أصبحت الراقصات والمغنيات النجوم والكواكب، وتوارى الأشراف وغُيب العقلاء، واحتضرت الفضيلة ودُفنت المبادئ وحوربت القيم؛ لأننا منذ 60 سنة مصابون بسرطان العسكر. وفي عهد انعدام الأخلاق والحرب على الدين والانقلاب العسكري على الشرعية، وصل الأمر بفتاة تيك توك تدعى “حنين حسام” إلى الخروج عن المألوف، وبث فيديوهات تحت سمع وبصر العسكر لا تتفق مع الآداب العامة أو القوانين التي تفرضها تعاليم الاسلام، في تلك الفترة التي تواجه فيها مصر وبلاد العالم فيروس كورونا.
ونشر مدونون ومغردون على وسائل التواصل الاجتماعي ثلاث وثائق منسوبة للمخابرات المصرية تثبت تجنيدها للفتيات والممثلات، وقد ذكروا أن مسرّب هذه الوثائق هو الفنان المقاول محمد علي، وهي وثائق تخص ممثلات وفتيات مصريات وعربيات تم تجنيدهن لصالح المخابرات، حيث توضح الوثائق الثلاث الصادرة عن مدير إدارة تجنيد المصادر والمتعاونين، المطالبة بتجنيد مجموعة من الفنانات المصريات والعربيات مقابل أجور ومكافآت، وعلى صدر القائمة رأس الأفعى الراقصة سما المصري.
حرب الأخلاق
البداية كانت من فيديو بثته “حنين حسام” من الشارع، تدعو فيه متابعيها للنزول في وقت حظر التجوال وممارسة حياتهم الطبيعية، وتصوير ذلك وإرسال الفيديوهات لها، لكن ما زاد على ذلك هو أن الفتاة المثيرة للجدل، بثت فيديو تحث فيه الفتيات الصغيرات بالاشتراك معها فى البرنامج وفتح كاميرات هواتفهن المحمولة من داخل غرف نومهن، والتعرف على شباب مقابل مبالغ كبيرة سيحصلون عليها أسبوعيًا.
ولم تمر ساعات على سخط وغضب جمهور السوشيال ميديا من انتشار مقطعها عبر “السوشيال ميديا”، والذي ظهرت من خلاله تدعو الفتيات إلى فتح الكاميرات للعملاء من غرفهن، في مقابل النقود، حتى تحركت سلطات الانقلاب التي وجدت نفسها متهمة بالتواطؤ في نشر الفساد.
وأصدرت النيابة قرارا بحبس “حنين” لمدة 4 أيام على ذمة التحقيق، وأضافت المصادر أنّ سلطات الانقلاب تحركت بعد ظهور الفتاة في فيديو بلغت مدته 180 ثانية، حرضت فيه الفتيات على ارتكاب أفعال لا تناسب طبيعة المجتمع المصري، إذ دعت الفتيات إلى فتح الكاميرات مقابل مبالغ مالية، ادّعت أنّها تتراوح بين 36 حتى 3 آلاف دولار، كما أكدت المصادر أنّه حال ثبوت الاتهام ستعرض الفتاة على النيابة.
وحققت نيابة شمال القاهرة، مع حنين حسام، وهي طالبة بكلية الآثار في جامعة القاهرة، وفي بيان رسمي، ذكرت جامعة القاهرة، أنها أحالت الفتاة إلى الشئون القانونية للتحقيق معها؛ “لقيامها بسلوكيات تتنافي مع الآداب العامة والقيم والتقاليد الجامعية”.
وقال محمد عثمان الخشت، رئيس الجامعة، إن عقوبة الطالبة قد تصل إلى الفصل النهائي، وأضاف الخشت أن الجامعة تلقت العديد من الرسائل حول دعوة الطالبة، عبر تطبيقي “إنستغرام” و”تيك توك”، الفتيات إلى فتح الكاميرات و”تسجيل فيديوهات غير لائقة مقابل مبالغ مالية”.
أنا مبسوط ولكن
يقول الناشط محمود عوف: “بعد قرار حبسها أنا مبسوط جدا لأن دي كانت هتدمر جيل بنات كامل حرفيا، عارف يعني إيه تقول لأختك وأختي وأخواتنا كلنا أنا عارفة ظروفكم المادية الوحشة فعشان كدة هاشغلكوا معايا تفتحوا كاميرات لرجالة بمقابل مادي من ٣٦ دولارا إلى ٣٠٠٠ دولار”.
ويقول فارس سمير: “يا ترى هو العيب على #حنين_حسام ولا على تربية البيت إنه المفروض مسلم ولا على الإعلام اللي بيستخف بعقولنا ولا على المسلسلات والأفلام اللي بقى كل شيء فيها مباح ولا علينا علشان احنا اللي بنعمل المشاهدات والتريندات والحبشتكانات”.
ويقول أبو مكة: “حنين حسام هتتحول للنيابة علشان تمثيل دعارة، طيب والدعارة الحقيقية مش بتتحول للنيابة ليه.. أنا مش متعاطف معاها أنا بسأل بس”.
ويقول محمد أبو رية: “لما غادة عبد الرازق قلعت ملط ما اتعاقبتش، لما سما المصري بتطلع كل يوم بتهيج الشباب عادي، لما تلاقي بنات كتير قوي على تيك توك وببيجوا بيعملوا أقذر من كدا ما حدش بيتكلم اشمعني البنت دي حد ممكن يفهمني؟ دي دينا الرقاصة كانت رقاصة وهي في جامعة القاهرة والجامعة مافصلتهاش”.
وتقول سالي سيد: “مثال واضح على ازدواجية الشعب المصري وحكومته، ففي الوقت الذي ترتكز في السياسة الإعلامية علي إباحة الفسق والفجور على شاشاتها حتى في الشهر الكريم وتكريم فيفي عبده والست هيفاء وهبي يقاضون حنين وأمثالها. إذا كان رب البيت بالدف ضاربه فشيمة أهل البيت الرقص”.
ويقول محمود كرم: “انتوا ماسكين فى حنين حسام.. ومحدش واخد باله من سما المصري؟ بلاش نفاق بقا ولا محدش فيكم صدفة شاف البث بتاع سما قبل كدا”.
كل حاجة وعكسها
وتقول فريدة محمود: “كلامي ملوش علاقة خالص برأي فيها #حنين_حسام معملتش أكتر من اللي بنات التيك توك بيعملوه. رقص وعري واستهانة بالحجاب والعادات والتقاليد اللي اتربينا عليها. يامحاسبة لكل واحدة عملت زيها وعلى رأسهم رأس الأفعى #سما_المصرى ياتقفلوا الأبلكيشن اللي بوظ بنات كتير أوي، ياتتقبلوا الوضع وربنا يرحمنا”.
ويقول حسام محمود: “احنا بنعمل كل حاجة وعكسها، محدش فاهم حاجة، فيه مليون واحدة زي #حنين_حسام وأكتر بس لازم الأول تنضفوا أساتذة الفجور أشباه #سما_المصري وغيرها علشان ميطلعوش من تحت أيديهم الأشكال اللي بنشتكي منها دي، مهو لازم نعرف مين وراها وليه ساكتين عليها كل ده”.
لقد اقتدى العسكر العربي بالعسكر التركي في العلمانية والانحلال الأخلاقي، وقد عاد العسكر التركي إلى ثكناته بثمن باهظ، ولكنه عاد أخيرا وتحررت تركيا وهي تبني نفسها وتقدم درسا مجانيًا لكل غيور على وطنه.
إنهم متشابهون كالبيض، لا متشابهون كمربعات الدومينو، لأنهم عسكر عربي واحد من الجزائر إلى السودان. ثكنة واحدة، مدرب واحد، عقل واحد. لا يمكن أن يكتب عنهم أحد بحياد أو أن يمنحهم شيئا من الاحترام في العبارة. لا يمكن الحديث عنهم بعقل بارد يزعم التحليل دون انفعال.
المجد العسكري مرمي على قارعة الطريق في السودان وفي الجزائر مثلما كان مرميا في ليبيا واليمن ومصر، قبلهم جميعا كان يكفي للعسكري أن يؤدي التحية لشعبه ويتراجع إلى ثكنته ويحرس بلده لينال نياشين المجد ويسكن قلوب الناس فتُرد له التحية بعشر أمثالها.
لكن في جميع هذه البلدان يرفض العسكري ذلك، بل يزعم حماية الوطن من أبنائه، كانت هناك معركة قومية لتحرير الأرض المحتلة، لم يعد أحد يطالب الجيوش العربية بالانخراط فيها، فهذا حلم أصبح قديما، وودعته الشعوب العربية منذ العام 1948.
