كتب: يونس حمزاوي
رغم قيام الاحتلال الصهيوني بشن مزيد من الاعتداءات على المسجد الأقصى والمصلين به، إلا أن دول الحصار فرضت حصارها على قطر لا "إسرائيل"، الأمر الذي فضح هذه الدول وكشفها أمام شعوب العالميْن العربي والإسلامي.
وتسبب الحصار في قطع أواصر عائلية وانتهاكات لحقوق الإنسان، ومع الدهشة التي أصابت معظم شعوب العالم العربي من هذا الإجراء المستهجن، إلا أن الراصدين لتطورات الأوضاع في منطقة الخليج والمراقبين للمشهد السياسي والاقتصادي، يؤكدون أن هناك حقدًا من جانب دول الحصار على الشقيقة قطر لأربعة أسباب، نذكرها في التقرير التالي.
تفوق اقتصادي قطري
أول أسباب حقد دول الحصار على قطر، هو تفوق الدوحة في إدارة اقتصادها مقارنة بكل دول الخليج، ولا سيما الإمارات، التي أكدت صحيفة Financial Times الأمريكية، أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الإمارات انخفض بشكل حاد.
وأضافت الصحيفة أن أداء الإمارات كان أسوأ بمراحل من جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، فيما يتعلق بالدخل الحقيقي طويل المدى للفرد.
فمنذ قيام صندوق النقد الدولي عام 1980، بمقارنة بيانات الناتج المحلي الإجمالي من الدول الخمس (البحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية)، قفز نصيب الفرد المُقاس من حيث تعادل القدرة الشرائية بنسب تتراوح بين 43% (في السعودية) و34% (عمان). ومع ذلك تناقص بنسبة 8.7% في الإمارات.
وحافظت قطر على المركز الأول عالميا في متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي، حيث وصل إلى 129 ألف دولار سنويا، على الرغم من الانخفاض الذي شهدته أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية عام 2016.
وارتفعت القيمة المطلقة للناتج المحلي الإجمالي لقطر بنسبة 253% منذ عام 2004، بينما ارتفعت الإمارات بنسبة 55%. وهذا الرقم الأخير ليس بعيدا عن باقي منطقة الخليج؛ إذ زادت البحرين بمقدار 76% في الفترة ذاتها، وعُمان بنسبة 69%، والسعودية بنسبة 58%، والكويت بنسبة 47%، على الرغم من قدرة كل هذه الدول على المحافظة على زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حيث تعادل القوة الشرائية، بخلاف الإمارات.
ويتمثَّل اختلافٌ آخر في أنَّ التضخم كان يميل إلى الارتفاع في الإمارات أكثر من جيرانها منذ عام 2004، وبلغ مستويات مضاعفة عامي 2007 و2008.
تنظيم كأس العالم
السبب الثاني لحقد قادة دولة الحصار على الشقيقة قطر، هو نجاح الأخيرة في الفوز بشرف تنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2022م، وهي الدولة العربية والإسلامية الأولى التي تتمكن من الفوز بتنظيم هذا الحدث الضخم.
وخصصت الدوحة حوالي 170 مليار دولار لإقامة ملاعب وفنادق ومنشآت ضخمة؛ لإبهار العالم خلال تنظيم البطولة، الأمر الذي أثار حقدا أكبر من جانب دول الحصار على «الشقيقة الصغيرة» قطر، التي تحقق هذا الإنجاز الكبير في ظل تراجع هذه الدول سياسيا واقتصاديا.
وشن الدكتور علي الهيل، أستاذ العلوم السياسية بقطر، هجومًا على دول الخليج العربي خاصة الإمارات العربية المتحدة.
وقال: إن الإمارات تناقض نفسها، ففي الوقت الذي تدعو الدوحة لتقليص علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، لا تزال علاقتها بطهران قائمة على الرغم من احتلال جزرها الثلاث، والاستثمارات الإيرانية التي تقدر بحوالي نصف تريليون دولار داخل الإمارات، على حد قوله.
الجزيرة و"بي إن سبورت"
والسبب الثالث وراء حقد دول الحصار على قطر، هو نجاح قطر في تدشين أضخم مشروع إعلامٍ عربي وإسلامي على مستوى العالم، من خلال انطلاق قناة الجزيرة الإخبارية والقنوات التابعة لها، في 1 نوفمبر 1996، ثم إطلاق شبكة قنوات "بي إن سبورت" الرياضية في عام 2012م.
"الجزيرة" باتت واحدة من أضخم شبكات الإعلام العالمية، والتي تنافس بقوة كبرى الشبكات الإعلامية بل تتفوق عليها، كما فازت شبكة قنوات "بي إن سبورت" بحقوق بث معظم- إن لم يكن- البطولات الرياضية الكبرى في العالم في مختلف الألعاب.
دعم الربيع العربي
والسبب الرابع هو دعم الشقيقة قطر لتطلعات شعوب المنطقة نحو الحرية، وتأسيس نظم ديمقراطية تحترم رأي الشعوب وتضع حدًّا للاستبداد السياسي.
كما ساندت الدوحة ثورات الربيع العربي ضد النظم الديكتاتورية في كل من مصر وتونس واليمن وسوريا، الأمر الذي استفز هذه النظم وأشباهها في المنطقة، والذين يريدون فرض نظمهم المستبدة بالحديد والنار.
هذا الموقف القطري الذي يتعاطف مع الشعوب على حساب الحكام، لم يرض به حكام الخليج في السعودية والإمارات، فتم تمويل أكبر انقلاب عسكري دموي في العالم العربي والإسلامي بمصر في 30 يونيو 2013م، وشهدت مصر مجازر وحشية لم يسبق لها مثيل، بدعم من هذه الدول النفطية الغنية، وسالت دماء الآلاف من المصريين بأموال آل سعود في الرياض، وعيال زايد في أبوظبي.
كما أن موقف قطر الداعم للحريات والديمقراطية يتناقض مع المشروع الأمريكي الصهيوني الذي تسوق له الإمارات في المنطقة، من خلال فرض العلمانية على شعوب المنطقة.
يعزز من هذا تصريحات سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، التي أكد فيها أن الخلاف مع قطر ليس دبلوماسيا بقدر ما هو خلاف فلسفي، حول رؤية الإمارات والسعودية ومصر والأردن والبحرين لمستقبل الشرق الأوسط.
وعلّق العضو السابق في مجلس الأمة الكويتي ناصر الدويلة، على تصريح سفير الإمارات في واشنطن قائلا: إن قطر حققت انتصارا أخلاقيا كبيرا في الأزمة الحالية، وتركت تلك "الدول" تتخبط.