ابحث عن المستفيد.. “بن سلمان” يقود حربًا مع موسكو قد تهوي بالبرميل لأقل من 3 دولارات!

- ‎فيتقارير

خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من عزلة فرضها فيروس كورونا على قامات ورؤساء العالم، وفي مقدمتهم دول السبع الكبار (G7)، ليعلن أنه لم يكن يتوقع يوما أن يقول: “نحتاج إلى رفع أسعار النفط”، ولكنه قال “لكن هذا هو الوضع.. السعر منخفض جدًا ولا أريد لقطاع الطاقة أن يمحى”.

وأضاف، في مؤتمر صحفي، أن “روسيا والسعودية تتصارعان، ولذلك تحدثت مع الرئيس الروسي وولي العهد السعودي من أجل إنهاء أزمة النفط؛ لأن ذلك يضر أكبر الصناعات في الولايات المتحدة، ولا نريد أن نخسر هذه الصناعة ومعها آلاف الوظائف”.

كما يتوقع أن تمثل ضربات الحوثي الأخيرة، التي طالت الرياض، مقدمة لضربة أكبر تستهدف مصافي وحقول النفط، ربما تقوم روسيا بدفع إيران لشن ضربة شبيهة بضربة أرامكو لتقلب الموازين لصالحها في حرب النفط المستعرة.

ومع توقعات باستمرار هذا التهاوي خلال الشهور المقبلة، حيث يقترب سعر البرميل من عتبة 25 دولارا، وكان قبل شهر يتم تداوله بسعر 65 دولارا، خاصة مع تأكيد بنوك استثمار عالمية كبري أمس على أن أسعار النفط تسير بسرعة نحو 20 دولارا للبرميل بسبب تراجع الطلب الحاد على الخام الأسود حول العالم.

“الرياض وموسكو أصيبتا بالجنون”، يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما وصف تداعيات ما اعتُبر حينها رد فعلٍ من السعودية على انهيار اتفاق خفض معروض النفط بين أعضاء الدول المصدرة للنفط أوبك و10 دول نفطية من خارجها تتقدمهم روسيا.

 

3 دولارات

وتوقعت “سيتي جروب” تسريح العمالة الضخمة في قطاع النفط، مع احتمالية وصول سعر البرميل إلى 5 دولارات، وأن السعر قد يقل عن تكلفة استخراج النفط في بعض الدول المنتجة.

الأكثر تشاؤما للدول النفطية والأسعد لدول كمصر ومستوردو النفط، ما كشف عنه استطلاع أجرته “بولومبرج” الأمريكية توقع المشاركون فيه، تراجع سعر خام برنت إلى 20 دولارا للبرميل أو مستوى أقل، وتراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى مستوى يقل عن 3 إلى 5 دولارات.

وممن توقع وصوله إلى 10 دولارات، بنك “يو.بي.إس” السويسري، حيث توقع انخفاض الطلب على النفط 10 ملايين برميل يوميا، أو أكثر في الربع الثاني من العام الجاري 2020، مع استمرار تفشي كورونا.

فيما توقع بنك “ستاندرد تشارترد” البريطاني فائضا نفطيا آخر بواقع 19.5 مليون برميل يوميا في شهر مايو، و13.7 مليون برميل يوميا في شهر يونيو.

ويرى بعض محللي الطاقة أن السعر قد ينخفض ​​إلى 10 دولارات للبرميل، فيما قالت تقارير إن السوق متخمة بالنفط لا أحد يشتريه، حتى إنه بات يتداول في سوقه الآنية، بولاية تكساس الأمريكية بأقل من 10 دولارات.

 

الخاسر الأكبر

وفي مقارنة بين الخسائر السعودية والروسية، كتب د. أحمد ذكر الله، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، تحت عنوان “السعودية الخاسر الأكبر من صراع النفط!”، أن انخفاض أسعار النفط ذات آثار سلبية على جميع الدول المصدرة للخام الأسود.

وأشار إلى أنه “وفقا لتقديرات الخبراء، تخسر روسيا ما بين 100-150 مليون دولار يوميا بسعر نفط يبلغ 40 دولارا، كما تحتاج روسيا إلى سعر 50 دولارا لتوازن جانبي موازنتها العامة، ودعم الملايين من الروس من غير الموظفين في الدولة”.

ورجح ألا تسطيع روسيا تعويض الخسائر الناتجة عن انخفاض الأسعار، بسبب العقوبات الأمريكية، وهو ما سيتسبب مباشرة في تباطؤ الاقتصاد وخفض معدل النمو المتوقع للعام الحالي من 2% إلى صفر%، وربما قد يتحول إلى سالب.

وأضاف أن التصعيد تسبب بانهيار الروبل الروسي في الأسواق العالمية، وتجاوز مؤشر الاضطراب المالي للسوق الروسية حد 2.5 نقطة.

وعلى إثر الانهيار، قالت مجلة “فوربس” العالمية، إن خسائر كبار رجال الأعمال والأثرياء الروس، تجاوزت 8.8 مليار دولار.

بالمقابل، قال إنه “رغم الخسائر الكبيرة والمتوقعة للاقتصاد الروسي، إلا أنه يعتمد بنسبة 50% فقط على عوائد الطاقة، مقارنة بالاقتصاد السعودي والذي يعتمد بصورة أساسية على الإيرادات النفطية، ما يعادل ثلثي إيرادات المملكة في 2018”.

وأشار إلى أن المملكة اضطرت إلى فرض المزيد من الضرائب على المواطنين والمقيمين، الأمر الذي زاد من مساهمة الإيرادات الضريبية في إجمالي الإيرادات العامة من 4.9% فقط عام 2000 إلى أكثر من 30% عام 2018.

وأضاف أنه وفقا لتقديرات، فإن انخفاض أسعار النفط “يكلف المملكة خسارة قدرها 400 مليون دولار يوميا، أي نحو 150 مليارا في السنة.

وتناقص الاحتياطي النقدي السعودي بما يزيد على 30% خلال الخمس سنوات الأخيرة، رغم أن سعر النفط لم ينخفض دون 45 دولارا طوال تلك الفترة، وبالتالي إذا ما انخفضت الأسعار دون 30 دولارا، فمن المتوقع أن تتبخر الاحتياطيات النقدية السعودية بالكامل خلال خمس سنوات أخرى.

 

الصبي الوصولي

لماذا يصر محمد بن سلمان على الخسارة ويمكن له كولي عهد السعودية أن يخرج من صبيانيته، ويختار تجنب هذه الحرب بعدما فقد تحقيق رؤيته وفقد على إثرها حربه في اليمن، ولكن الطموح أكبر من 400 مليار تفقدها بلاده من أجل نزق العرش.

نقيب الصحفيين الأسبق ممدوح الولي، استعرض في مقال له، أن هناك وجهة نظر ترى أن تبرير الموقف السعودي بالخفض السعري وزيادة الكميات المعروضة، ليس نابعا من الرفض الروسي لزيادة كم الخفض الإنتاجي داخل إطار مجموعة أوبك وحلفائها، ولكنه تم استجابة لمطلب الرئيس الأمريكي ترامب الذي يحمل برنامجه الانتخابي خفض أسعار النفط، لتعزيز موقفه بالانتخابات المقبلة في شهر نوفمبر القادم، على أن يرد الجميل لولى العهد السعودي بتصعيده لاعتلاء عرش المملكة.

وأضاف أن ذلك يؤكده أن “الإجراء السعودي يلحق الضرر بموارد خصوم الولايات المتحدة بداية من روسيا وفنزويلا وإيران، كما يجلب المنافع لحلفائها من الدول الغربية المستوردة للنفط، حيث بلغت نسبة قيمة الوقود من قيمة الواردات السلعية للهند عام 2018 نحو 35%، واليونان 29%، وكوريا الجنوبية 27%، واليابان 23%، وللبرازيل وإسبانيا 15%، وإيطاليا 14%، وفرنسا 11%، وإنجلترا 10.5%، وألمانيا 9%.

وخلص إلى أنه “على هؤلاء أيضا أن يردوا الجميل بتسهيل تصعيد ولى العهد للعرش قبل قمة العشرين القادمة المقررة بالسعودية”.

 

استفزاز مفتعل

استفزت روسيا “بن سلمان” حين كان الروس يتوجهون إلى اجتماع “أوبك بلس” في فيينا في 5 مارس، كان السعوديون يراقبون بقلق ضغط المنظمة البديلة على أسعار النفط بسبب فيروس “كورونا”.

وعندما غادر وزير الطاقة الروسي “ألكسندر نوفاك” الاجتماع في اليوم التالي، بعد عدم التوصل إلى اتفاق، أصدر بيانا أغضب السعوديين.

وقال الوزير: “اعتبارا من الأول من أبريل، بدأنا العمل دون مراعاة الحصص أو التخفيضات التي كانت سارية في وقت سابق، وترى روسيا أن أي عضو يمكن أن يضخ ما يحلو له”.

وبدون الكثير من التفكير في العواقب المحتملة، استجاب “بن سلمان” للاستفزاز الروسي، وأعلن السعوديون أنه اعتبارا من 1 أبريل سيرفعون الإنتاج بأكثر من 2 مليون برميل يوميا، ليصل إلى 12 مليون برميل، وهو ما حدث فعليا.

وأعلن الروس بشكل رسمي عن رضاهم بسعر النفط عند 30 دولارا، في حين يحتاج السعوديون إلى  80 دولارا للبرميل للوصول لنقطة التعادل في الموازنة.

وفي غضون ذلك، تراجعت أسهم “أرامكو” السعودية دون قيمتها الافتتاحية، حيث خفضت أكبر شركة نفط في العالم نفقاتها الرأسمالية.