تناغم وذكريات عائلة المخلوع مع حفيدهم.. “يديعوت” تستدعي حوارًا بأسرار مبارك لصحفية صهيونية

- ‎فيتقارير

استدعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية حوارًا متقطعًا مع الرئيس المخلوع حسني مبارك، مع الصحفية الصهيونية "سمدار بيري"، وضعته في تقرير كان أبرز ما جاء فيه أن مبارك أبلغ الصحفية "بأن حفيده محمد توفى وهو يلعب مع طفل إسرائيلي.. وأن المعارضة كانت ستتهمكم بقتله". ومات محمد علاء في مايو 2009، إلا أن الصحيفة قالت إنه نجل جمال!.

ودأبت الصحفية الصهيونية سمدار بيري على لقاء حسني مبارك طيلة 30 عاما، تخللتها أحاديث لم تنشر.

ومن أبرز ما جاء في الحوار على لسان المخلوع، في رفضه لقاءات "الإسرائيليين" بالمصريين وتبادل الزيارات معهم، ليس لرفضه التطبيع بل لأن "إسرائيل" نظامها ديمقراطي ومعظم سكانها مثقفون، بينما شباب مصر جائعون ويكابدون مشاكل كثيرة، بادعاء سمدار بيري.

وإعلانه أنه تعرض لمحاولات اغتيال كثيرة، وأنه لا يفهم نتنياهو، وأن "فنانا إسرائيليا ساخرا كان يغيظه ويرى أن الجمهور المصري الأميّ يحتاج لقائد قوي".

ومن المعلومات التي نشرتها الصحيفة الصهيونية "معلومات مثيرة احتفظت بها في أرشيفها عن موت حفيده، ورأيه بصدام حسين والسلام مع الفلسطينيين".

ومن ذلك قال عن اغتيال صدام حسين: "هو رئيس العراق في نهاية المطاف لسنوات طويلة، ولا يجب تحقيره بلحظاته الأخيرة".

تزامن غريب

وفي ذكرى الأربعين، نشر علاء مبارك صورة والده المخلوع محمد حسني وابن شقيقه محمد جمال مصحوبا بدعاء لهما".

أما نجل علاء الثاني فنشر صورة له ولجده في 4 مايو، وجده المخلوع مبارك يداعبه في صغره، وكتب: "رحم الله قلبا كان لي أحب شيء، ورحم الله روحا كانت لي كل شيء. الله يرحمك يا جدي".

حوارات "يديعوت"

وتحت عنوان "كشف اللقاءات المحجوبة مع الرئيس مبارك"، نشرت سمدار تقريرا موسعا جديدا تطرقت فيه محررة الشئون العربية في صحيفة لموضوعات سياسية وعائلية وشخصية تتعلق بالرئيس مبارك، منها صداقته الوثيقة مع الرئيس الإسرائيلي الراحل عازرا وايزمان، وشعوره بالإهانة لتقليده من قبل فنان ساخر يهودي، كما تطرقت إلى موت حفيده خلال لهوه مع صديق إسرائيلي.

وقالت "يديعوت أحرونوت"، إن سمدار بيري أخرجت معلومات جديدة لم تنشر من قبل من أرشيفها الخاص.

وكشفت عن حالة حزن واكتئاب شديدين مر بهما المخلوع مبارك مع موت حفيده في 19 مايو 2009، وهو بالثالثة عشرة من عمره، وقالت: "اعتزل داخل قصره وعزف حتى عن المشاركة في جنازته".

وتابعت: "بعد ثلاثة أسابيع وصلت للقاهرة، وزُرت قصر الاتحادية حيث ساد هدوء موتور، وكان العاملون فيه يسيرون على رؤوس أصابع أقدامهم، فيما بدا وجه مبارك متكدرا وهو يرتدي بدلة سوداء، وعندما قدمت له العزاء قال مبارك عن حفيده: إنه طفل ساحر وذكي وحساس جدا، وقد سقط مرة واحدة خلال لعبه في ساحة البيت، فيما كان والده ووالدته هايدي داخله، ولم يعرفا ما حصل، ولما استدعوني على عجل قرر الأطباء نقله لمستشفى في فرنسا لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، فحالته تدهورت بسرعة فائقة، وفي اليوم التالي لم يكن بيننا، وقال الأطباء إنه مات جراء جلطة دماغية".

صديقه الصهيوني

وادعت "بيري" أن مبارك ومستشاريه أخفوا حقيقة سقوطه حينما كان يلعب مع ابن دبلوماسي إسرائيلي، عمل في السفارة في القاهرة، وما إن سقط محمد أرضا سارع بعض الحراس لنقله للمستشفى، فيما سارع حراس آخرون لنقل صديقه الإسرائيلي لبيته في حي المعادي، حيث سكن كافة أفراد الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي.

وقال مبارك: إنه أخفى هذه الحقيقة للحيلولة دون مهاجمة المعارضة "إسرائيل" واتهامها بالتسبب بموت الطفل محمد، وتابع “تخيلي ماذا كان سيحدث لو حاول خصومي السياسيون اتهام إسرائيل بقتل حفيدي؟".

علاقة وطيدة

وأضافت "بعد دقيقة صمت بدت لي دهرا قمت من مقعدي وتقدمت نحو الرئيس مبارك وصافحته وعزيته بالقول: "كل الشعب في إسرائيل يشاطرك العزاء"، وتوضح أنها التقت مبارك خلال عقدين عشرات المرات، أولها في شرم الشيخ عام 1991 وآخرها في قصر الرئاسة عام 2010 قبيل شهور من سقوطه.

وأوضحت سمدار بيري، الشقراء التي تجيد العربية، أنها كانت تصل للقاهرة بدعوة شخصية من مبارك، وأحيانا على متن طائرة صغيرة كانت تهبط في مكان آمن حيث ينتظرها مندوب حكومي ويصطحبها حتى القصر الرئاسي دون المرور بأي فحص لجواز سفر، فيما كان المرافق يحمل لي حقيبتي، وفي إحدى المرات كان أسامة الباز، مستشار الرئيس مبارك، ينتظرني بذاته وأخذني للقصر الرئاسي.

أسرار مبارك

وقالت سمدار: إن الأحاديث مع مبارك كانت توزع بشكل واضح: لقاءات رسمية تنشر فيها أقواله في صحيفتها من أجل محاولة التأثير على صناع القرار في إسرائيل، وفي المقابل كانت هناك لقاءات خاصة غير رسمية اتفق على كونها ليست للنشر الفوري سلفا.

وبحسب مراقبين، فإن النشر الفوري يعني لتبرير نشرها سريعا في "يديعوت أحرونوت"، حيث أشارت إلى أن اللقاءات غير الرسمية كانت أكثر متعة وإثارة وغنية أكثر بالمعلومات المثيرة حول السياسة في مصر وعلاقات مبارك وأحفاده ومع مسئولين كبار في مصر، ورؤيته لما يجري في إسرائيل وفي العالم العربي.

حوارات البيت

وأشارت إلى لقاء مع مبارك في بيته بمدينة نصر سنة 1993، لا في القصر الرئاسي، وبحضور مستشاره المقرب دكتور أسامة الباز، منوهة إلى أنه تركز في المستوطنين وتهديداتهم لمسيرة السلام، وفي لقاء لاحق قال لها إنه تنبأ عمليا في اللقاء المذكور باغتيال إسحاق رابين، مقارنا بينه وبين متشددين إسلاميين شاركوا في قتل السادات وثلاثة وزراء مصريين وعدد من الجنرالات.

وكشف لها عن أنه تعرض لعدة محاولات اغتيال بقيت طي الكتمان، عدا محاولة قتله خلال زيارته لأديس أبابا في يوليو 1995.

الكنز الاستراتيجي

وأجابها مبارك عن رأيه ببنيامين نتنياهو فقال: "في الحقيقة لا أنجح في فهمه.. نتنياهو يقول لي شيئا واحدا وينثر وعوده، وفي إسرائيل يعزف ألحانا مختلفة، وأكثر من ذلك لست معنيا أن أقول أكثر من ذلك”.

وأشارت إلى قربٍ نفسيٍّ لدى زعماء الصهاينة للارتماء بأحضان مبارك، فقالت "رئيس إسرائيل الراحل عزرا وايزمان اضطر لتقديم استقالته خلال العام 2000 تزامنا مع نشوب الانتفاضة الثانية غداة فشل قمة كامب ديفيد، فقرر السفر للقاهرة لزيارة صديقه وزميله في الطيران حسني مبارك وعرض عليّ مرافقته، وهناك في قصر الاتحادية قال لها: إن مصر مضطرة بوقف التطبيع بسبب أعداء السلام".

ونقلت عنه قوله: إنه رفض لقاءات الإسرائيليين بالمصريين وتبادل الزيارات معهم ليس لرفضه التطبيع، بل لأن إسرائيل نظامها ديمقراطي ومعظم سكانها مثقفون بينما شباب مصر جائعون ويكابدون مشاكل كثيرة ويتعرضون لدعوات للانضمام للإرهاب، وهناك فوارق طبقية بين الجانبين فيما ”نضطر نحن لتسيير نظام ديكتاتوري".

وردا على سؤال قال مبارك: إن التطبيع مع دول عربية سيأتي بعد تسوية القضية الفلسطينية ولكن ليس فورا، ولذا على إسرائيل التقدم نحو السلام مع الفلسطينيين.

وألمحت إلى إجرائها حوارا مع مبارك بالتزامن مع وجود الرئيس الصهيوني السابق وايزمان، فقال مبارك: "حاليا نسمح للإسرائيليين بزيارتنا". وعندها علق عازر بالقول "نريد للسائحين "الإسرائيليين" إجراء حوارات عميقة مع مواطني مصر، وألا يشعروا أنهم غرباء، وحتى الآن ما زلتم تعتقدون أن الرجل الإسرائيلي يحمل بندقية مشهرة أو على رأسه قرنان”.

التطبيع والديكتاتورية

وألمح مبارك إلى التطبيع والحكم غير الديمقراطي، وقالت: سئل مبارك كيف يمكن تأليف قلوب المصريين من أجل السلام مع إسرائيل؟ فأجاب مبارك بالقول إن "إسرائيل" تتفهم لماذا ينبغي إدارة حكم غير ديمقراطي في مصر بعكس الولايات المتحدة.

وعن عملاء الاستخبارات بين شباب الانتفاضة، كأداة لهذا النمط من الحكم قال مبارك: "ماذا أستطيع أن أفعل؟ تدخل مجموعة شباب لمسجد وتقرر القيام بثورة. شكرا لله أن لدينا وكلاء مزروعين بينهم يخبروننا بما يجري، وهناك مساجد كثيرة تجتذب الشباب".