في وقت بلغ الضعف العربي والإسلامي أقصاه، وتصدر المشهد وكلاء عرب ولكنهم صهاينة يحملون على عاتقهم حماية كيان العدو الصهيوني، وعلى رأسهم السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، خرجت صحيفة «يديعوت احرونوت» وبعد 44 عاما، تتفاخر بعملية «فردان» المتعارف عليها إسرائيليا بـ«ربيع الشباب»، والتي اغتيل خلالها ثلاثة من كبار قادة منظمة التحرير الفلسطينية، وهم الشهداء: كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار.
وقالت الصحيفة: إن سفن سلاح البحرية نقلت الجنود الإسرائيليين إلى ميناء بيروت، ومن هناك وصلوا إلى الشاطئ بواسطة قوارب كوماندوز، ولدى وصولهم إلى الشاطئ بملابس مدنية كانت في انتظارهم سيارات محلية يقودها عملاء «الموساد»، وقاموا بإيصالهم إلى الأهداف المختلفة لتنفيذها.
وأوضحت الصحيفة أن مهمة الاغتيال ألقيت «على عاتق سييريت متكال، وفي طليعة منفذيها إيهود باراك وعمرام ليفين، ووصل الجنود الإسرائيليون ليلة التاسع والعاشر من نيسان 1973 إلى منازل القياديين الفلسطينيين الثلاثة”.
تفاصيل الجريمة
واستشهد في العملية أبو يوسف النجار, أول قائد عام لقوات العاصفة وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح», وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس اللجنة السياسية لشئون الفلسطينيين في لبنان.
كما استشهد كمال عدوان, وهو أحد قادة حركة «فتح»، وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» وعضو المجلس الوطني الفلسطيني, وكان مسئولا عن الإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، ومسئولاً عن العمليات في إسرائيل والضفة الغربية.
واستشهد كذلك كمال ناصر, عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، ومؤسس دائرة الإعلام والتوجيه في منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس دائرة الإعلام الفلسطيني والناطق الرسمي باسم حركة «فتح.
وأكدت «يديعوت أحرونوت»، أن نحو 40 فلسطينيا استشهدوا في العملية، فيما أصيب أربعة من الجنود الإسرائيليين.
وفي تفاصيل العملية، أوضحت الصحيفة أن باراك تنكر بزي امرأة سوداء، في حين تنكر نائبه موكي بتسار بزي امرأة شقراء. وقاد بارك الجنود إلى داخل المبنى السكني, ووصلوا إليه عند الساعة الواحدة وسبع دقائق بعد منتصف الليل.
وفي الوقت نفسه, قامت قوة إسرائيلية أخرى بالتوجه إلى المقر الرئيسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والواقع في مبنى مؤلف من 7 طوابق في شارع مركزي يعج بالمارة, حيث دارت اشتباكات عنيفة وقام الجنود الإسرائيليون بزرع عشرات الكيلوغرامات من المتفجرات داخل المبنى، ما أدى إلى انهيار أجزاء منه. وأن كل موقع وصل اليه الجنود الإسرائيليون اشتعل بالنيران.
وأشارت إلى تصريحات الناطق باسم الجيش اللبناني آنذاك, والتي قال فيها إن الإسرائيليين وصلوا إلى بيروت عن طريق البحر وعن طريق الجو بالمروحيات، وغادروا مثلما جاءوا بحرا وجوا، مشيرا إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، ووقوع أضرار كبيرة. وتحدثت الإذاعة اللبنانية عن استشهاد اثنين من قادة منظمة التحرير الفلسطينية، والعثور على جثة الشهيد أبو يوسف النجار قرب فندق «متروبول«.
كما أشارت إلى تأكيد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات نبأ استشهاد القادة، في حين قال أحد مساعديه إن الإسرائيليين فجروا منازل كثيرة كان بداخلها مقاتلون فلسطينيون.
جبناء
واقتبست أقوال أحد جيران الشهيد أبو يوسف، والذي قال وقتذاك: «نظرت عبر النافذة ورأيت رجالاً بلباس مدني يقفون بالقرب من ثلاث مركبات من طراز مرسيدس. ويبدو أنهم كانوا يعرفون وجهتهم جيداً. وبعد بدء إطلاق النار وصلت سيارة شرطة إلى المكان، إلا أن الإسرائيليين أطلقوا النار باتجاهها ما أدى إلى مقتل شرطيين«.
وعن استشهاد أبو يوسف النجار، كتبت «يديعوت أحرنوت» أن الشهيد كان في فراشه عندما جرى تفجير مدخل منزله. ودخلت الوحدات الإسرائيلية إلى الشقة، وكان بداخلها زوجته وخمسة من أطفاله. وتوجه نجله البكر يوسف، ووقف أمام الجنود الإسرائيليين الذين سألوه عن والده باللغة العربية. وعندها ذهل وأسرع باتجاه غرفة والده الذي كان قد استيقظ أيضاً على صوت الانفجار. في هذه الأثناء طلب الشهيد من زوجته أن تناوله المسدس. وحاولت أن تحميه ولكنَّ الجنود الإسرائيليين أطلقوا عليه النار بعد أن صرخ بوجههم «جبناء«.
وأشارت إلى أن المجموعات الإسرائيلية عملت في عدة مواقع في بيروت، وعادت إلى البلاد في ساعات الصباح، وكان في استقبال أعضائها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك ديفيد إلعازار وكبار الضباط في الجيش. وكانت رئيسة الوزراء الإسرائيلية وقتها غولدا مائير تتلقى التقارير على التوالي حول سير العملية.
وبينت أنه غداة تنفيذ العملية، قررت قيادة منظمة التحرير في بيروت وقف نشاطها، وطلب قادة المنظمات الفلسطينية من كافة العناصر التفرق في كافة أنحاء لبنان، وذلك بعد أن دخل مسئولون من حركة «فتح» إلى مكتب الحركة في بيروت، واكتشفوا أن وثائق كثيرة مهمة قد اختفت من شأنها أن تؤدي إلى الكشف عن مجموعات فدائية في داخل إسرائيل والضفة الغربية.
وصدرت بيانات تطلب من «عناصر القطاع الغربي» التفرق في لبنان، واتخاذ أقصى جوانب الحيطة والحذر، ومتابعة تحركات الإسرائيليين. وبعد مرور 21 ساعة على العملية قدم رئيس الحكومة اللبناني آنذاك صائب سلام (والد رئيس الوزراء اللبناني الحالي) استقالته وذلك بعد أن رفض الرئيس اللبناني آنذاك سليمان فرنجية إقالة عدد من كبار الضباط في الجيش؛ لأن الجيش لم يتمكن من صد الهجوم الإسرائيلي.