شهد، أمس الثلاثاء، كارثة طبية لا تقل عن تفشي فيروس كورونا، بعدما أعلنت اثنتان من المؤسسات الطبية التعليمية في مصر عن إغلاق أبوابهما نتيجة عجز حكومة الانقلاب عن توفير الحماية للأطقم الطبية لأطباء وطاقم تمريض مستشفى الزهراء الجامعية التابعة لجامعة الأزهر بمنطقة الدراسة، وقال أطباء إن جميع العاملين بالمستشفى وأزواجهم وأقاربهم أصيبوا بكورونا.
كما أعلنت مستشفى أحمد ماهر التعليمية بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة عن إغلاق أبوابها، بعد إصابة 32 من الطاقم الطبي والعاملين بفيروس كورونا المستجد.
وتكتفي وزارة الصحة بحكومة الانقلاب بتوفير أجنحة خاصة للأساتذة الكبار ومساعدي وزيرة الصحة، حيث حجزت للدكتورة نيفين النحاس، معاون وزيرة الصحة ومديرة مكتبها الفني، جناح “VIP” بمستشفى عزل أبو خليفة بمحافظة الإسماعيلية، بعد إصابتها بفيروس كورونا.
فيما توفي مدير الطب الوقائي سابقا في الإدارة الصحية بمدينة منيا القمح في محافظة الشرقية، في العناية كأي شخص آخر، ليمثل الحالة التاسعة للوفيات بين الأطباء بسبب فيروس كورونا، وهو ما دفع العديد من الأطباء للتحذير عبر مواقع التواصل من تفاقم الأوضاع، خاصة مع تزايد عدد المصابين في مستشفيات العزل.

مطالب الكادر الطبي
وقالت أسماء شكر، في دراسة لها بعنوان “هل تُصلح ملائكة الرحمة ما أفسدته جيوش العسكر؟”: إن تعامل حكومة السيسي مع الأطباء رغم الجهود والتضحيات التي يقدمها الكادر الطبي المصري بكل فئاته، كان تعمد تجاهل مطالبهم، في الوقت الذي يحتاج فيه الكادر الطبي إلى توفير سبل الحماية والوقاية وسرعة الكشف والعلاج للأطباء.
وأشارت إلى أن وزيرة الصحة هالة زايد، تسافر يمينا ويسارا لتقديم الهبات الطبية بالإضافة إلى وفد من القوات المسلحة المصرية يصاحبها لتقديم الدعم لدول خارجية، أكثر قدرة وإمكانيات طبية وصحية مما تتمتع به مصر، وفق كل المؤشرات الدولية.
الإساءة للسمعة
وأضافت “شكر” أن الأمر لا يقتصر على تجاهل مطالب الكادر الطبي في مصر، بل وصل إلى السخرية من جهود الأطباء والأطقم الطبية، حيث تفاجأت ممرضات مصر بتزامن عرض فيلم “يوم وليلة”، والذي أساء لسمعة 600 ألف ممرضة مصرية، عبر شخصية ممرضة لعوب تجسدها في الفيلم الممثلة التونسية درة، الأمر الذي أثار حفيظة نقيب عام التمريض في مصر الدكتورة كوثر محمود والكادر الطبي كله.
وألمحت إلى مجموعة من الفيديوهات انتشرت أخيرا على مواقع التواصل لأطباء وممرضين ينتقدون فيها طريقة تعامل وزارة الصحة مع فيروس كورونا، وعدم توفير وسائل لحماية الكادر الطبي من انتقال العدوى، مما يضطر الأطباء إلى شرائها بشكل شخصي لحماية أنفسهم.
تزييف الدعم
ونصحت الحقوقية أسماء شكر “الإعلام” الانقلابي بالتوقف عن تزييف دعم الحكومة المصرية للأطباء، فبدل العدوى المزعوم لن يشمل كل الأطباء، وسوف يتراوح بين 250 جنيها إلى 400 جنيه فقط، وذلك بعد خصم الاستقطاعات منه، وكذلك التوقف عن تصدير فكرة أزمة الأطباء في مصر بأنها أزمة مادية بين الدولة والأطباء، فالمرحلة تتطلب دعم الأطباء والمطالبة بتوفير الأدوات والأجهزة اللازمة للمواجهة انتشار الفيروس.
ورأت ضرورة العمل على مراعاة كل الاعتبارات التي من شأنها الحد من كفاءة وفاعلية الكوادر الطبية في مواجهة الوباء، مثل الرواتب والبدلات، والدعم النفسي والإعلامي، فهذه الكوادر هي خط الدفاع الأول عن المواطنين الآن في هذه المواجهة.
مطالب وهروب
وحصرت تقارير إهمال الانقلاب للكادر الطبي، وأن فتح وزارة الصحة باب التطوع للالتحاق بفرق مواجهة فيروس كورونا جاء بعد هرب العديد من الأطباء والصيادلة والممرضين، وذلك بعد تأكدهم بأن الحكومة لا تُبالي بحياتهم ولا بحياة أُسرهم، وذلك بعد غياب وسائل الحماية الكافية لهم في معركتهم مع فيروس كورونا، ويؤكد الكادر الطبي في مصر بأن هناك نقصا كبيرا في الأدوات الأولية للحماية من كمامات طبية ومعقمات داخل المستشفيات، والمراكز الصحية الحكومية.
وفي حوار لأمين عام نقابة الأطباء الدكتور إيهاب طاهر، أكد أن وزارة الصحة تتعنت مع نحو 7 آلاف طبيب، حديثي التكليف، في وقت تحتاج مصر إلى جهودهم لمكافحة فيروس كورونا، محملا الدولة مسئولية هروب الأطباء للخارج.
واستغرب “طاهر”، في تصريح لبرنامج “القاهرة الآن” على قناة الحدث، محاولة الدولة تحويل الأطباء الصيادلة إلى أطباء بشريين، معتبرا أن جهات تسعى إلى زرع الفتنة بين الأطباء والصيادلة في وقت تحتاج مصر لجهود كليهما. وإن كان المطلب الحكومي يعني برأي مراقبين نقصا حادا في توفير الأطباء.
واقع بائس
وقالت الدراسة، إنه رغم تخصيص وزارة الصحة 28 مستشفى للعزل إلا أنها لم تستخدم منها سوى 8 مستشفيات حتى الآن، وذلك حسب تصريحات رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا بوزارة الصحة.
وأعلنت حكومة الانقلاب عن زيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75% للأطباء العاملين بالمستشفيات الجامعية، ولكن الأطباء في مصر اعتبروا هذا الزيادة محبطة ومخيبة للأمل، حيث إنها لا تشمل جميع الأطباء والكادر الطبي.
وقالت: تعالت الأصوات من داخل المهن الطبية للمطالبة بتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الذي قرر زيادة بدل العدوى للأطباء بمبلغ 1000 جنيه شهريا بدلا من 19 جنيها، والذي يشمل جميع الأطباء، ورغم أن الحكم قد أصدر منذ نوفمبر عام 2015، من محكمة القضاء الإداري، إلا أن حكومة السيسي منذ ذلك الحين تتفاوض على تنفيذ الحكم بحجة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وكشفت الحقوقية أسماء شكر عن أن حكومة الانقلاب طعنت على حكم المحكمة الخاص ببدل العدوى أمام المحكمة الإدارية العليا، ليظل الوضع كما هو عليه حتى بعد أزمة كورونا.
كما طالب العاملون في جهاز الإسعاف عن غضبهم لعدم إدراجهم ضمن القرار بدل العدوى، مطالبين بحصولهم على البدل باعتبارهم جزءا من الكادر الطبي.