أكدت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، عن مصادر لم تسمها، بدء مخابرات السيسي اتصالاتها وتحركاتها الفعلية بعد تلقيها نسخة من مبادرة رئيس حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، بشأن تحقيقِ مرحلة أولى من صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني، عبر مبادرة من الحركة هدفها الإفراج عن فئات معينة من الأسرى، في خطوة تمهد لصفقة أكبر، لتشمل الإفراج عن كبار السن والأطفال والنساء مقابل تقديم معلومات حول الجنود الأسرى.
وشجّعت ردود فعل حكومة الاحتلال، بقيادة بنيامين نتنياهو، على تقدير مخابرات مصر أن “الإسرائيليين” سيتعاملون بإيجابية لإنهاء ملف الجنود، لكنها قالت إن حكومة الاحتلال طلبت مزيدا من الوقت لبحث المبادرة بسبب “حساسية الموقف الداخلي حالياً”؛ المتمثل في حالة الطوارئ، إضافة إلى أنه لم تشكل حكومة جديدة بعد، بحسب الصحيفة.
وكشفت “الأخبار” عن أن الاتصالات التي ترعاها المخابرات كوسيط، تهدف إلى “معرفة الموقف المبدئي (والدقيق) للعدو”، مضيفة لـ”المصادر” نفسها أن المصريين، الذين يقتصر تواصلهم حاليا عبر الاتصالات الهاتفية مع الجانبين، قدّموا طرحا مشابها لما قدمته «حماس» بخصوص صفقة قبل التبادل، تشبه خطوات ما قبل الإفراج عن جلعاد شاليط في «وفاء الأحرار»، حين أُفرج عن 25 أسيرة مقابل فيديو يثبت الوضع الصحي لشاليط.
وبحسب موقع “إندبندنت عربية”، فإن أكثر من وفد قيادي من حركة حماس زار القاهرة للحديث حول صفقة تبادل مرتقبة مع الاحتلال، كما بدأ الوسطاء الدوليون بإجراء اتصالات مع قيادة حماس بشأن الجلوس إلى طاولة مفاوضات تفضي إلى عملية تبادل مرتقبة.
استعداد أم دعاية؟
وتحدث مكتب نتنياهو، في تصريح مكتوب، عن أن منسق شئون الأسرى والمفقودين، يارون بلوم، وطاقمه، بالتعاون مع “هيئة الأمن القومي” والمؤسسة الأمنية، “مستعدون للعمل بشكل بنّاء من أجل استعادة القتلى والمفقودين، وإغلاق هذا الملف، ويدعون إلى بدء حوار فوري من خلال الوسطاء”.
ورغم أن ملف جنود الاحتلال الأربعة المفقودين منذ حرب 2014 على غزة، توقف عند رفض حماس إعطاء أيّ معلومات عنهم إلا بعد أن يفرج الاحتلال عن أسرى محررين أعادت اعتقالهم بعد أن أفرجت عنهم خلال صفقة شاليط، إلا أن تقريرا أخيرا بثته “الجزيرة”، أوضح أن الاحتلال ليس في أفضل أحواله؛ وأن كورونا فاجأته فكبدته الخسائر الأفدح على الإطلاق في المنطقة، فسعى نتنياهو إلى ما يكره. وقال: “أستطيع الضغط على غزة لتقديم تنازلات بخصوص الأسرى لديها وليكن كورونا ذريعة وسببا، فمقابل ذلك قد نقدم لهم مساعدات إنسانية لمقاومة الجائحة التي تجتاح العالم كله”.
موقف حماس
من جانبه اعتبر موسى دودين، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أن إعلان نتنياهو استعداده للدخول في الحوار «مجرد دعاية إعلامية، وآخِر ما يهمه فيها استرجاع أسرى الاحتلال لدى المقاومة، لأنه لا يفعل شيئا على أرض الواقع”.
بدوره، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في اتصال مع نائب وزير الخارجية الروسي الاستعداد لإبرام صفقة لتبادل الأسرى في حال استجابت “إسرائيل” لمتطلبات هذا التوجه.
وجدّد رئيس المكتب السياسي للحركة، خلال اتصال مع المبعوث الروسي للشرق الأوسط، ميخائيل بوجدانوف، التشديد على أن “حماس مصمّمة على الإفراج عن الأسرى… في إطار التبادل الذي يمكن إنجازه في حال استجاب قادة الاحتلال لمتطلبات ذلك”.
وتحدث “هنية” مع “بوجدانوف” عن صعوبة أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مؤكدا ضرورة حمايتهم من فيروس كورونا.
وأكد الباحث في الشأن السياسي الفلسطيني حسام الدجني أن “استعداد حماس للدخول في مفاوضات مع “إسرائيل” يحمل معلومات عدة، من بينها وجود تحرك سريع في مسألة المفاوضات بشأن عملية التبادل المرتقبة”.
ونفى نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية أيّ معلومات حول وجود تقدم في ملف التفاوض الخاص بقضية الأسرى جنود الاحتلال في غزة، مبديًا استعداد حركته للدخول في المفاوضات الماراثونية.
وقال رئيس الدائرة السياسية في حركة حماس محمود الزهار بأنّ الذهاب إلى مفاوضات ماراثونية يأتي للاستعجال في الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وتبيض السجون.
وتتمثل فكرة المفاوضات الماراثونية بأن يتدخل الوسطاء في إجراء الانتخابات بشكل سريع، ويتم تخطي العقبات في مرحلة التفاوض. وتُعد طريقة التفاوض الماراثونية الأسرع في إنجاز الملفات، وتأتي لتحقيق مكاسب كبيرة لطرفي التفاوض.
5 آلاف أسير
وقال حسن عبد ربه، المتحدث باسم هيئة شئون الأسرى والمحررين، في تصريحات صحفية، إن “عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ خمسة آلاف أسير، موزعين على 22 معتقلا ومقر احتجاز في الداخل الصهيوني، بينهم 430 معتقلا إداريا يقبعون في الأسر دون توجيه اتهامات، و700 حالة مرضية، و200 طفل قاصر، لمن لم يتجاوزوا 18 عاما، و41 أسيرة، وبلغ عدد الأسرى المفرج عنهم من صفقة شاليط وأعيد اعتقالهم 70 أسيرا”.
وتشكل الحالات السابقة ورقة مهمة لبدء المرحلة الأولى من المفاوضات، كونهم يشكلون حالات إنسانية بإمكان حكومة تل أبيب الإفراج عن جزء كبير منهم، مقابل الحصول على معلومات تفيد بشأن حالة الجنود الأسرى.
ويواجه الاحتلال معضلة بشأن الموافقة على العرض الذي تقدمه حماس بشأن إطلاق سراح الجنود الأسرى لديها مقابل تحرير قيادات الجهاز العسكري للحركة من داخل سجونها، أو من ثبت تورطه بقضايا قتل “إسرائيليين” من الفصائل الأخرى، مثل مروان البرغوثي المنافس الأول للرئيس محمود عباس لقيادة حركة فتح، أو أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وارتهن خبراء مدى قبول حكومة تل أبيب بشأن الإفراج عن قيادات عسكرية من حماس والفصائل الأخرى بمعرفة مصير الجنديين غولدن وأرون، لأنهما يمثلان خصوصية للمؤسسة العسكرية، وتم أسرهما أثناء تنفيذ الجيش لعملية عسكرية في غزة، وفي حال ثبت أنهما أحياء سيكون الجيش في حرج، إما القبول بشروط حماس مهما كان مداها، أو ظهوره كمن تخلَّى عن أبنائه.