العالم يحارب من أجل نقطة مياه.. والسيسي يكتفي بموقع المشاهد

- ‎فيتقارير

أربعة أعوام من الجدل العقيم بين سلطات الانقلاب وأثيوبيا والسودان، حول سد النهضة الذي حسم وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور، الجدل حول المفاوضات بشأنه التي يستغلها نظام الانقلاب في هدم أي فرصة لوقف بناء السد الذي اكتمل بنسبة تجاوزت الـ 70%، بعد أن وقع على اتفاقية المبادئ السرية. حيث أعلن الغندور عن عدم التوصل لاتفاق مشترك، بين الدول الثلاث.

وبالرغم من تحذيرات خبراء المياه المحليين والإقليميين على مستقبل مصر في ظل بناء سد النهضة، وخطورته على حياة المصريين بشكل عام، إلا أن قائد الانقلاب لم يكترث بهذه التحذيرات، والمخاطر التي تحيث بالشعب المصري، فضلا عن أنه كان السبب الأهم في التنازل عن حقوق مصر، ما يعني إعطاء الفرصة لإثيوبيا للاستمرار في البناء وإنجاز ما لم يمكن إنجازه، مستغلين هذه الحالة المترهلة من المفاوضات.

خلافات كبيرة
الخلاف مصر وإثيوبيا كبير حول السد، والسودان في وسط المشكلة، ويجري حاليا تنفيذ تحول جيوسياسي كبير، بمحاذاة أطول نهر في العالم.

وكان الحديث حول بناء سد على النيل الأزرق منذ سنوات عديدة، لكن حينما بدأت إثيوبيا بناء السد، كانت ثورات الربيع العربي انطلقت، وكانت مصر حينها منشغلة بأمورها الداخلية.

طموح إثيوبيا

“مصر هبة النيل” هكذا قال “هيرودوت”، وقدس الفراعنة النيل باعتباره إلها، إلا أن الطموح الأثيوبي سيدمر هذه الهبة، التي ظلت آلاف السنين، كما أن إثيوبيا تبني مناطق صناعية، وتسعى للانتقال إلى مصاف الدول متوسطة الدخل، ومن ثم فهي بحاجة إلى الكهرباء.

وستتمكن أكبر محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، في الوقت الذي أصبح فيه مصير المياه المصرية في يد إثيوبيا.

ويقول سيليشي بيكيلي، وزير المياه والري والكهرباء في إثيوبيا: “إنه واحد من أهم المشروعات الرئيسية، بالنسبة لإثيوبيا”.

ويضيف: “إنه لا يهدف للتحكم في تدفق مياه النهر، لكنه يقدم لنا فرصة لتطوير أنفسنا، من خلال تطوير الطاقة. إنه يتضمن الكثير من الفوائد لدول المصب”.والسودان بالطبع يرحب به.

ويقع سد النهضة الإثيوبي الكبير على بعد كيلومترات قليلة من الحدود، وجرى تركيب أبراج الضغط العالي بالفعل، انتظارا لبدء توليد الطاقة الرخيصة والمتجددة، وسريانها عبر الأسلاك.

في الوقت الراهن، فإن التفاوت بين مستوى المياه العالية والمياه المنخفضة في السودان هو 8 أمتار، وهذا يصعب من إدارة مشروعات الري الواسعة، في ذلك البلد.

ومع اكتمال بناء السد، فإن ذلك الفارق سيصبح مترين فقط، كما أن النهر سيتدفق طوال العام.

تغيير قواعد اللعبة

وتقول راوية توفيق، وهي أكاديمية مصرية تعمل في ألمانيا: “يجري حاليا تغيير قواعد اللعبة تماما. هناك نظام جديد
يبدأ إرساؤه في المنطقة برمتها”.

وأضافت أن الفدان الواحد تقتات منه أسرة واحدة على الأقل. ومتوسط حجم الأسرة في مصر هو خمسة أفراد. لذلك فإن هذا (السد) سيؤدي إلى فقدان نحو مليون شخص لوظائفهم.. إنها مسألة أمن قومي.

وتضيف: “إثيوبيا لأول مرة تجمع بين القوة المادية، باعتبارها دولة منبع، يمكنها بطريقة أو بأخرى التحكم في تدفقات النهر، وكذلك القوة الاقتصادية، بكونها قادرة على بناء سد اعتمادا على مواردها المحلية”.

أما وزير الموارد المائية والري بحكومة الانقلاب، محمد عبدالعاطي، فيشعر بغضب شديد. ويقول: “نحن مسؤولون عن بلد يبلغ عدد سكانه 100 مليون شخص. إذا نقصت المياه التي تأتي لمصر بنسبة 2 %، فإننا سنفقد نحو 200 ألف فدان من الأرض الزراعية”.

ويضيف: “الفدان الواحد تقتات منه أسرة واحدة على الأقل. ومتوسط حجم الأسرة في مصر هو خمسة أفراد. لذلك فإن هذا سيؤدي إلى فقدان نحو مليون شخص لوظائفهم”. وتابع: “إنها مسألة أمن قومي”.

وإذا تم ملء خزان السد على مدار 3 سنوات، فإن مستوى النهر سيتأثر، لكن إذا تم ذلك على مدار 6 أو 7 سنوات، فلن يتأثر مستوى المياه بدرجة مهمة.

ولا تملك مصر فعل أي شيء تجاه السد، ما عدا اتخاذ إجراء عسكري، الأمر الذي سيكون خطيرا، إلا أن نظام السيسي الذي ذهب لتوقيع اتفاقية المبادئ للسماح ببناء السد، لن يجرؤ على توجيه أي ضربة عسكرية، وهو ما تستغله إثيوبيا في طريقها لاستكمال مراحل بناء السد في المدة التي تراها في مصلحتها، في حين تقف سلطات الانقلاب موقف المشاهد.