اتفاقات الغاز مع الاحتلال لغض الطرف عن انتهاكات قائد الانقلاب

- ‎فيعربي ودولي

قال موقع "المونيتور" إن اتفاقية خط أنابيب الغاز الطبيعي الموقعة بين حكومة الانقلاب والاحتلال في القاهرة في منتصف فبراير تكتسب أهمية جيوستراتيجية تتجاوز الفوائد المالية للكيان الصهيوني.

وأضاف الموقع، في تقرير له،  "عندما وصل إلى مؤتمر الطاقة الإقليمي في القاهرة في 14 فبراير، لم يجلس عبد الفتاح السيسي مكانه. وبدلا من ذلك، توجه مباشرة إلى وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، التي كانت تجلس على كرسي متحرك، وشكرها على حضورها، وكانت لفتة السيسي أكثر من ودية. وقد غيرت مصر من موقفها تجاه الاحتلال  وعملت على توسيع علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع جارتها".

وأوضح الموقع أن أحد أسباب هذا النهج الجديد هو النجاح الباهر للعلاقة بين الاحتلال والإمارات العربية المتحدة، كما يتضح من الاتفاقات التجارية والمالية الكثيرة التي تم التوصل إليها بين البلدين منذ توقيع اتفاقات إبراهيم، حيث توسع دولة الاحتلال علاقاتها مع العالم العربي ومصر لا يمكن تجاهلها. كما أن هناك أملا في أن تساعد القدس القاهرة في علاقاتها مع واشنطن التى تثير المخاوف حول قضايا حقوق الإنسان.

وأشار الموقع إلى أن الطاقة هي أحد المجالات التي ازدهرت فيها الأعمال التجارية بين الاحتلال ومصر خلال العقد الماضي، حيث تم مد خطوط الأنابيب وتوقيع اتفاقيات المبيعات وتنفيذها، وقد اتسع هذا التقدم ليشمل الآن الأردن أيضا. ويشار إلى أن الاتفاق الذي تم توقيعه في مؤتمر الطاقة في القاهرة يضم شركة شيفرون التي تملك حوالي 40 في المائة من حقل لوياثان للغاز وحوالي 25 في المائة من حقل تمار، وشركة فجر الأردنية لخط أنابيب الغاز الطبيعي التي ستنقل الغاز من الحقلين إلى مصر.

ولفت الموقع إلى أن خط الغاز العربي ينقل الغاز الذي باعته إسرائيل إلى شركة الغاز الأردنية بموجب اتفاق ابرم عام 2016. ويبدأ الخط من فوق جسر الشيخ حسين على نهر الأردن ويمتد عبر المملكة من الشمال إلى الجنوب وصولا إلى العقبة. ومن هناك يمتد عبر خليج ايلات إلى مصر. حضر حفل التوقيع وزير البترول والثروة المعدنية في حكومة الانقلاب طارق الملا، ونائب رئيس شركة شيفرون انترناشونال كلاي نيف، والمدير العام لشركة ديليك دايفن، يوسي أبو، والمدير العام لشركة شيفرون إسرائيل جيف إيوينغ، وفؤاد رشاد عباس، رئيس شركة فجر.

ونوه بأن الاتفاق هو في الواقع تنفيذ لاتفاق سابق وقع في عام 2018 مع شركة دولفين للطاقة في مصر. وقد حدد هذا الاتفاق أهدافا للبيع يمكن زيادتها، ولكن نظام نقل الغاز الإسرائيلي مثقل بالأعباء، الأمر الذي خلق اختناقا في نقل الغاز إلى خط الأنابيب الأردني عند جسر الشيخ حسين. ويعمل خط الأنابيب حاليا بنصف طاقته.

يذكر أن خط أنابيب الغاز من عسقلان إلى العريش يبلغ حاليا 3.5 مليار متر مكعب سنويا، مما يجعل إجمالي الغاز المباع لمصر 5.5 مليار متر مكعب سنويا. وتقوم شركة Dolphin Energy بتوصيل الغاز الطبيعي إلى أسواق الصناعة والطاقة المصرية وتنقل الغاز أيضًا إلى منشآت التصفية على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي يتم نقله منها إلى أوروبا.

وبحسب الاتفاقية التي تم توقيعها في القاهرة، سيتم نقل 2 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى مصر عن طريق خط الأنابيب الذي سيتم تقسيمه بين حقل لوياثان للغاز وحقل تمار.

وأضاف الموقع انه مع الصراع بين روسيا وأوكرانيا والجهود الأوروبية لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، من المتوقع أن يزداد الطلب على الغاز الإسرائيلي. تتوقع وزارة الطاقة الإسرائيلية أن تؤدي صادرات الغاز الطبيعي الإضافية إلى زيادة الدخل من الضرائب والإتاوات بما لا يقل عن 100 مليون شيكل سنويًا. أبقت الشركات المنتجة للغاز السعر سرا لمصر.

كما يكتسب الاتفاق أهمية جيوستراتيجية تمتد إلى ما هو أبعد من أي منفعة مالية لصالح دولة الاحتلال. وقد تطلبت الموافقة عليها موافقة الحكومات الثلاث المشاركة، وبشكل غير مباشر، الإمارات العربية المتحدة، التي يهتم صندوق ثروتها السيادي بخزان غاز "تامار". كانت مصر مدفوعة بحاجتها إلى الغاز الطبيعي ورغبتها في توسيع علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل. وكان من المتوقع أن تواجه الأردن عقبات بسبب المعارضة في الداخل لصفقة الغاز الإسرائيلي واتفاقية الطاقة مقابل الماء التي تم توقيعها مؤخرا. ولكن الأردنيين، الذين يريدون الاستفادة، لم يعربوا عن أي معارضة.

وأوضح التقرير أن دولة الاحتلال لم تعد جزيرة منعزلة في المنطقة، وتمر الآن شاحنات إسرائيلية وإماراتية وأردنية عبر الأردن والسعودية تحمل بضائع إسرائيلية من إسرائيل إلى الإمارات ومنها. فالمياه القادمة من الكيان تسقي الحقول الأردنية والغاز الإسرائيلي يبقي الأضواء مضاءة في المملكة الهاشمية والجمهورية المصرية.

ومع الأزمة الاقتصادية وأزمة الطاقة في لبنان، تم مؤخرا مناقشة صفقة محتملة أخرى لتصدير الغاز من مصر إلى لبنان عبر الأردن وسوريا. فالاثنان يطمحان بشكل عملي إلى الحد من اعتماد لبنان على النفط المهرب إليه من إيران. حتى الآن، يستخدم "حزب الله" قطاع الطاقة لزيادة قوته ونفوذه في البلاد.

ولم يصدر أي تأكيد رسمي حول التوصل إلى مثل هذه الصفقة، ولكن إذا تم التوصل إليها، فستكون مصر من الناحية الفنية هي التي تقوم بتزويد لبنان بالغاز، ولكن المنتج سيأتي فعلا من إسرائيل على نفس خط الأنابيب الأردني المستخدم لنقل الغاز الإسرائيلي إلى مصر.

وقال أحد المشاركين في المشروع ل"المونيتور" إن أحدا لن يتحقق مما إذا كانت جزيئات الغاز التي تصل إلى لبنان ملونة بالأزرق والأبيض وعليها نجوم داوود صغيرة، وهذه المخاوف لن تمنع لبنان من استخدام الغاز الإسرائيلي لإضاءة سماء بيروت.

 

https://www.al-monitor.com/originals/2022/02/israel-egypt-tighten-energy-ties