“إحنا الشعب اللي بياكول فسيخ وبصل.. وبيشم عوادم سيارات.. وبيتعالج من كورونا بشاي التموين وشوربة الكرمونيوم!!”، أساطير رددها إعلام العسكر خلف جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، بعد أن تم إجبار مراسلة صحيفة الجارديان “روث مايكلسون” على مغادرة مصر، بعد أن كتبت مقالًا استشهدت فيه بأبحاث جامعة “تورنتو”، وفضحت فيه رغبة العسكر في السيطرة على كارثة وباء كورونا.
وأشارت “روث مايكلسون” إلى أنه بينما كانت حكومة الانقلاب تُبلغ رسميًا عن 3 حالات إصابة بالفيروس، فإن العدد الحقيقي كان أعلى بكثير، ربما يصل لـ19 ألفًا، ولكنه 6 آلاف على الأرجح، وعكست هذه الحادثة رغبة القيادة العميقة في الهيمنة المعلوماتية على قصة الفيروس.
الفيروس ينتشر
ولكن في غضون ساعات من ظهور السفيه السيسي، وجه كورونا ضربة هائلة لهذه الاستراتيجية عندما اضطرت حكومة الانقلاب إلى الاعتراف بوفاة اثنين من كبار قادة العصابة العسكرية، فصلت بينهما 24 ساعة.
جرى الإعلان عن وفاة اللواء “خالد شلتوت”، رئيس مشاريع المياه في الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، في 22 مارس الماضي، وبعد ذلك بيوم تبعه اللواء “شفيع عبد الحليم داود” رئيس المشروعات الضخمة في نفس الهيئة.
اتضح أن “داود” كان على رأس قائمة من 15 ضابطًا عسكريًا، يُزعم أنهم مصابون بفيروس “كورونا”، وقد تم نشر هذه القائمة على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم التحقق منها لاحقًا من قبل اثنين من مصادر رفيعة المستوى في الجيش، ما يشير إلى أن الفيروس كان أكثر انتشارًا من المعترف به رسميا.
جاءت هذه الإفصاحات بعد أسبوع من بدء وسائل الإعلام الأجنبية في التساؤل عما إذا كانت مصر تتستر على مدى تفشي الفيروس، حيث عاد السياح الأمريكيون والفرنسيون والهنود الذين كانوا يقضون إجازاتهم في مصر على متن رحلات بحرية إلى وطنهم مصابين، ما يعني أن هناك مئات كانوا معرضين للإصابة.
شاركت منظمة الصحة العالمية في الجدل قائلة، إن قلة إبلاغ مصر عن الحالات قد يعود لأن المصابين قد لا تظهر عليهم أعراض واضحة، واليوم يحاول السفيه السيسى النفخ في استراتيجية التعتيم والسيطرة، فقام بالتغريد على موقع تويتر قائلاً: “على ضوء متابعتى على مدار الساعة لكافة الجهود والإجراءات المتبعة لمواجهة انتشار فيروس كورونا.. أجد أن ما تحقق حتى الآن جيد ويدعو للاطمئنان، وهذا وإن دل فهو يدل على جدية وتكاتف كافة أجهزة الدولة والمواطنين”!.
اطمنوا هنموت كلنا!
وفتح السفيه السيسي هويس الأكاذيب بالقول، فى تغريده أخرى: “ولذلك أهيب بالجميع الاستمرار بجدية وحزم فى تنفيذ هذه الإجراءات حتى نعبر هذه الأزمة ونحفظ وطننا وشعبنا العظيم”.
يشار إلى أن السفيه السيسي كان قد اختفي لعدة أيامٍ كثرت فيها الأقاويل عن إصابته بالفيروس، إلا أنه عاد واجتمع برئيس وزراء العصابة مصطفى مدبولي، ووزراء الدفاع والإنتاج الحربي، والتعليم العالي والبحث العلمي، والمالية، والصحة والسكان، وذلك بحضور مستشار شئون الصحة والوقاية، ومدير إدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة.
وفى وقت سابق، وجه السفيه السيسي بزيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75% عن القيمة الحالية، بما يشمل الأطباء العاملين بالمستشفيات الجامعية، وذلك بتكلفة إجمالية قدرها حوالى 2.25 مليار جنيه، فضلاً عن إنشاء صندوق مخاطر لأعضاء المهن الطبية.
كما وجه بصرف مكافآت استثنائية لكافة العاملين حاليا بمستشفيات العزل والحميات والصدر والمعامل المركزية على مستوى الجمهورية، على أن تصرف تلك المكافآت الاستثنائية من الثقب المالي الأسود أو ما يسمى بـ”صندوق تحيا مصر”!.
وتكاثرت الشكوك، الأسابيع الماضية، حول تستر حكومة الانقلاب على البيانات الحقيقية بشأن تفشي وباء كورونا، وعززت أحداث متعددة في الأسبوع الماضي هذه الشكوك، بما في ذلك وفاة اثنين من كبار القادة العسكريين وتسريب وثيقة عسكرية تشير إلى أن الفيروس أكثر انتشارًا مما تم الكشف عنه سابقًا.
عندما ظهر السفيه السيسي الأسبوع الماضي بعد غياب طويل، وزعم أن حكومته تتعامل مع الأزمة بشفافية كاملة، وشجع المصريين على البقاء في منازلهم لمدة أسبوعين، وقال خلال نفس الخطاب التليفزيوني: “لا نريد أن تضرب الأزمة أعداداً أكبر”!
لم تقم حكومة الانقلاب بتطبيق إغلاق كامل، ربما اعترافًا بالصعوبات الاقتصادية التي قد تترتب على الملايين حتى لو كان ذلك أكثر منطقية من وجهة نظر الصحة العامة، لكن الفكرة أنه لا يمكنك الاستفادة من التباعد الاجتماعي لنصف الوقت فحسب.
في غضون ذلك، واصلت أبواق العسكر الترويج لما تعتبره نجاحًا في السيطرة على تفشي المرض، وجرى بث فيلم قصير يعرض أماكن مصرية شهيرة على خلفية موسيقى انتصار تتخللها لقطات من المعركة ضد الفيروس في الصين.
فيما أوضح مصدر عسكري أن الجيش استقر على سياسة حصانة القطيع، وهي نفس الفكرة التي أوردت الأنباء أن الحكومة البريطانية فكرت فيها في مرحلة مبكرة من انتشار الفيروس في المملكة المتحدة.
ولكن المملكة المتحدة تراجعت عن سياستها تلك بسرعة، بعد أن توقع تقرير لعلماء في “إمبريال كوليدج” في لندن أن يموت مئات الآلاف من الناس، إذا لم تبذل الحكومة جهودا أكثر تركيزًا لاحتواء تفشي المرض، والآن أصبح رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون”، من بين كبار المسئولين المصابين.
العسكريون أولًا
وقال المصدر، إن هذه كانت الاستراتيجية المصرية، وفي بروتوكول ناتج عن ندرة شديدة في أدوات الاختبار، فحتى القيادة العسكرية العليا لن يتم إجراء اختبار لها ما لم يكن لديهم حمى شديدة أو التهاب في الحلق أو صعوبة في التنفس.
وأوضح أن الجيش ليس لديه أي طريقة لمعرفة المدى الحقيقي لانتشار الفيروس دون اختباره بقوة أكبر، وتابع أن العائلات العسكرية ستتلقى رعاية طبية تفضيلية مع انتشار الوباء، في هذه الأثناء، يُترك الشعب القلق يتساءل كيف يمكن أن تكون معدلات الإصابة المبلغ عنها والوفيات المرتبطة بها منخفضة للغاية مقارنة بالدول التي تقدم رعاية صحية أفضل بكثير.
ويمكن مقارنة هذه التفاصيل بما قاله السفيه السيسي، عندما ظهر: “إن شعبنا المصري عزيز علينا للغاية مثل أي إنسان في العالم”، ومع ذلك، فإن التناقض لا يفاجئ معظم المصريين، حتى أولئك الذين يؤيدون الانقلاب ويبررون المعلومات المضللة، كونها ضروريات للأمن القومي.
وقال السفيه السيسي، معلقا فشل عصابته على شماعة جماعة الإخوان المسلمين: “عندما تعلن الحكومة عن الأرقام ويردد البعض الشكوك، هل يجب أن ننسى أن هذا جزء من استراتيجيتهم.. أن هذه كانت استراتيجيتهم لمدة 80 عامًا؟”.
من وجهة نظره عن العالم، كل المشككين هم أفراد في “الإخوان”، حتى عندما يكون هؤلاء المشككون من الصحفيين الأجانب والعلماء الدوليين المحترمين.
وفي النهاية لا يجب أن يُصدم أحد من قدرة عصابة العسكر على محاولة التستر على كارثة وطنية، أو محاولاتها للسيطرة على المعلومات، ومحدودية مواردها وعدم استعدادها في ظل نظامها الصحي الفاشل.
