8 توصيات إماراتية
الوثيقة التي تعود إلى يوم 27 ديسمبر 2017، صادرة عن “إدارة تخطيط السياسات” بوزارة الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات، وموجهة بشكل حصري وسري إلى 5 مسؤولين كبار فقط، على رأسهم وزير الخارجية عبد الله بن زايد آل نهيان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش.
وتتضمن الوثيقة، 8 توصيات لتعامل الإمارات مع الأزمة، لكنَّ أهم وأبرز هذه التوصيات أن الوثيقة توصي الخارجية بـ”تحريك جمعيات ومواقع إعلامية داخل تونس؛ لقلب النقاش ضد حركة النهضة، بزعم أنها المسؤولة عن الأعداد الكبيرة من الداعشيات التونسيات اللواتي أصبحن يُسئن للمرأة التونسية وصورتها التقدمية في الأذهان”، وذلك بحسب النص الذي جاء في الوثيقة.
وتكشف هذه التوصية كيف تدفع الإمارات الأموال لبعض وسائل الإعلام في العالم العربي؛ من أجل الخلط بين قوى الإسلام السياسي الديمقراطي وبين تنظيم “الدولة” الذي يجند الانتحاريين وينفذ العمليات الإرهابية في دول عربية وغربية، وهو ما توصي به الوثيقة التي تريد تحويل الغضب الشعبي التونسي تجاه دولة الإمارات إلى جدل حول حركة النهضة التي يتزعمها الشيخ راشد الغنوشي، والتي تمثل ما يعرف بالتيار الديمقراطي الإسلامي، والذي تلقى أطروحاته رواجا في العالم الإسلامي، بما في ذلك دول الخليج العربي.
وتشكل التوصية الثانية حثا على التدخل في الشؤون الداخلية لتونس، وتحريض حزب “نداء تونس” الذي ينتمي له الرئيس السبسي ضد حركة النهضة الإسلامية، والإيحاء للرئيس السبسي بأن تصعيد الأزمة سوف يخدم منافسيه في الانتخابات القادمة.
تعديل حكومي مرتقب
وترجح مصادر حزبية تونسية أن يتم إجراء تعديل وزاري على حكومة يوسف الشاهد، قبل أيام من انطلاق حملة انتخابات المحليات في 14 أبريل المقبل، وربما تتطور هذه التعديلات إلى تغيير الحكومة بشخص بديل للشاهد.
ويطالب بهذه التعديلات الحكومية الاتحاد العام للشغل، ولا يعارض الرئيس الباجي قايد السبسي إجراء هذه التعديلات، بينما تحفظت عليها حركة النهضة وأثارت قدرا من المخاوف حول توقيتها قبيل المحليات وخشيتها من أن يؤثر ذلك على تعطيل الانتخابات أو التشويش عليها.
لكن يبدو أن الغداء الذي دعي إليه رئيس الحركة، راشد الغنوشي، من طرف الأمين العام لـ”اتحاد الشغل”، نور الدين الطبوبي، ورئيس منظمة التجارة والصناعة، قد تمحور حول هذا الموضوع، إذ أثار الغنوشي مخاوف حركته من توقيت هذا التغيير، ولكن تمّت طمأنته في هذا الخصوص، لعدم ارتباط الشأن الحكومي بـالانتخابات التي تشرف عليها هيئة مستقلة تملك كل الإمكانات لإنجاح هذا الاستحقاق.
هل تدفع النهضة بمرشح رئاسي؟
وفي السياق ذاته، أكد الغنوشي أن الحركة ستتقدم الى الانتخابات الرئاسية بمرشح خاص بها ولن تعيد ماحدث في 2014 بمساندتها لمرشح معين، مشيرا إلى أن حركة النهضة “منكبة حاليا على الإعداد للاستحقاق البلدي”.
وأضاف في حوار لمجلة جون افريك الصادرة الخميس 5 أبريل 2018، أن حركة النهضة ستعمل على إنجاز ميثاق مشترك مع بقية الاحزاب لخوض غمار الانتخابات البلدية خصوصا وأن تونس تعيش فترة انتقال ديمقراطي مازالت لم تكتمل بعد.
وسياسيا تستعد حركة النهضة في أكتوبر من عام 2019 لمحاولة العودة إلى السلطة من خلال الأغلبية البرلمانية وتشكيل حكومة بقيادتها على مبدأ التشاركية مع جميع القوى السياسية الأخرى لاستمرار مسيرة حماية ثورة الياسمين من طمع الاستبداد بالعودة من جديد لكنها، بحسب الكاتب محمد العوادات، سوف تترك ورقة الرئاسة إلى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية التي تسبق الرئاسية بشهر تقريبا، فإذا ما أخفقت في الوصول لأغلبية برلمانية فعلى الأغلب أنها سوف تترشح إلى منصب الرئاسة من خلال الدفع بالدكتور الغنوشي أو المحامي والمفكر عبد الفتاح مورو لخوض غمار الرئاسة. أما إذا وصلت لرئاسة الحكومة فعلى الأغلب أنها سوف تدعم التجديد للرئيس الباجي السبسي؛ أملا في حماية المسار الديمقراطي من أطماع الانقلابيين.
وتدرك حركة النهضة، وفقا للعوادات، أن “حكم تونس وخاصة ورقة الرئاسة محكومة بالتوازنات الخارجية التي تلعب فيها دور كبير وخاصة الجزائر الشقيق الأكبر لتونس والتي تحتفظ حركة النهضة بعلاقة جيدة مع قيادتها السياسية وكذلك الدولة الفرنسية والتي تعتبر أن تونس تمثل امتدادا لسلطانها السياسي القديم إضافة إلى المنظومة الغربية المتخوفة من أي عودة للسلفية الجهادية لتونس الساحلية المتاخمة لأوروبا وجميعهم لا مشكلة لديهم من وصول النهضة للرئاسة” بحسب الكاتب.