أن تأتي متأخرًا في زمن الكورونا ليس خيرًا من ألا تأتي، بل توقع مصير من تكاسل وتهاون مثلك مع الجائحة، في ظل تفشي فيروس كورونا القاتل حول العالم، فقد أصدرت حكومة الانقلاب في مصر قرارها بغلق المساجد والكنائس لمدة أسبوعين، لحين وقف انتشار وباء كورونا، فهل يجدي الذهاب إلى مكة بينما الحجيج عائدون؟!.
الوضع في مصر يشبه إلى حد بعيد ما يجرى في إيطاليا، فرغم إعلانها الإغلاق تواصل الوفيات والإصابات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد في إيطاليا الارتفاع، ويؤكد مراقبون أن هذا المصير ينتظر المصريين بسبب تقاعس حكومة الانقلاب عن الأخذ بتدابير الوقاية منذ بداية الكارثة.
ومن خلال متابعة مجريات الأمور في العديد من الدول، يتضح أن الحكومات التي يفترض بها أن تستنفر جهودها من البداية لتوعية الشعوب بهذا الفيروس وخطورته، هم السبب في تفشيه في كثير من المناطق، خصوصا بين فئات الشباب، لأنهم يعتقدون بلادهم محصنة من المرض أو أنه لا يقتلهم.. كما زعم إعلام السفيه السيسي!.
ويصف الناشط “كريم التهامي”، وهو مصري مغترب في إيطاليا، الوضع هناك بالقول: “لا يمكننا أن نصدق أن إيطاليا تعانى من فيروس كورونا.. إنه زلزال من الحزن.. توابيت على عشرات الشاحنات العسكرية وكأننا فى حرب شاملة.. إنه وضع يثير القلق ويصعب تحمله.. بصراحة نتخوف أن تتطور الأزمة ويصبح العالم كله يدفن الآلاف من الأموات يوميًا”.
الطريق إلى إيطاليا
يقول الصحفي الناشط كريم محمود: “قرار غلق المساجد لسا طالع حالًا.. طيب ليه مطلعش الأربع أو الخميس اللي فات.. يعني اللي صلوا الجمعة اللي فاتت ادتوهم صك الغفران من كورونا وبتوع الجمعة الجاية الصكوك خلصت.. لازم نتحرك بعد الكارثة يعني مينفعش قبلها أبدا يا شوية مؤمنين!”.
وعلى الرغم من أن إيطاليا أصبحت في حالة إغلاق كامل منذ 9 مارس، فإن إجراءاتها فشلت في احتواء انتشار وباء كوفيد-19، وارتفع عدد الوفيات جراء فيروس كورونا، حتى السبت، إلى 4032 حالة وفاة، متجاوزة الصين، حيث تفشى الفيروس لأول مرة، في أعداد الوفيات.
وفي حين استمرت الإصابات في الارتفاع، حيث بلغ مجموع الإصابات أكثر من 47 ألف حالة، و5 آلاف حالة تعافت من الفيروس، قامت الحكومة بتمديد الحجر الصحي إلى ما بعد الموعد النهائي الأولي في 3 أبريل المقبل، وبحثت في فرض مزيد من القيود للحد من تفشي فيروس كورونا الجديد.
وقال رئيس إقليم لومباردي الأكثر تضررا في البلاد، أتيليو فونتانا، لوسائل الإعلام الإيطالية: “لسوء الحظ، فإن أعداد الإصابات بالفيروس لا تتراجع.. قريبا لن نتمكن من مساعدة أولئك الذين يصابون بالمرض”.

وأضاف “فونتانا” أنه “سيتعين على الحكومة إجراء تغيير في الأوضاع؛ لأنه إذا لم يتم فهم الرسالة، فيجب أن نكون أكثر صرامة في إيصالها”، فهل تصل الأحوال بالمصريين إلى ما وصلت إليه بين الإيطاليين؟
وفي ضوء الأوامر العسكرية التي أعطيت لشركاء الانقلاب، قرر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، متأخرا إيقاف صلاة الجماعة والجمعة مؤقتا بالجامع الأزهر، حرصا على سلامة المصلين ولمدة أسبوعين، لحين وقف انتشار الوباء، وانطلاقا من القاعدة الشرعية صحة الأبدان مقدمة على صحة العبادات.
كما قررت وزارة الأوقاف في حكومة الانقلاب، إيقاف إقامة صلاة الجمعة والجماعات وغلق جميع المساجد وملحقاتها وجميع الزوايا والمصليات ابتداء من تاريخه ولمدة أسبوعين، والاكتفاء برفع الأذان في المساجد دون الزوايا والمصليات.
وفرضت أوقاف الانقلاب على المؤذنين صيغة الأذان في زمن الكورونا، وحددت صيغة الأذان كالتالي: “اللهُ أكبر، اللهُ أكبر. اللهُ أكبر، اللهُ أكبر. أشهد أن لا إلهَ إلا الله. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسول الله.. ألا صلوا في بيوتكم.. ألا صلوا في رحالكم.. الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله”.
بينما قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كبرى الطوائف المسيحية في مصر، غلق جميع الكنائس وإيقاف الخدمات الطقسية والقداسات والأنشطة، إضافة إلى غلق قاعات العزاء واقتصار أي جنازة على أسرة المتوفي فقط، على أن تقوم كل إيبارشية بتخصيص كنيسة واحدة للجنازات وتمنع الزيارات إلى جميع أديرة الرهبان والراهبات.
وناشدت الكنيسة جموع الأقباط في مصر والخارج عدم التهاون إزاء الأزمة الحاضرة، والالتزام بالإجراءات التي تعلنها السلطات المسئولة، للمساهمة بفاعلية في تفادي كارثة تلوح في الأفق، يترجمها تزايد أعداد المصابين بالفيروس والمتوفين في العالم، فليس من الحكمة أو الأمانة أن يكون الإنسان سببًا في إصابة الآخرين أو فقد أحد أحبائه.
ودعت الكنيسة الجميع إلى رفع صلوات وتضرعات في كل موضع، واثقةً في أن صلواتهم سوف تصل إلى مسامع الرب القدير وأنه سيتحنن علينا ويرفع هذه الضيقة، ويعطي شفاء وسلامًا وطمأنينة لكل العالم، ويبارك كل الجهود التي تبذل لمواجهة هذا الوباء الذي يهدد العالم كله.

كورونا لا يعرف التطبيل
وفي سياق آخر، أعلنت وزارة الصحة والسكان في حكومة الانقلاب عن ارتفاع عدد الحالات التي تحولت نتائج تحاليلها معمليًا من إيجابية إلى سلبية لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إلى 60 حالة.
وكشف مستشار وزيرة الصحة عن خروج 11 حالة من مصابي فيروس كورونا المستجد من مستشفى العزل، وذلك بعد تلقيهم الرعاية الطبية اللازمة وتمام شفائهم، وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية، تشمل الحالات 5 مصريين من بينهم “طبيب وممرضة”، و6 أجانب من جنسيات مختلفة.
ونوه بارتفاع إجمالي المتعافين من الفيروس إلى 39 حالة حتى اليوم، من أصل الـ60 حالة التي تحولت نتائجها معمليًا من إيجابية إلى سلبية.
وأوضح أنه تم تسجيل 29 حالة جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها معمليًا للفيروس، تشمل حالة لأجنبي و28 من المصريين، بعضهم عائدون من الخارج، والبعض الآخر من المخالطين للحالات الإيجابية التي تم اكتشافها والإعلان عنها مسبقًا، ضمن إجراءات الترصد والتقصي التي تُجريها الوزارة وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية.
ولفت إلى وفاة مواطن مصري يبلغ من العمر 60 عاما من محافظة الجيزة، كان عائدا من إيطاليا، وقال: إن جميع الحالات المسجل إيجابيتها للفيروس بمستشفيات العزل تخضع للرعاية الطبية، وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية.
وذكر أن إجمالي العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى الجمعة هو 285 حالة، من ضمنهم 39 حالة تم شفاؤها وخرجت من مستشفى العزل، و8 حالات وفاة.
وأكد مجددًا عدم رصد أية حالات مصابة أو مشتبه في إصابتها بفيروس كورونا المستجد بجميع محافظات الجمهورية سوى ما تم الإعلان عنه، مشيرًا إلى أنه فور الاشتباه بأي إصابة سيتم الإعلان عنها فورًا، بكل شفافية طبقًا للوائح الصحية الدولية، وبالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية.
كما تواصل وزارة الصحة والسكان رفع استعداداتها بجميع منافذ البلاد (الجوية، البرية، البحرية)، ومتابعة الموقف أولًا بأول بشأن فيروس “كورونا المستجد”، واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة ضد أي فيروسات أو أمراض معدية.
تم تخصيص الخط الساخن “105”، و”15335″ لتلقي استفسارات المواطنين بشأن فيروس كورونا المستجد والأمراض المعدية.
وأثارت دراسة طبية كندية نشرتها صحيفة جارديان البريطانية، حالة من الجدل في أوساط النشطاء المصريين على منصات التواصل الاجتماعي، في وقت نفت فيه وزارة الصحة في حكومة الانقلاب معلومات الدراسة.
وقالت الدراسة التي أجراها مختصون في الأمراض المعدية من جامعة تورونتو الكندية، إن “عدد المصابين بفيروس كورونا في مصر هو على الأرجح أعلى بكثير مما أعلنته السلطات الرسمية”، وقدرت أن عدد المصابين بالفيروس في مصر قد يبلغ 19 ألفا وفقا لبيانات رسمية عن حركة السفر ومعدل المصابين الذين غادروا مصر خلال الأيام الأخيرة.