سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الضوء على بنود الاتفاق المحتمل بين روسيا وأوكرانيا، مشيرة إلى أن الكرملين قد يسعى للوصول إلى اتفاق بعد الحصول على بعض المكاسب للترضية، في ظل تعثر القوات الروسية والعقوبات الغربية التي تضرب الاقتصاد الروسي.
وفقا للصحيفة الأمريكية فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تحدث عن وجود "أمل في الوصول لحل وسط"، في ما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن الروس أصبحوا "أكثر واقعية" على طاولة المفاوضات. الأمر الذي يبرهن على أن العقوبات التي تتعرض له روسيا جعلتها أكثر مرونة عن الأيام الأولى للحرب.
بحسب الصحيفة فإن روسيا تصر على مطلب حياد أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف الناتو، على اعتبار أن أحد أسباب الحرب هو رغبة أوكرانيا في الانضمام، إلى الغرب ورغبتها في الازدهار وتقرير المصير من خلال العضوية في الناتو والاتحاد الأوروبي. وبحسب "الواشنطن بوست"، فإن موسكو تخشى من وجود ديمقراطية مزدهرة على حدودها خاصة في أوكرانيا، وأن ذلك قد يكون نموذجا مغريا للشعب الروسي، مما يهدد قبضة بوتين الاستبدادية.
بالنسبة للنقطة الثانية، فإن أوكرانيا في المقابل تحتاج إلى ضمانات أمنية غربية؛ لأن أي تعهد من جانبها بالحياد يحتاج على الأرجح إلى اعتراف روسيا، بأن القوى الغربية ستقدم لها المساعدة إذا تعرضت للتهديد مرة أخرى. وبحسب التحليل فإن هذه الخطوة (حياد أوكرانيا) هي النقطة الأكثر صعوبة بالنسبة لموسكو؛ لأنها ترقى إلى مستوى القبول التكتيكي لمشاركة الناتو في الدفاع المستقبلي عن أوكرانيا، يمكن أن تقبل بذلك إذا تم وضع بند يحد من أنواع الأسلحة المقدمة لأوكرانيا.
أما النقطة الثالثة، فإنها تدور حول شبه جزيرة القرم وإقليمي "لوغانسك ودونيتسك"، مشيرة إلى أن الحرب في أوكرانيا بدأت منذ ما يقرب من عقد من الزمان، عندما وقعت كييف، اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي ورفضت الحصول على قرض من روسيا، حيث رد الكرملين بغزو شبه جزيرة القرم وضمها. وترجح الواشنطن بوست أن تطالب موسكو كشرط للتسوية، باستقلال المقاطعتين الانفصاليتين باعتراف كييف والمجتمع الدولي بضمها لشبه جزيرة القرم، فضلا عن السيطرة الروسية الفعلية على شرق دونباس، وهو ما يرفضه الأوكرانيون.
وفقا للأكاديميين أرفيد بيل ودانا وولف في موقع "روسيا ماترز" التابع لجامعة هارفارد؛ فإن أوكرانيا يمكن أن تذعن للنقاط الرئيسية مع الحفاظ على السيادة، كما أكدا أن الموافقة على الحياد، الذي ستفرضه على نفسها، سيتطلب التخلي رسميا عن حلمها في الانضمام لحلف الناتو.
وحول سيناريوهات الحرب ــ بحسب أكاديميين ــ هو أن تضطر أوكرانيا ايضا إلى الاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا واستقلال "لوغانسك ودونيتسك"، كما رجحا أن يطلب من "قوات حفظ السلام" الروسية البقاء في دونباس، على عكس إصرار كييف على أن روسيا يجب أن تسحب كل جندي من حدودها. ويوضح الأكاديميان أنه من الصعب على الشعب الأوكراني قبول مثل هذه الصفقة، لكن زيلينسكي، الذي أصبح ينظر إليه بطلا في أوكرانيا وخارجها، لديه المكانة الكافية لإقناع شعبه بهذا الاتفاق.
أما أسوأ السيناريوهات فهو قبول بوتين الهزيمة، والموافقة على سحب جميع القوات من أوكرانيا، بما في ذلك القوات الموجودة في دونباس، والتراجع عن اعتراف موسكو باستقلال "دونيتسك ولوغانسك"، كما ستبقى شبه جزيرة القرم جزءا من روسيا لكنها ستكون منزوعة السلاح، وسيُسمح لأوكرانيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي، لكنها لن تنضم للناتو. وأوضحا أن اعتراف روسيا بالهزيمة، سيؤدي إلى رفع الغرب جميع العقوبات المفروضة على روسيا، كما ستوافق الدول الغربية على إجراء محادثات أمنية مع موسكو حول مستقبل الأمن والدفاع في أوروبا. وشدد العديد من المراقبين على أن بوتين من غير المرجح أن يتنازل عن هذا، نظرا لتأثير ذلك على مكانته في الداخل.