعي الرئيس الأوكراني نحو حشد الدعم العالمي لبلاده بإلقاء كلمة أمام البرلمان الإسرائيلي؟ ألا يعلم الرئيس الأوكراني أن "إسرائيل" تحتل بلدا اسمه فلسطين، وتنكل بشعب يقاوم هذا الاحتلال منذ عشرات السنين؟ أليس هذا الرئيس هو من دعم العدوان الإسرائيلي على غزة؟ واعتبر جرائم الحرب الصهيونية دفاعا عن النفس؟!  ويرى أن المقاومة الفلسطينية إرهابا يتعين إدانته دوليا؟ إذا من حق الروس أن يعتبروا المقاومة الأوكرانية ــ وهي حق مشروع ــ إرهابا ونازية جديدة وفقا لهذا المنطق الجائر؟

وفقا لهذا المنطق الأعوج فإن الذين يساندون الغزو الروسي لأوكرانيا قد يكونون محقين؛ فإن أوكرانيا كانت قبل سنوات جزءا من الإمبراطورية. وبالتالي فإن مساعي الطاغية فلاديمير بوتين لاحتلال أوكرانيا هي عند هؤلاء حق مشروع لإعادة مجد الإمبراطورية السوفيتية التي تمزقت بفعل التآمر الأمريكي الأوروبي وفقا لتصورات المتعاطفين مع العدوان الروسي.

ويرى الكاتب الصحفي محمد المنشاوي، في مقال له بعنوان «أوكرانيا لم يخذلها الأمريكيون.. خذلها رئيسها»، أن زيلينسكي خذل بلاده قبل أن يخذلها الأمريكان والأوروبيون؛ فدائما ما رددت إدارة جوبايدن أن لادهم مستعدة فقط للدفاع عن الدول الأعضاء بحلف الناتو، وأنها لن تتورط على الأرض فى أوكرانيا، حتى لو كان ذلك يعنى أنها ستقع بسرعة فى يد القوات الروسية. وأوضح بايدن عدة مرات وبوضوح، قبل وبعد بدء القتال فى 24 فبراير الماضى، بأن بلاده لن ترسل قوات لخوض حرب مع روسيا فى أوكرانيا، وأنها أرسلت قوات إلى أوروبا للدفاع عن أراض بحلف الناتو، مثل بولندا ورومانيا ودول البلطيق، بناء على الالتزام بالمادة الخامسة للدفاع عن الحلفاء. فى الوقت ذاته رفضت واشنطن فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، واكتفت بتقديم مساعدات عسكرية ومالية واستخباراتية للأوكرانيين مع فرض عقوبات صارمة ومكلفة على روسيا.

في المقابل، أكدت موسكو من جانبها مرارا أنها لن تقبل بتوسع حلف الناتو ليضم أوكرانيا أو جورجيا، وأن هذه الخطوة ستكون بمثابة تخطى للخطوط الحمراء الروسية. وبدأ الحشد الروسى العسكرى على الحدود الأوكرانية عقب توقيع كييف وواشنطن «ميثاق الشراكة الاستراتيجية» فى 10 نوفمبر 2021م، والذى أكد دعم أمريكا حق أوكرانيا فى دخول حلف الناتو، وهو ما قدم تشجيعا لحكومة كييف على تأكيد رغبتها فى سرعة الانضمام للحلف العسكرى الأكبر فى العالم. ومنذ عام 2008 تبنى حلف الناتو رسميا سياسة تكشف عن تبنيه سياسة «الباب المفتوح أمام جورجيا وأوكرانيا».

ولكل ما سبق، تصور الكثير من المراقبين أن الحل لتجنب الغزو الروسى والذى أصبح متوقعا مع حشد روسيا 200 ألف جندى على حدودها مع أوكرانيا، وتأكيد واشنطن بحتمية الغزو الروسى للأراضى الأوكرانية، أصبح لا يخرج عن نطاق «الحياد الأوكرانى» كحل وسط واقعى. ولم يبادر رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكى من تلقاء نفسه بتجنيب شعبه ويلات حرب أكدت واشنطن قبلها حدود تدخلها المحدود فيها، وتشير كل المعطيات العسكرية على تفوق القوات الروسية على مثيلتها الأوكرانية عددا وعدة. أنكر زيلينسكى تأكيدات واشنطن بوقوع الحرب خلال أيام، وقال إن ذلك يهز الاقتصاد الأوكرانى ويهز ثقة المستثمرين فى بلاده. هاجم زيلينسكى واشنطن والعواصم الغربية بسبب إجلاء رعاياها من أوكرانيا وغلق سفاراتها فى كييف العاصمة، ونقلها غربا والعمل من مدينة لفيف القريبة من الحدود البولندية. لم يتخذ زيلينسكى خطوة كان من شأنها دحض المبرر الروسى الرسمى لغزو أراضى بلاده، وهو ما تسبب فى أزمة إنسانية غير مسبوقة داخل قارة أوروبا لم تشهد لها مثيلا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945.

تتبع عدة دول فى القارة الأوروبية ــ مثل النمسا وسويسرا وفنلندا ــ بديل الحياد تجنبا لأى مواجهات مع الدول الكبرى، وللنأى بنفسها عن نفوذ وسيطرة دول مجاورة. وكان يمكن للقيادة الأوكرانية إطلاق مبادرة تصاحبها سلسلة من التدابير التى تتفق بموجبها روسيا وحلف الناتو على احترام حياد أوكرانيا بما يمنع دخولها الأحلاف العسكرية، ويفرض قيودا على نشر القوات الروسية فى المناطق الحدودية فى الوقت ذاته.

يمكن إلقاء اللوم على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، ومن الشائع أيضا حول العالم إلقاء اللوم على بايدن لتخليه عن أوكرانيا. وفى الوقت الذى لا يستحق فيه بوتين كرئيس مستبد وديكتاتور أى تعاطف بسبب سياساته، سواء الداخلية أو الخارجية، فإن أزمة أوكرانيا لا ترجع إلى مواقف بوتين فقط، ولا لتشجيع بايدن فقط، بل بالأساس لسوء تقدير الرئيس الأوكرانى فى الجانب الأكبر منها؛ فهو رئيس قزم لا يستحق أكثر من أن يكون ممثلا كوميديا أما رئيسا مسئولا عن شعب بأكمله فقد برهن على فشله العريص وسوء تقديره وعدم إداركه لعالم السياسة.

وتشير التقديرات الدولية إلى نزوح نحو عشرة ملايين شخص، أي أكثر من ربع سكان أوكرانيا، من منازلهم، منهم أكثر من مليونين فروا إلى بولندا، من بين حوالي 3.3 مليون لاجئ أوكراني في أوروبا حتى الآن، من ضمنهم ما لا يقل عن 1.5 مليون طفل، فيما قُتل نحو 847 مدنيًا، بينهم 64 طفلًا، منذ بدء الغزو، معظمهم بسبب القصف والغارات الجوية الروسية.