تعليقًا على إقرار برلمان العسكر حالة الطوارئ التي أقرها السيسي، في وقت سابق من أكتوبر الماضي، قال بيان صادر عن برلمان السيسي، إن إعلان حالة الطوارئ في البلاد أصبح ضرورة بالنظر إلى التطورات الداخلية والإقليمية، واستمرار جهود الدولة للقضاء على الإرهاب”، غير أنه وبحسب مراقبين فإن البيان لم يوضح نوع التطورات الداخلية والإقليمية التي أدت إلى التجديد العاشر لحالة الطوارئ.
كما لم يناقش برلمان العسكر أبدا أسباب حالة الطوارئ، حيث لم يسألوا السيسي أبدًا عن أسباب قيامه بهذا، فنحن في ديكتاتورية وفوضى كاملة.
حتى إن رئيس حكومة السيسي يعتقد أن حالة الطوارئ تحمي الناس من “قوى الظلام” التي تستهدف استقرار البلاد.
فيما يرى خبراء أن القانون قد استُخدم لقمع المعارضة، مما مكن السيسي من حكم الدولة منفردا، فبحكم الطوارئ يمكن للسيسي تحويل أي مدني لديه هوية معروفة إلى محاكم الطوارئ التابعة لأمن الدولة، والتي لا يمكن استئناف قراراتها.
كما يزود القانون السيسي بمراقبة وتتبع جميع أنواع الاتصالات، مما يمكّنه من تسهيل نظام رقابة صارم على الصحافة المقيدة بالفعل في البلاد.
ويوفر القانون صلاحيات لرجال السيسي لإعلان حظر التجوال في مختلف مدن الجمهورية، ويمنح القانون الحكومة مهلة لإغلاق الكيانات التجارية ومصادرة الممتلكات الخاصة، وتمكين الدولة من تعيين مستوطنات معينة للإخلاء. كما يسمح القانون للقوات المسلحة المصرية بقمع أي متظاهرين من أجل التصدي لأي انتهاكات لحالة الطوارئ.
واعتقلت مليشيات السيسي، منذ يوليو 2013، ما يزيد على 70 ألف معتقل منذ الانقلاب طبقًا لمنظمات حقوقية، التي أشارت إلى انتهاكات جسيمة وانتهاكات لحقوق الإنسان أثناء حالة الطوارئ المستمرة.

لم تمنع الإرهاب
الأكاديمي نور فرحات رأى أن حالة الطوارئ ظلت معلنة طوال عصر السادات، وعندما ألغاها جرى اغتياله وسط جيشه وبواسطة جنوده. ورغم عدم وجود ارتباط بين إلغاء الطوارئ ومصرع السادات، إلا أن مبارك كان يتشاءم من إلغاء الطوارئ وظلت معلنة طوال فترة حكمه.
وأضاف أنه رغم إعلان الطوارئ، إلا أن هذا لم يمنع من وقوع كل الحوادث الإرهابية البشعة في ظل حالة الطوارئ، وكانت محصلة الطوارئ في عصري السادات ومبارك هي استهداف المعارضة السياسية المدنية عند اللزوم.
وعبَّر عن اعتقاده بأن وجود حالة الطوارئ أو إلغاءها لا يمثل فارقا مع أنظمة تعتبر نصوص الدستور والقانون آخر ما تفكر فيه، قائلا: “يبدو أن وجود حالة الطوارئ ليس له إلا وظيفة نفسية، وهي إشعار نظم الحكم بالسكينة والطمأنينة.. فلتقر أعينها ولا تحزن”.
أما الأكاديمي علاء بيومي فقال: “إن إعلان حالة الطوارئ في مصر يطرح عددًا من الأسئلة المنطقية، على رأسها: لماذا يحتاج السيسي حالة الطوارئ أصلا؟ أيُّ سلطات إضافية ستمنحها حالها الطوارئ لمؤسسات أمنية تقوم بتصفية معارضيها وحبس بعضهم بشكل مفتوح وتسجل مكالمات المعارضين الشخصية وتذيعها على الملأ بالإعلام؟ يعني بالفعل أي سلطات إضافية يحتاجها النظام؟”. وعن جدوى الطوارئ تساءل ببساطة عما فعلت حالة الطوارئ في سيناء مثلا.

تقرير تلفزيوني
وأصدر التلفزيون التركي تقريرا للصحفي مراد سوفوغلو، ذكر أن محللين مستقلين يقولون إن إعلان قانون الطوارئ أداة سياسية تستخدم لقمع المعارضة.
وتحدث التقرير عن القبضة الحديدية التي يتحكم بها السيسي في البلاد من انقلاب 2013، عندما انقلب على أول رئيس منتخب ديمقراطيا، د.محمد مرسي، مما ألحق ضربة قاتلة بالديمقراطية.
وأضاف أن السيسي استولى على السلطة على حساب عامة الناس، وفرض قانون الطوارئ في أبريل 2017، بعد هجومين على الكنيسة، مما أسفر عن مقتل 45 شخصًا على الأقل.
واعتبر أنه منذ ذلك الحين، تم تمديد قانون الطوارئ لأسباب غير ضرورية، لتسليح السيسي بسلطات خاصة سهلت جوًا سياسيًا سلطويًا وتجاهلًا لحقوق الإنسان الأساسية.
وقال التقرير، إن طبيعة حالة الطوارئ تتطلب استخدامه فقط في وقت الحرب، ولكن في مصر “تمت معاقبة الناس على العيش في ظروف مثل البلاد في حالة حرب”.
جراء الطوارئ
ويتوقع السياسيون والنشطاء أن يساعد القانون، أو تجديد حالة الطوارئ، في تسهيل الاعتقال التعسفي والتفتيش المفاجئ للمواطنين في الأكمنة المتوقعة وغير المتوقعة الثابتة والمتحركة.
حيث تؤكد الدكتورة مها عزام، رئيس المجلس الثوري المصري، أنها “وسيلة لزيادة تمكين النظام من الحفاظ على مستوياته القصوى من القمع”.
وأشارت إلى أن “تمديد حكم الطوارئ كان سمة من سمات ديكتاتورية مبارك عندما تم تجديد حكم الطوارئ كل عامين واستمر 30 عامًا. وأن السيسي يستمر في تجاوز حتى “دستور 2014” الذي يحظر مثل هذه التمديدات. ويصر السيسي على انتهاك القانون بشكل صارخ فضلا عن انتهاك حقوق المواطنين.