5 ‏سيناريوهات للرد الإيراني على اغتيال قاسم سليماني

- ‎فيعربي ودولي

يعتبر فريق من العرب أنه باغتيال قسام سليماني، أحد كبار قادة الجيش الإيراني الميدانيين والمتجولين وزعيم فيلق القدس، أحد أقوى الأجنحة العسكرية في إيران، تبعثرت أوراق المنطقة.

فيما يرى فريق آخر أن قائدا مثله ينبغي أن تكون الولايات المتحدة أجمعت سياسيا على قتله ردًّا على التحركات الإيرانية وتوعد قادة الميليشيات الشيعية في العراق بالرد على هجماتها وما حدث من إسقاط كرامتها في اقتحام السفارة الأمريكية في المربع الأخضر في بغداد.

وفي الواقع لم يكن "سليماني" وحده من أجهض أحلام جماهير الأمة في الحرية والتحرر، فقد التقى على ذلك مع "الثورة المضادة" العربية التي خذلت الشعب السوري، ولا زالت تطارد تلك الأحلام بكل ما أوتيت من قوة.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن أمام هذا التصعيد الخطير في المنطقة، هل سيرد الإيرانيون على الضربة الأمريكية؟

يقول المحلل الفلسطيني ياسر الزعاترة، إن "مسألة رد إيران هي سؤال الساعة"، متسائلاً: "هل سيكون ردًّا يحفظ ماء الوجه، ولا يقود لحرب واسعة، أم ردًّا كبيرًا يتدحرج لحرب؟".

وأشار إلى أن "الإجابة ليست سهلة، إذ تعتمد على دقة تقدير الرد الإيراني، وجاهزية التعامل معه.. رد لا يبدو من السهل الجزم بمداه، إذ سيخضع لجدل داخلي عنيف؛ ليس لجهة القدرة على إيذاء أمريكا، بل لجهة التبعات المترتبة على ذلك".

وأوضح أن "قدرة إيران على إيذاء أمريكا والكيان الصهيوني كبيرة، لكن هل القدرة على تحمل التبعات كبيرة أيضا؟" مضيفا أن هذا هو الجدل الداخلي الإيراني الآن، والذي قد لا نعرف نتيجته سريعا، لكنه سيُراوح بين ردود كبيرة قد تنزلق إلى ما هو أكبر، أو ردود محدودة سيراها الأمريكان عادية، قياسا بأهمية المُستهدف.

وتابع أن الإيرانيين بارعون في ضبط النفس، وأن حادث اغتيال القائد في حزب الله عماد مغنية، ذراع قاسم سليماني اليمنى، في 2008، لم تكن هناك ردود ذات قيمة على اغتياله، محذرًا من أن "التأزم بعد غرور قوة، قد يفضي لقرارات غير منضبطة".

الغرور والعبث

وفي سلسلة من التغريدات عبر حسابه قال "الزعاترة" الكاتب والمحلل السياسي: إن اغتيال سليماني يستحق وقفات طويلة، معتبرا أنه ليس شخصا عاديا بحال، إذ يكاد يتفوق في أهميته على خامنئي نفسه، معتبرًا أنه "مهندس مشروع التمدد الإيراني؛ لجهة التخطيط والتنفيذ في آن..".

وأشار إلى أن الاغتيال يرد ابتداءً على تلك التحليلات السطحية التي كانت تتحدث عن تحالف إيراني أمريكي، ولا ترى أن الفوائد التي جنتها إيران من المغامرات الأمريكية هي نتاج طبيعي لعبثية تلك المغامرات، ولذكاء الاستثمار من الطرف الإيراني، وإن كان بعيدا عن المبدأ والشعار في أحيان كثيرة.

وأعتبر أن الغرور كان ملحوظًا فقال "ذكاء استثمار إيران لمغامرات واشنطن لم يتواصل، فقد أصيب قادة المشروع (مشروع التمدد) بحالة من غرور القوة بعد ما حققوه في العراق، بجانب انتصار حزب الله (الأول والثاني) على الكيان الصهيوني، مضيفا أن هذا الغرور بمثابة عبث أفضى إلى مأزق يجعل اتخاذ قرار باغتيال سليماني أمرا ممكنا.

وبرر ذلك بإشارة إلى أن "الاغتيال قرار سياسي وليس أمنيا وحسب، باستثناء حالات خاصة يعطي فيها المستوى السياسي للأمني حق الاغتيال ما تيسر ذلك دون رجوع إليه"، منبها إلى أن الوصول للرجل كان متاحا غير مرة، لكن القرار لم يكن متوفرا، وتساءل "هل يعني ذلك أن قرار الاغتيال في هذه اللحظة كان موفقا بالنسبة لأمريكا؟".

الآن يُتخذ قرار الاغتيال بعد أن أصبح سليماني عدوا لغالبية الأمة بما فعله في العراق؛ بتكريس نهج طائفي وحماية فاسدين، وبمجزرة سوريا، وكارثة اليمن، وفي لحظة رفض قطاع عريض من شيعة العراق له.

انتهازية الأمريكان

وكشف الباحث رضوان جاب الله أن سليماني وأمريكا كانا يلتقيان في مربع واحد، موضحًا أن "أمريكا صمتت عن تدخل سليماني وحسن نصر الله في سوريا وارتكاب أبشع الجرائم هناك واستفادت منهما في اغتيال ثورة الشعب السوري وبعد أن تحولت الثورة السورية في نظر العالم لحرب أهلية اغتالت قاسم سليماني لتشعل به وبشكل متدحرج فتيل حرب أهلية جديدة في العراق لتقضي به على ثورة شعب العراق".

وعن انتهازية الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، أشار جاب الله المتخصص في دراسة التاريخ أن أمريكا لم تتخذ قرارا باغتيال سليماني إلا بعد أن صنفته إرهابيا وأبلغت جميع الدول بذلك ومنها العراق وفي إطار الاتفاقية الأمنية مع العراق قامت بالتنفيذ.

وقال رضوان جاب الله "عندما يجلس الوفد الأمريكي المفاوض مع أعداء إيران سيطلب منهم الثمن.. وعندما يجلس مع حلفاء إيران يطلب منهم التحقيق في جرائم سليماني وعندما يجلس مع إيران يقول لهم نحن نكافح الإرهاب وأرسلنا لكم رسالة بوقف تحركات سليماني وكان في مرمى نيران أمريكا ولم تفعل حتى اطمأن .. فلما ازدهرت ثورة العراق و اقتربت الانتخابات الأمريكية ووقع ترامب تحت حصار الكونجرس فأراد أن يفك الطوق عن نفسه ويحقق الهدف الاستراتيجي بعودة العراق للمربع الأول الحرب الأهلية".

سيناريوهات محتملة

وقال أستاذ دراسات الأمن في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون الأمريكي "دانيال بايمان" إن اغتيال "سليماني" سيكون على الأرجح نقطة تحول في علاقات واشنطن مع العراق وإيران، وسيؤثر بشكل كبير على الموقف الأمريكي الشامل في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن رد الفعل الإيراني قد يكون ضخمًا وخطير.

وأوضح "بايمان" أن شن هجمات على القوات والمصالح الأمريكية في العراق بمثابة سيناريو أول للرد الإيراني المحتمل، خاصة أن طهران أمضت أكثر من 15 عامًا في بناء شبكات واسعة موالية لها من الميليشيات العسكرية والسياسيين على السواء.

وأضاف أنه يزيد من احتمال هذا السيناريو، بحسب "بايمان"، أن الولايات المتحدة قتلت زعيم ميليشيا كتائب حزب الله العراقية الموالية لإيران "أبو مهدي المهندس"، بعد أن شنت الكتائب العديد من الهجمات على القوات الأمريكية والعراقية، بطلب من إيران على الأرجح.

وعلى المستوى السياسي، رجح "بايمان" أن يعزز مقتل "سليماني" سطوة إيران على المسؤولين العراقيين، الذين يرتبطون – بحكم الضرورة وفي بعض الحالات باختيارهم – بروابط وثيقة مع طهران، وربما ازداد الضغط عليهم لإخراج القوات الأمريكية من البلاد، وهو ما يمكن أن يستجيبوا له.

تحليل "بايمان"، نشره موقع VOX الأمريكي، الجمعة، قال فيه إن السيناريو الثاني والثالث للرد الإيراني، بحسب "بايمان"، يتمثل في شن هجمات على القوات الأمريكية في أفغانستان أو سوريا، سواء عبر الحرس الثوري الإيراني المتمدد بالمنطقة منذ 2005 وبوكلائه المحليين في سوريا والعراق واليمن ولبنان.

وتوقع أن ينتج عن هذا السناريو؛ استهداف سفارات أمريكية بالتفجير، وهو ما سبق لحزب الله اللبناني، فعله في بيروت، إضافة إلى استهدافه ثكنات قوات مشاة البحرية (المارينز) هناك، ما أسفر عن مقتل 220 من مشاة البحرية وعشرات الأمريكيين الآخرين.

إيذاء الوكلاء

السيناريو الخامس يتمثل في أن تستهدف إيران أو وكلاؤها المدنيون الأمريكيون، خاصة أن بعض هؤلاء الوكلاء "يفتقرون إلى المهارة اللازمة لضرب الأهداف الرسمية المحمية جيدًا" حسبما يرى "بايمان".

وقال إنه من غير الواضح ما إذا كان الحلفاء سيتجمعون الآن على راية واشنطن، وحتى إذا فعلوا ذلك، فقد لا يكونون متحمسين للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة، حسب تقدير "بايمان".

ولذا يخلص "بايمان" في تحليله إلى أن سياسة "ترامب" في الشرق الأوسط تؤشر إلى أن إدارته غير مستعدة على الأرجح لرد فعل إيراني خطير، بما يعني أن مقتل "سليماني" ليس سوى "انتصارا أجوف وقصير الأجل".