في وقت سجَّل فيه معدل التضخم السنوي ارتفاعًا بعدما وصل إلى 6.8% خلال ديسمبر، مقابل 2.7% في نوفمبر الماضيين، حذَّر د.جودة عبد الخالق، وزير الاقتصاد السابق في حكومة المجلس العسكري (2011-2013)، والخبير الاقتصادي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين الأسبق، من عاملَين مهمين يشكلان خطورة على الاقتصاد: الأول- بحسب عبد الخالق- هو استحواذ الجيش على مفاصل الاقتصاد، أما الثاني- بحسب “الولي”- فهو الديون الخارجية.
نصف قرن
وأمام عنتريات السيسي بأن خطواته في الإصلاح الاقتصادي لصالح الأجيال القادمة، أكد ممدوح الولي أن سداد أقساط الدين الخارجي المصري سيستغرق أكثر من نصف قرن، حيث يمتد إلى عام 2071، في تنويه إلى الارتفاع الكبير في الاقتراض الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة.
وقال “الولي”: إن “بيانات البنك المركزي الصادرة الخميس 9 يناير حول رصيد الدين الخارجى لمصر بنهاية شهر يونيو من عام 2019، أشارت إلى بلوغ قيمة الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل 129.372 مليار دولار”.
وأضاف، في منشور على حسابه بموقع “فيسبوك”، أن هذا “بخلاف الدين الخارجي قصير الأجل بالفوائد، والذى يستحق سداده خلال عام، والبالغ نحو 11.181 مليار دولار”.
موضحا أن “إجمالي الدين الخارجي القصير والمتوسط والطويل الأجل بالفوائد وصل إلى 140.552 مليار دولار”.
وحذر من أن “سداد أقساط وفوائد الدين الخارجى متوسط وطويل الأجل سيستمر حتى النصف الأول من عام 2071، أى لمدة 51 عاما من الآن”.
استحواذ الجيش
من جانب آخر، انتقد وزير التضامن الاجتماعي الأسبق في حكومة المجلس العسكري، جودة عبد الخالق، ما وصفه بتمدد الجيش في الأنشطة الاقتصادية في البلاد.
وأكد أن “الجيش مهمته الأساسية الدفاع عن تراب الوطن، ولا ننسى الإمبراطورية الرومانية على سبيل المثال، انهارت وفقا للمؤرخين، لأن الأطراف أصبحت بعيدة عن مركز التحكم”.
وقال إن “القوات المسلحة تمارس النشاط على قدم منافس للآخرين لكنها تمارسه بطريقة خاصة، فهى لا تمارس النشاط طبقا لنفس القواعد التى يخضع لها الجميع، لا تدفع ضرائب وتستخدم عمالة من الجيش، وهو ما نسميه فى الاقتصاد “الملعب المنبسط”، كل اللاعبين يواجهون نفس الظروف ما عدا الجيش، وخضوع تلك الشركات للقواعد المعتادة مهم لاستقامة النشاط الاقتصادي”.
تصريحات عبد الخالق ساقتها جريدة “الأهالي”، المعبِّرة عن الحزب الشيوعي، في حوار معه، حيث أكد أن “المنشآت التابعة للقوات المسلحة لا تخضع للقوانين العادية وهي معضلة ثانية”، مؤكدا “أنا قلق من تمدد القوات المسلحة فى الأنشطة الاقتصادية لأن صاحب بالين كداب”.
ونبه إلى أن مشروعات الجيش لا تنضم إلى الموازنة العامة، لأن “دستور 2014 ينص نصا صريحا على أن موازنة القوات المسلحة تطرح كرقم إجمالي فى الموازنة العامة ولا يحق لأحد المناقشة أو التدخل، لكنها تناقش فى مجلس الدفاع الوطني”، موضحا أن موازنة الجيش “زادت فى السنوات الأخيرة”.
وعارض عبد الخالق ضمنًا تصريحات عبد الفتاح السيسي حول طرح شركات الجيش فى البورصة، مقللا منها وقال: “يعني ايه شركات الجيش تدخل البورصة؟، رأسمال هذه المشروعات يترجم إلى أجزاء اسمها أسهم ويحصل تقييم، وتحدد قيمة الطرح، السؤال هنا لمن تطرحها، للمواطن المصري؟ أم أى شخص يريد تملكها؟ لذا لا بد أن يراعى في تصميم الأسهم أن تكون اسمية وليست أسهمًا لحاملها”.
ولكنه استدرك وخفف من حدة النقد فقال: “هي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن تحتاج إلى تدقيق، وتحاشي ما يمكن أن يترتب عليه من خطورة على الأمن القومي ويحدث تسلل لعناصر معادية للجيش وليس فقط الاقتصاد المصري، تحتاج الفكرة الكثير، بل الكثير جدا من التأنى والدراسة الدقيقة”.
ثلاثة أضعاف
وقالت وكالة “رويترز”، إنه من المتوقع أن تصل إيرادات نحو 20 شركة- ترأسها وزارة الإنتاج الحربي، وهي إحدى المؤسسات الثلاث التي تشرف على الشركات العسكرية مع وزارة الدفاع والهيئة العربية للتصنيع- إلى 15 مليار جنيه (950 مليون دولار) عام 2018-2019، أي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في 2013-2014.
كما يتمتع الجيش المصري بامتيازات هائلة؛ فهو لا يدفع ضرائب على الدخل والمبيعات والواردات من المواد الأولية والمنتجات والمعدات والخدمات، كذلك يستفيد من دعم الطاقة، وإعفاءات لنحو 600 عقار من الضرائب المفروضة على الممتلكات، وعمالة زهيدة عبر تشغيل المجندين الذين يؤدون الخدمة الإلزامية.
وأشارت تقارير إلى أن الجيش يسيطر على قرابة 60% من حجم الاقتصاد، خاصة مع إسناد مشروعات وصفقات حكومية إليه بالأمر المباشر، وتنفيذ مشروعات صناعية وسياحية من اختصاص وزارات أخرى.
ولكن الدكتور جودة عبد الخالق رأى أن التقرير الذي أصدره الجهاز المركزي، بشأن وصول نسبة الفقر في المجتمع إلى 60%، معبر بشكل كافٍ عن قساوة الوضع المادي للمواطنين، حيث حددت الحكومة خط الفقر الرسمي عند 736 جنيها (45 دولارا) لدخل الفرد شهريا، وهو رقم يقول كثير من الاقتصاديين إنه منخفض للغاية.
وقال البنك الدولي، في أبريل الماضي، إن 60% من المصريين “إما فقراء أو ضعاف الدخل”، حيث تعد تلك الأرقام تقييمًا لاذعا للإصلاحات الاقتصادية التي يشرف عليها السيسي، وتتضمن خفض الدعم.