قال د. عصام عبد الشافي -أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية- في إطار تعقيبه على اختيار إسرائيل لـ"حاييم كورن" سفيرها السابق بجنوب السودان سفيرها الجديد بالقاهرة، واختيار الولايات المتحدة للسفير "روبرت بيكروفت" سفيرها السابق بالعراق سفيرا لها بمصر خلفا للسفيرة "آن باترسون" : إن ما ينبغي التأكيد عليه أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تتحرك في سياساتها الخارجية بعشوائية أو عبثية، ولكنها تتبني رؤي استراتيجية واضحة ومحددة، ليس لعام أو عامين ولكن لعشرات الأعوام، وفي هذه الرؤي تتبني العديد من السياسات وتعتمد على العديد من الأدوات، ولعل أخطر الأدوات التي تعتمد عليها السياسة الأمريكية، والتي توسعت فيها بدرجة كبيرة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، سياسة الفوضى الخلاقة، وأدوات التدمير من الداخل، وآلية الإدارة بالأزمات.
وأضاف في تصريح خاص لـ"الحرية والعدالة" أنه في إطار الفوضى الخلاقة تتحدث عن دعم الحراك السياسي داخل المجتمعات وتمكين المجتمع المدني وتمكين المرأة وغيرها، وفي إطار التفتيت من الداخل تعتمد آليات دعم الأقليات والإعلام الموجه، والحديث عن الحريات الدينية، والحديث عن العرقيات، وتفعيل الجاسوسية والأعمال الاستخباراتية.. إلخ، وفي إطار الإدارة بالأزمات تقوم الولايات المتحدة في سياستها الخارجية على اختلاق العديد من الأزمات وافتعال التوترات، كآلية لتحقيق ما تسعى إليه من أهداف، وهذا ما برز في أزمة الخليج الأولى أي الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، وأزمة الخليج الثانية أي الغزو العراقي لدولة الكويت 1990-1991، وفي أزمة سبتمبر 2001 أي الهجمات التي تعرضت لها واشنطن ونيويورك وأزمة الخليج الثالثة أي الغزو الأمريكي للعراق 2003، وكذلك أزمة البرنامج النووي الإيراني.
وكشف "عبد الشافي" أنه في كل هذه التوجهات وتلك الأدوات تكون إسرائيل حاضرة بقوة؛ إما كهدف تسعى الولايات المتحدة إلى حمايته وتأمينه وتعزيز مصالحه، وإما كوسيلة وأداة تعتمد عليها الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الأخرى في المنطقة.
التناحر الداخلي
وأكد "عبد الشافي" أن ما سفراء الولايات المتحدة وإسرائيل إلا أدوات لتنفيذ السياسات الخاصة بدولهما، ومن هنا لا يتم اختيارهم عشوائيا أو دون رؤية واضحة، فعندما تم نقل السفيرة الأمريكية "آن باترسون" التي خدمت في باكستان إلى القاهرة، كان الأمر واضحا وهو الاستفادة من خبراتها في التعاطي مع التيارات والجماعات الإسلامية هناك، وبالتالي ليس غريباً أن يأتي تعيين السفير "روبرت ستيفن بيكروفت" سفيراً أمريكيا في القاهرة بعد أن خدم في العراق، وخاصة بعد ما اكتسبه من خبرات في التعاطي مع ممارسات التفتيت والتناحر الداخلي بين مكونات المجتمع العراقي، وهو ما يتناسب وطبيعة المرحلة التي تمر بها مصر الآن، ليكون قادراً على إدارة هذا التناحر بما يحقق في مصر الأهداف التي تحققت في العراق.
مخططات للدفاع عن مصالحهم
مشيرا إلى أنه وكذلك الأمر في اختيار "حاييم كورن" ليكون سفيرا للكيان الإسرائيلي، وهو الذي يمتلك خبرة كبيرة بالدائرة الإفريقية، وشئون السودان بصفة عامة وجنوب السودان بصفة خاصة، ودوره في تكريس تبعية جنوب السودان ونخبه السياسية لإسرائيل وتوجهاتها، وكذلك دوره في إدارة الانقسامات السياسية في جنوب السودان.
ولكن يبقى الأمر الأهم برأيه أن الولايات المتحدة وإسرائيل يعملان على استخدام كل الوسائل والمخططات للدفاع عن مصالحهما، فأين نحن من مواجهة هذه الوسائل وتلك المخططات؟ وكيف لنا أن نواجهها والسلطة الانقلابية في مصر تتمادى في الانبطاح للولايات المتحدة وإسرائيل حتى لو كان ذلك على حسب أمن الوطن ووحدته وسلامة أراضيه.