فجّر حادث نيوزيلندا وحوادث مماثلة ومتكررة والمتصاعدة في الحيز الأمريكي والغربي عموما، مكنونات الإدارة الأمريكية ورعاية الرئيس المنتخب المنتمي للمحافظين المتشددين من نسبة معتبرة من الشعب الأمريكي.
فقبل يومين رصد مركز قانوني انتشار 100 جماعة كراهية معادية للإسلام وللمسلمين في مختلف الولايات المتحدة، ومن أشهر هذه الجماعات منظمة “تحرك من أجل أميركا” (Act for America)، ومركز السياسات الأمنية (Center for Security Policy)، وجماعة جنود أودين (Soldiers of Odin).
مديرة المركز هايدي بيريتش قالت إن “الرئيس دونالد ترامب ليس فقط عنصر استقطاب بل أصبح عنصرا يدعم التطرف، وبدلا من أن يحاول تهدئة المخاوف بشأن جماعات الكراهية باعتباره رئيسا لكل الأميركيين زاد حدة الاستقطاب والراديكالية، سواء من خلال خطابه أو من خلال سياساته”.

افتخار بمعاداة الإسلام
ومنذ ما يقرب من عقد من الزمان ، دفع الناشطون المناهضون للإسلام نظرية المؤامرة التي مفادها أن الحكومة الأمريكية قد تسلل إليها متطرفون مسلمون وأن البيت الأبيض تعرض للتطرف من قبل المتطرفين الإسلاميين على أعلى المستويات. الآن ، يروج ناشطون مناهضون للإسلام بوصولهم إلى البيت الأبيض ترامب.
وتقوم بريجيت جابرييل ، منظمة “ACT for America” المناهضة للإسلام ، كعضو مؤسس رغم كونها أمريكية من أصل لبناني وتتمتع بعلاقات مع دول عربية كالإمارات العربية المتحدة، وفي في المؤتمر السنوي للمجموعة يومي 4 و 5 سبتمبر الماضي قالت إن المجموعة تعقد اجتماعًا أسبوعيًا في البيت الأبيض ، وفقًا لمصدر حاضر في الاجتماع والذي نقل التفاصيل إلى مركز قانون الفقر الجنوبي.
وحضر المؤتمر السنوي الأخير متحدثين مثل تومي لاهرين وشارلي كيرك من مؤسسة “Fox News”، وفقًا لتقرير انترسبت على الرغم من احتجاجات قادة الأديان والعريضة التي تحمل نحو 100 ألف توقيع ، استضافت فنادق حياة هذا الحدث بأسعار مخفضة خاصة للحضور.
وتصنف منظمة “اعمل لأمريكا” التي تقودها السيدة الصهيونية بتبعيتها للمتطرفين اليمنيين في الولايات المتحدة، ويصنفها أحزاب أمريكية بأنها “مجموعة كراهية” فلجابرييل كتب مؤلفة مثل “يجب إيقافها: لماذا يجب علينا هزيمة الإسلام الراديكالي وكيف يمكننا أن نفعل ذلك”.
كما عقدت منظمة اعمل من أجل أمريكا “مسيرة ضد الشريعة” على مستوى البلاد في يونيو الماضي حضرتها مجموعتان على الأقل من النازيين الجدد في بنسلفانيا ونيويورك.
في يونيو 2017 ، خرجت مجموعات يمينية مثل فخور بنين وسائقي الدراجات ضد الإسلام الراديكالي إلى الشوارع لحضور “مسيرة ضد الشريعة” ، وهو حدث على مستوى البلاد.
وعلى سبيل الفخر، قالت جابرييل: “أريدك فعلاً أن تعرف أن لدينا اجتماعًا دائمًا في البيت الأبيض مرة واحدة في الأسبوع”. “لدينا رئيس يحبنا ، الرئيس ترامب”.
غير أن الاجتماعات قالت إنها كانت سرية قبل مارس 2017، وأنها لم تكن تعلن من قبل بادعائها أن “المجلس الأمريكي- للعلاقات الإسلامية (كير) “تسلل” نظام البريد الإلكتروني الخاص بمنظمتها. وهو ما نفاه مسؤولي المجلس في حينه
إلهان عمر نموذجا
وكشف الصحفي الأمريكي من أصل باكستاني مرتضى حسين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن أنه وصلته رسالة من ائتلاف من مجموعات الضغط المؤيدة لإسرائيل لقادة الحزب الديمقراطي، بمن فيهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ، وقال “لقد بعثت الجماعات اليهودية للتو عريضة إلى الرئيسة بيلوسي تطلب منها إقالة النائبة بالكونجرس إلهان عمر، أمريكية مسلمة من أصل صومالي، من لجنة العلاقات الخارجية” ، وغرد ترامب إنه “يوم مظلم لإسرائيل!”
واتهم مرتضى جماعة تسعى لدعم هذا التوجه في العنصرية ضد المسلمين، لاسيما من يصل منهم إلى الكونجرس ومنها “منظمة الوقف من أجل الشرق الأوسط” (EMET) ويصنفها بأنها معادية للإسلام، كونها مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، ولها وجهة نظر متشددة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ولفت إلى أن مؤسس المنظمة ورئيسها هي الممثلة سارة ستيرن ، وهي عضو أيضا في مجلس إدارة مجموعة Clarion Fund المعادية للمسلمين، والتي ساعدت أفلامها المعادية للإسلام (EMET) في توزيعها. كما شجعت EMET عمل “الخبير” الإرهابي المشين مرارًا وتكرارًا ستيف إيمرسون.

متطرفون 100%
ويعتبر ناثان لين، كاتب بارز متخصص في علاقة أمريكا والدول الغربية بالإسلام والدول الإسلامية والعربية، أعاد مؤخراً طباعة كتاب صدر له سابقاً بعنوان «صناعة الإسلاموفوبيا» تطرّق في قالبه الجديد إلى تأثير اللوبي المعادي للإسلام والحركات الإسلامية على قرارات القيادة الأمريكية الجديدة.
يقول لين في القالب الجديد لكتابه الصادر في أواخر العام الماضي إن ترامب يحيط نفسه بمعاونين ومستشارين من ذوي التوجه السلبي نحو الإسلام والمسلمين ومن معتنقي سياسات المحافظين الجدد الذين تعزز دورهم في إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الأبن، وهؤلاء ساهموا في دفع ترامب إلى اتخاذ قرارات بمنع مواطني بعض الدول العربية والإسلامية من السفر إلى أمريكا بحجة التحفظ على دخول المهاجرين الذين قد يقومون بنشاطات أمنية خطيرة وقد يؤثرون سلباً على الاقتصاد القومي الأمريكي.
كما ساهم هؤلاء المستشارين، حسب مؤلف الكتاب، في إطلاق موجة من العنصرية ضد المسلمين والعرب في أمريكا والغرب كانت قد بدأت في الانحسار خلال فترتي رئاسة الرئيس باراك أوباما. وبالتالي، فإن قرارات إدارة ترامب بشأن فلسطين ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس قد يراها المسلمون عموما وفي أمريكا والغرب استمرارا لهذا النهج المنحاز الذي نجحت بعض الشخصيات المحيطة بترامب في نشره وإدراجه في السياسات الخارجية الأمريكية، وذلك بحسب ترجمة لسمير ناصيف.
ويشير المؤلف إلى ان البيت الأبيض بقيادة دونالد ترامب امتلأ منذ بدء عهد الرئيس الجديد في مطلع عام 2017 بالمستشارين المتحفظين وحتى المنحازين سلباً ضد العرب والمسلمين (ص 192). وفي الصفحة ذاتها (192) يقول المؤلف انه حتى وزير الخارجية الأمريكي الجديد مايك بومبيو، الذي انتقل من منصب مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية» (CIA) إلى مركزه الحالي، تأثر قبل احتلاله هذين المنصبين بأحد أرباب المحافظين الجدد والمروجين للتحفظ والسلبية ضد الإسلام والعرب واسمه فرانك غافني. وهو الذي أدار «مركز السياسة الأمنية الأمريكي في واشنطن» وعمل في إدارة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان، وأشرف على محطة بث إذاعية أمريكية ظهر بومبيو فيها أكثر من 24 مرة منذ عام 2013.