ألقت ما باتت تُعرف بقضية “سكريبال” بظلال واضحة من التوتر على العلاقات “الروسية- البريطانية”، وهي القضية التي تفجرت في أعقاب محاولة اغتيال ضابط جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية السابق والجاسوس البريطاني سيرجي سكريبال، وابنته، من خلال هجوم بغاز أعصاب يوم 4 مارس، في مدينة سالزبري البريطانية.
وسارعت رئيسة الوزراء البريطانية إلى اتهام روسيا، والرئيس بوتين شخصيا، بالوقوف وراء الحادث، أعقب ذلك إعلانها عن مجموعة من الإجراءات «العقابية» في مواجهة روسيا، وردت روسيا بإجراءات جوابية عليها انتهت بطرد 23 دبلوماسيا من كلا الجانبين، في سابقة أعادت ذكريات المواجهة في إطار الحرب الباردة، خاصة أن لندن دعت إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، ونجحت في جذب التأييد الأوروبي والأطلسي لموقفها، حيث أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبيرج، يوم 14 مارس، دعم الحلف الكامل للسياسة البريطانية تجاه روسيا، وأعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة «تضامناً مطلقا» مع بريطانيا.
أسباب التصعيد
يمكن الإشارة – باختصار- إلى مجموعة من الأسباب التى تقف خلف هذا التصعيد منها:
1- تحدي روسيا للمصالح الأمريكية والغربية، وتمثل ذلك بزيادة النفوذ الروسى فى دول شرق أوروبا، التى كانت تخضع فى السابق للاتحاد السوفيتى مثل جورجيا وأوكرانيا.
2- زيادة النفوذ الروسى فى الشرق الأوسط، من خلال التدخل فى سوريا بل أصبحت روسيا هى المتحكم واللاعب الأساسى فى الأزمة السورية، مما مكن روسيا من امتلاك قواعد مهمة فى البحر المتوسط؛ طرطوس واللاذقية، والتى لم تستطع روسيا السيطرة عليها حتى فى أيام الاتحاد السوفيتى. بالإضافة إلى العلاقات التجارية الواسعة مع دول الشرق الأوسط، حتى مع دول الخليج التى تعتبر حليفا استراتيجيا لأمريكا. وكذلك إقامة علاقات اقتصادية واستراتيجية مع إيران وتركيا، بل وسعت روسيا إلى تقوية علاقاتها الاقتصادية مع بعض الدول الإفريقية.
مستقبل التوتر
وبحسب مراقبين، فمن المنتظر تحقق سيناريوهين إزاء هذا التوتر:
السيناريو الأول: تصاعد التوتر بين الطرفين حتى يصل إلى مرحلة الحرب، سواء كحرب مباشرة أو حرب باردة تكون بها حروب بالوكالة، بحيث يكون هناك سباق تسلح بين الطرفين وصراع على مناطق النفوذ.
السيناريو الثانى: حل هذه الخلافات بالطرق الدبلوماسية، ويرجع ذلك إلى توازن القوى خاصة التوازن النووي، كما أنه فى نهاية القرن الماضى وقعت القوى العظمى عدة معاهدات لتخفيض السلاح النووي، وبالفعل فككت الدولتان (أمريكا وروسيا) بعض القواعد. كما أن الحرب حاليا مدمرة، ومن الممكن أن تؤدى إلى القضاء على نصف العالم بما فيها هذه الدول.
ولعل ما يفاقم الأوضاع نحو اشتعال الحرب، ما تشهده الأزمة السورية حاليا من تهديدات أمريكية بالعمل العسكري ضد بشار الأسد، وتحريك قوات بحرية في المتوسط، بعد قصف بشار الأسد لدوما بالكيماوي، ومقتل أكثر 150 مدنيا، معظمهم من الأطفال.
حيث ترغب أمريكا في تعديل أوضاعها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، بعد سحب بعض قواتها من العراق جزئيا.
