تتعرض محافظة شمال سيناء، لليوم الثاني على التوالي، لسقوط أمطار غزيرة مصحوبة بأصوات رعدية وموجة شديدة من البرد والرياح المحملة بالأتربة والرمال؛ الأمر الذي تسبب فى حصار الأهالي وتوقف مظاهر الحياة العامة.
كما تأثرت حركتا المرور والتجارة وخلت الأسواق من الرواد والشوارع من المارة، حيث تشهد الطرق الفرعية والرئيسية حذرًا شديدًا من السائقين وبطء في حركة السير خشية وقوع حوادث.
كما تعرضت مناطق في وسط مدينة العريش، وحى الضاحية لانقطاع الكهرباء والمياه.
وقال أهالي بمناطق الحسنة ونخل في وسط سيناء: إنهم لاحظوا جريان للمياه في ممرات الأودية لمسافات محدودة.

السيسي ما زال يضحك
يأتي ذلك فيما يواصل قائد الانقلاب العسكري حضور فعاليات “منتدى شباب العالم” المقام بجوارهم حاليًا في مدينة شرم الشيخ وافتتحها بحضور قرينته “انتصار ” والذي لم تكف عن الضحك برغم الحادث الذي راح ضحيته عدد من أبناء مصر.
وقُتل سبعة أقباط المنيا يوم الجمعة في هجوم مسلّح استهدف حافلة تقلّ مسيحيّين كانوا عائدين من زيارة إلى دير الأنبا صموئيل في المنيا، تبنّى كعادتة تنظيم الدولة هذا الاعتداء.
نكبة سيناء
ومنذ إعلان السيسى عن بدء “العملية العسكرية الشاملة”، يعيش الألاف من سكان شمال سيناء تحت وطأة القتل والتهجير والتصفية الجسدية لتتأكد كل يوم فشل العملية برمتها ،فاضحين فنكايش مزاعم المنقلب باستعادة الأمن في سيناء خلال ثلاثة أشهر نوفمبر 2017، وبدلًا من الالتزام بالموعد أطلق الجيش المصري حملة “سيناء 2018” التي وصفها بالأشمل والأكبر، والمفتوحة الأمد حتى تحقق أهدافها. تسببت الحملة العسكرية الأخيرة في أزمة غير مسبوقة طالت كل أهالي شمال سيناء وعرضتهم لخسائر باهظة وشلل تام لحياتهم اليومية، وبالرغم من حجم المعاناة، لم تحقق الحملة ما يمكن به تبرير السياسات القمعية المستمرة ضد أهل سيناء.
إغلاق تام وأزمة مفتعلة وتعديات صارخة
في صباح يوم 9 فبراير 2018، وبدون أي سابق إنذار، قامت قوات الجيش والشرطة بإغلاق إقليم شمال سيناء إغلاقًا تامًّا بالتزامن مع إعلان المتحدث العسكري بدء العملية “سيناء 2018”. لم يكن هذا القرار الوحيد، فقد تم إغلاق محطات الوقود لأمد غير مسمى، وتم تعليق الدراسة في كل مدارس الإقليم آنذاك وأيضًا أغلقت الطرق جميعها بين المدن والقرى لتسبب حالة من الشلل التام لحياة المدنيين اليومية ولكل الأعمال الصغيرة كالمحلات التجارية وما يعرفون بعمال اليومية كالسائقين وعمال البناء وكذلك الأعمال الأكبر كالمزارع وحركة الصيد في بحيرة البردويل.
غضب عارم
تسببت قرارات الدولة المفاجئة في حالة من الذعر وغضب عارم بين مئات الألوف من مواطني شمال سيناء،وفي أقل من يومين، ضربت حالة من الفوضى أسواق المدن التي كانت تعاني بالفعل من تبعيات أربع سنين من العمليات العسكرية والسياسات الأمنية المشددة. بعد بداية العملية العسكرية بأسبوع، اختفت غالبية المواد الغذائية الأساسية من الأسواق وتضاعفت الأسعار بشكل جنوني في ظل غياب تام للدولة ومؤسساتها وعلى رأسها القوات المسلحة التي أصبحت الآمر الناهي والمسيطر الوحيد على كل أمور الإقليم. وبالرغم من جفاف الأسواق تمامًا خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العملية، إلا أن السلطات استمرت في منع عبور شحنات المواد الغذائية والأساسية من مداخل إقليم شمال سيناء في محافظة الإسماعيلية.
أزمة إنسانية
واستمرت أزمة الغذاء في شمال سيناء حتى الآن مع تخفيفها بين الحين والحين؛ الأمر الذي دعا منظمة هيومان رايتس ووتش لنشر تقريرها عن الأزمة المتفاقمة تحت عنوان “مصر: أزمة إنسانية تلوح في الأفق بسيناء”، وهو التقرير الذي طالبت فيه المنظمة بالسماح لمنظمات الغوث المحلية كالهلال الأحمر المصري بالتدخل الفوري لإيجاد حلول لحالة اختفاء المواد الغذائية والأدوية والمتطلبات الأساسية للسكان.
ونظرًا للتعتيم الإعلامي التام على كل مجريات العملية العسكرية في الإقليم، لاقى تقرير هيومان رايتس ووتش انتشارًا واسعًا وهو ما قابله النظام العسكر بمصر كعادته بالنفي التام وكيْل الكثير من الاتهامات للمنظمة. ولكن ما لم تفسره السلطات المصرية هو صور المواطنين في مدن العريش والشيخ زويد وهم يصطفُّون في انتظار صناديق المواد الغذائية التي قام الجيش بتوزيعها في بعض الأيام في محاولة بائسة لاحتواء الأزمة التي بدأت واستمرت نتيجة سياساته.

تنامي المعاناة بسبب عمليات الجيش
ويعاني الآلاف من أهالى سيناء خاصة بمناطق رفح والعريش والشيخ زويد في سيناء من عمليات تهجير قالوا إن الجيش المصري يفرضها منذ شهور، وتتزايد المعاناة في ظل الإجراءات الصارمة التي يمارسها الجيش، ومنها القصف المدفعي والجوي وقطع إمدادات الكهرباء والماء والمقومات الأساسية للحياة.
ويقول البعض إن القصف لا يقتصر على طائرات الجيش المصري بل تشارك فيه طائرات إسرائيلية من دون طيار.
ويؤكد بعض الأهالي أن قوات الجيش المصري هدمت بيوتا بمساحة ألف وخمسمئة متر مربع، وهجرت نحو عشرة آلاف مواطن بحجة الأنفاق، ويقولون إن ذلك يتوافق مع رغبات إسرائيلية في تهجير سكان رفح المصرية عقابا لأصحاب الأنفاق من جانب، وتضييقا على الفلسطينيين من جانب آخر.
كما يصف الأهالي إجراءات الجيش بالقمعية أثناء عملية التهجير، ومنها قطع الكهرباء لأكثر من خمسة عشر يوما متتاليا، وقطع إمدادات المياه وردم الآبار التي حفرها الأهالي، بل وقتل الأشخاص الذين يحملون مياه الشرب للناس وتجريف البقع الزراعية، ومنع الدواء والمواد التموينية والأجهزة الكهربائية وأدوات البناء.