مبادرة “أهالينا” استنساخ “تحيا مصر”.. مقدمة للتخلي عن ضحايا كورونا

- ‎فيتقارير

قام صندوق "تحيا مصر" على نظرية "شخلل عشان تعدي"، بمعنى ابتزاز غير معلوم كميته أو وجهته لأشخاص كمحمد صلاح أو محمد جبريل أو أشخاص اعتباريين كرجال الأعمال، أو مؤسسات رسمية أو خيرية على اختلاف المسميات.

التوجه الحكومي الجديد القديم هو ابتزاز الشعب، فمن مقولة السيسي "أنا عاوز الفكة" إلى جمع تبرعات للصندوق الأبرز في مصر منذ 2014، عن طريق بيع تذاكر مباراة افتراضية، لن تُلعب، بين الأهلي والزمالك، بحسب وزير الشباب والرياضة، بحكومة الانقلاب أشرف صبحي، ووصولاً إلى مبادرة مستنسخة بعنوان "أهالينا".

 

رغبة في السيطرة

مبادرة "أهالينا" التي ظهرت في 14 أبريل أطلقتها محافظة القاهرة بعنوان قريب "علشان أهالينا" لتوزيع الطعام وأدوات التعقيم على عمال النظافة بالعاصمة، فرأت أن تعمم المبادرة على أغلب المضارين من كورونا.

محافظة القاهرة طالبت بدعم عمال النظافة ودور رعاية الأيتام ودور المسنين لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وذلك بالتعاون مع مؤسسة صناع الخير للتنمية، مؤكدًا إعداد وتجهيز ألف حقيبة طبية لعمال النظافة تشتمل على 5 لترات مطهر و5 لترات كلور و12 صابونة وعلبة قفازات وعلبة كمامات لحماية عمال النظافة من انتقال العدوى إليهم أثناء أداء عملهم.

المبادرة كشفت عن عجز المحافظة عن حماية موظفيها ذاتيا رغم أن السيسي خصص 100 مليار جنيه لمواجهة كورونا كان نصيب وزارة الصحة نحو 1800 مليون جنيه فقط، وبقية الأموال ذهبت إلى الجيش وفي عهدة اللواء إيهاب الذي أوصاه السيسي في لقاء أخير بألا يقوم بصرف أي شيء من مخصصات كورونا إلا "لما يرجع له".

المطهرات والكمامات والقفازات تم اختزالها في القاهرة إلى توزيع ألف حقيبة مواد غذائية في 9 أبريل الماضي و500 حقيبة طبية لدور الأيتام ودور المسنين بالقاهرة لمواجهة فيروس كورونا.

شارك في المبادرة مؤسسة صناع الخير للتنمية والمصرف المتحد والشركة المصرية للاتصالات (وي)، المثير للدهشة أن المحافظة كشفت عن أن المبادرة ذهبت لدعم الأسر المتعففة والعمالة غير المنتظمة؛ ما يعني أنه لا تأمين على حياة عمال النظافة وأن حياتهم معرضة للخطر مع التعهد بأن يتم توظيفه!

 

استنساخ المبادرة

وفي 14 أبريل، أطلقت حكومة الانقلاب مبادرة "أهالينا"، لدعم العمالة غير المنتظمة المتأثرة بالأضرار الاقتصادية التي فرضتها أزمة فيروس “كورونا” المُستجد (كوفيد-19) على الاقتصاد المصري، لتعزيز مستوى الحماية الاجتماعية لأهالينا من أفراد وأسر.

وفتحت التبرع عبر صفحة المبادرة بتحديد القيمة التي يرغب المواطن في تقديمها للتبرع للمساهمة في التخفيف عن الأسر المتضررة من العمالة غير المنتظمة، المثير للدهشة أيضًا أن الحساب رقم 2030، وهو عنوان عريض لرؤية السيسي يبدو أن بدايته تعتمد على جيوب المصريين لا عوامل الانتاج المعروفة.

 

دلالات المبادرة

ما اختزلته حكومة الانقلاب عن المبادرة المجتمعية لجمع التبرعات هو دعم العمالة غير المنتظمة المتضررة من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انتشار جائحة الكورونا.. قال محللو موقع "الشارع السياسي" إن له دلالات أبرزها أن سلطة الدولة لم تتخلَّ فقط عن أدوارها الاجتماعية المتعلقة بدعم الفئات الفقيرة والمتضررة، باعتبار هذا الدعم جزءًا من مسؤليتها تجاه المجتمع، الذي خوّلها إدارة موارده، ومنحها السيادة عليه، مقابل قيامها بأدوارها تلك، إنما تسعى للتكسب من الأزمة، واستغلال الظرف الراهن في جمع تبرعات، لا يبدو واضحًا لمن ستذهب، وما هي آليات جمعها وصرفها، وما هي الآليات الرقابية التي تسمح للمجتمع مقدم هذه التبرعات بمراقبة أمواله التي سيدفعها للحكومة.

ورأى المراقبون أن إشراك المجتمع في معالجة مشكلة العمالة المتضررة من انعكاسات كورونا على الاقتصاد، يستلزم بالتبعية مشاركة المتبرعين في إدارة الأموال المجموعة، أو على الأقل سيزيد من تركيز المتبرعين على تعامل الحكومة مع هذا الملف، وسيولد جدلاً ونقاشًا حوله، وهذا ما يرفضه النظام؛ فالنظام لا يرغب أن يشتغل الناس بالسياسة، حتى وإن كانوا في صفوف المؤيدين.

يقول تحليل "الشارع السياسي": إن السيسي يحب أن يبقى المجتمع مستقيلاً من النشاط السياسي، وبالتالي فإشراك المجتمع في جمع التبرعات للمتضررين فيه تسييس للمجموعات المتبرعة، بل وقد يخلق كوادر سياسية نشطة وواعية، قد تمثل مصدر خطر على النظام في وقت لاحق.

وأشار الموقع إلى أن النظام يسعى أن يكون وأجهزته في قلب النشاط التضامني والخيري الذي يقوم به المجتمع في الوقت الراهن للتخفيف عن الفئات الفقيرة والمتضررة من كورونا وتداعياته؛ حتى لا يبقى هذا المجال بدون رقابة حكومية، وهو ما يسمح، وفقا لرؤيته، بـ"بتسلل القوى الإسلامية" من باب العمل الخيري، وحتى لا يسمح بظهور تجمعات خيرية تحوز رأس مال رمزيا واجتماعيا، ومن خارج المحسوبين على النظام؛ فالنظام الانقلابي الحالي مهموم بالسيطرة والتأميم، ولا يريد أن يسمح بظهور أية مساحة أو مجال لا يخضع لتبعية مباشرة للنظام وأجهزته الأمنية خاصة.