توفي أمس الاثنين الشيخ جمال قطب، الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر، 72 عاما، ونعاه العلماء ورموز الصحافة الإسلامية في مصر، فضلا عمن اقترب منه كواجهة رصينة للحوارات وآراء حصيفةٍ يصل منها المتابع والباحث لمراده دون إيذاء، فضلا عن حضوره الذي خلّد اسمه في ميدان التحرير إلى جوار العلماء خلال ثورة 25 يناير.
وأضاف الصحفي خالد يونس إلى سجله في الإطار السياسي والثوري، فكتب أنه “كان عالمًا جليلاً، طالب بتطوير العلوم الشرعية في الأزهر لتخرج بخلاصة المذاهب الفقهية الأربعة، معتبرا ذلك السبيل لتطوير الخطاب الديني، وطالب بأن يكون تولي منصب شيخ الأزهر بالانتخاب، وانتقد تسييس القضاء وتدخلات السلطة التنفيذية في شئونه”.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=683314165758651&id=100022402211257
لم يتوقف الشيخ جمال قطب- أحد أبرز وجوه محاضرات “مركز الدراسات المعرفية” حتى قبل ووقت ليس بالبعيد- عن الحضور على الساحة، فالرجل حضر “كورونا” وحاضر عنها بكلمات رغم حالته الصحية، وأوصى بمنع إعلان وفاته تجنبا للزحام ومنعًا لانتشار كورونا، لذلك قل أن تجد خبرا عن رحيل هذا العالم الكبير.
زميلنا عامر شماخ في نعيه الشيخ الراحل قال، ملخصا منهجه في التعامل مع الواقع: “رحم الله الشيخ جمال قطب.. تعاملتُ معه في موقفين اثنين يدلان على حصافة الرجل وحسن تقديره للأمور.. وقليلٌ من يفعلون”، ولعله يوضح ذلك في مقاله بالبوابة.
https://www.facebook.com/AJA.Egypt/posts/1274598949589800
الدكتور هاني البنا، رئيس مؤسسة الإغاثة الإسلامية ببريطانيا، قال: “رحم الله أخي العزيز العالم الجليل دكتور جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى السابق في الأزهر الشريف، عرفته منذ شبابه- في مسجد المحروسة- طالبا نجيبا، خطيبا مفوها حكيما, عضوا في مجلس الشعب المصري مدافعا عن حقوق الفقراء والمستضعفين وعالما حصيفا تشرئب إلى قامته الأعناق والفحول من العلماء. اللهم أسكنه فسيح جناتك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا”.
الأكاديمي خالد فهمي، أستاذ الآداب، اعتبر أن “جمال قطب صوت عاقل منير، وقوي وشجاع، وتميزه في الفتوى راجع إلى حزمة عوامل أظهرها؛ أثر التربية الحركية التي تعرض لها في مقتبل شبابه، وقراءته المتنوعة في علوم النفس والاجتماع، ووعيه بطبيعة الواقع المعاصر، وكان الرجل في آخر عمره منشغلا بالعمل الخيري”.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10221356160110950&id=1157040255
مواقف مع الشيخ
وكتب الصحفي قطب العربي: “رحم الله الشيخ جمال قطب العالم الأزهري الفاضل وعضو مجلس الشعب الأسبق، عرفته مبكرًا منذ مطلع التسعينات وزرته في بيته، وأحمد الله أنني كنت طريقه إلى نشر أول مقالاته الصحفية.. اللهم تقبله في الصالحين”.
أما الباحث الدرعمي محمد فتحي النادي فكتب: “رحم الله الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، لم أشرف بالتعرف عليه، لكن كان له في منطقتي التي أسكن بها في الجيزة عمارة كاملة من عدة طوابق، هي عبارة عن مكتبته الخاصة، والتي كانت تحوي مصنفات في شتى العلوم والفنون، وكان القيم عليها صديق أزهري وهو الذي أدخلني إليها، فكنت أغبط الشيخ جمال رحمه الله على مكتبته تلك، وأخانا القيم على تلك المكتبة، وإن كنت أتمنى وقتها أن يفتحها للباحثين وطلاب العلم”.
https://www.facebook.com/mf.elnady/posts/2832579553495449
ويتذكر له الدكتور حامد قويسي، أستاذ العلوم السياسية، أن الشيخ رحمة الله عليه “عرفته على المستوى الشخصي والعلمي قبل ما يزيد على ربع قرن من الزمن ولم تنقطع، عالم صاحب رؤية تجديدية حقيقية، من العلماء العاملين والزهاد الأوائل، غفر الله تعالى له وأسكنه فسيح جناته”.
واعتبره عالما ربانيا وكتب: “ويرحل جيل من العلماء العاملين الربانيين عوضنا الله عنهم خيرا، وإنا لله وإنا اليه راجعون”.
أما الصحفي جمال سلطان فكتب: “رحل عنا فضيلة الشيخ جمال قطب، أحد النماذج الاستثنائية في الأزهر، ورئيس لجنة الفتوى فيه سابقا، كانت قضايا الأمة من أقصى شرقها لأقصى غربها في قلبه حاضرة دائما، قلبه جمرة من الحب والخوف على الوطن والناس، لم يبال وهو يعتصم في ميدان التحرير في ثورة يناير، بزيه الأزهري، وظل وفيا لمبادئها، كارها للاستبداد، ينشر خطاب الاعتدال والوسطية في حدود المتاح، رحمك الله يا شيخ جمال، أشهد أنا ما عرفنا عنك إلا الخير ونبل الأخلاق”.
آخر المؤتمرات
وكان مؤتمر “تجديد الفكر والعلوم الإسلامية” الدولي، الذي عقده الأزهر الشريف في الفترة من 27 حتى 28 يناير، هو آخر المؤتمرات التي أسهم في الحديث عنها جمال قطب.
وقال رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: “إن الأزهر يعقد هذا المؤتمر وغيره من الفعاليات الدولية حسبة لله تعالى وأداءً لرسالته السامية، مشددا على أن الأزهر مؤسسة عالمية يهتم بشئون الأمة الإسلامية بأسرها، وليست وزارة أو جهة محلية لها مصالح وشواغل ضيقة تتعلق بهموم ومشكلات المجتمع المصري فقط”.
موقف جمعة الرحيل
الدكتور منير جمعة، الشيخ بالجمعية الشرعية والمطارد من الانقلاب لعضويته في رابطة علماء ضد الانقلاب، تحدث عما رآه بعينيه في ميدان التحرير في جمعة الرحيل، في 4 فبراير 2011، فقال: “ثم كان يوم الجمعة 4 فبراير الذي عرف بـ”جمعة الرحيل”، وتمت إذاعة خطبة شيخنا القرضاوي، ووقع يومها موقف الشيخ جمال قطب؛ حين أُعطِي الكلمة وأعلن تصديقه لرئيس الوزراء وقتها أحمد شفيق الذي أنكر علمه بموقعة الجمل، فهاج عليه المعتصمون ورفضوا كلامه وهتفوا برغبتهم في استكمال خطبة القرضاوي، واختفى الرجل ثم ظهر د. صفوت حجازي ليعيد للميدان هدوءه، ويعيد الرجل– يقصد الشيخ جمال- إلى تكملة كلمته.
الشيخ جمال يبدو أنه أراد إيضاح كلماته من أحمد شفيق، ففي ٢٩ مايو ٢٠١٢، صرح الشيخ جمال قطب الرئيس الأسبق للجنة الإفتاء بالأزهر، أن شفيق “يقول كلاما وهو سكران لا يعرف ما معناه، وأنه وضع نفسه تحت المفرمة على حد قوله، فهو يخطئ كثيرا فى الدين وفى أحكام الشريعة الإسلامية”.
وأضاف الشيخ جمال قطب أن هذا “الرجل من المفروض أن يحترم سنه لأنه رجل كبير فى السن، لكنه يهين نفسه بكلامه الكثير الذى يصدر عنه وهو شبه سكران”، على حد تعبيره.
وجاءت تلك التصريحات في معرض رفضه لتصريحات شفيق حول حذف آيات كتاب الله عز وجل (القرآن الكريم) من المناهج التعليمية والتي وصفها بالمشينة.