أبعاد التوسع القطري في إفريقيا وتأثيراته في مصر

- ‎فيعربي ودولي

كتب مجدي عزت:

 

بجانب التوسع الصيني والأمريكي والفرنسي في القارة الإفريقية التي باتت فضاءً واسعًا في الخارطة الدولية، بالمخاطر التي قد تصدرها للعالم أو بالموارد الطبيعية التي تختزنها، أو بالامكانات الاستثمارية الهائلة التي قد تتاح مستقبلاً.

 

ومع توسيع دول السعودية والامارات والبحرين صراعها مع قطر، عبر الطلب من الدول الإفريقية مقاطعة قطر، شاهرة سلاح وقف المعونات والدعم الخليجي إلى تلك الدول، لم تحتج قطر سوى التحرك المماثل وبسرعة فعل أقوى من مجرد التلويح السعودي فقام الأمير تميم بن حمد بزيارة موسعة شملت 6 دول إفريقية مؤخرًا.

 

وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت قطر لاعبا نشطا في مختلف مفاوضات السلام، سواء بين إريتريا وجيبوتي أو في تلك المناطق التي تقع ضمن نطاق «اتفاق سلام دارفور»، الذي كان يهدف إلى إنهاء الحرب الأهلية المروعة في السودان.

 

وإلى جانب هذه الجهود الدبلوماسية، تسعى الدوحة منذ عام 2005 إلى إقامة شركاء اقتصاديين في إفريقيا، لتوفير فرص التنمية والاستحواذ لصندوق ثروتها السيادي الطموح، وهو جهاز قطر للاستثمار.

 

وبفضل احتياطي يقدر بنحو 300 مليار دولار، استثمر صندوق الثروة بكثافة في القطاع الزراعي؛ حيث رأت الدوحة أن الأراضي الزراعية الغنية في أفريقيا هي الحل للاكتفاء الذاتي من الغذاء.

 

وبالمثل، استثمر جهاز قطر للاستثمار في إمكانات السياحة في بعض المناطق. وقد وقع بالفعل عقودًا مع بعض البلدان، بما في ذلك كينيا وإثيوبيا، لتطوير المناطق ذات الإمكانات السوقية القوية لمواقع البحر والترفيه الرياضية، كما يتضح من إعلانات الخطوط الجوية القطرية عن وجهات جديدة مع المدن في جميع أنحاء القارة.

 

 

البحث عن حلفاء سياسيين

ويبحث الأمير «تميم» عن أكثر من أن يكون امتدادا لسياسات الشراكة الثنائية التي نفذها والده. فهو يبحث عن حلفاء سياسيين لمواجهة الخلاف – الذي يضر بالإمارة – ضد جيرانها من دول الخليج. وتعد جولة الأمير هذا الأسبوع -التي شملت 6 دول في غرب إفريقيا- هي ثالث رخلة دبلوماسية كبيرة له منذ أواخر الصيف.

 

وبعد زيارة لتركيا وألمانيا وفرنسا في شهر سبتمبر، وعدد من الدول في آسيا في نوفمبر ، هدفت الجولة الحالية إلى إظهار أن قطر لم تتعرض للشلل ماليا بسبب المقاطعة المستمرة منذ 6 أشهر.

 

وهدفت الجولة أيضا إلى إظهار قدرة الدوحة على منع منافسيها من التقليل من تأثيرها في المجتمع الدولي. وتعد الزيارة رمزية بشكل أكبر، حيث تتماشى الدول -الموجودة على أجندة زيارة الأمير- عموما مع مواقف المملكة العربية السعودية.

 

وقد هددت الرياض الحكومات التي لن تدعم قرارها بفرض مقاطعة اقتصادية على قطر – في أوائل يونيو وهددت بتخفيض مساعداتها لبعض البلدان الأفريقية، بل قد تكون تأشيرات الحج قد استخدمت لابتزاز بعض البلدان لقطع العلاقات مع الدوحة.

 

وكانت السنغال قد استجابت للسعودية في مطلع يونيو ، واستدعت سفيرها لدى الدوحة للتشاور، في تحيز واضح لصالح السعوديين. ومع ذلك، ضاعفت قطر جهودها الدبلوماسية – في وقت متأخر – لتجديد العلاقات مع لاعب رئيسي في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.

 

وأخيرًا، فإن جولة أمير البلاد التي تشمل 6 دول هي جزء من حملة الدوحة الرامية إلى فتح أسواق في البلدان ذات الإمكانيات الاقتصادية القوية.

 

كما تسعى قطر للحصول على دعم استراتيجي في محاولتها لإضفاء المصداقية على صورتها كفاعل دولي ملتزم بقوة بمكافحة تمويل الإرهاب.

 

وتعتبر المرحلة الثانية من هذه الجولة حاسمة في هذا الصدد، حيث تقول قطر إنها مستعدة لتوقيع اتفاق تعاون أمني مع مالي لتوفير المساعدات العسكرية والمالية اللازمة في مكافحة انتشار المنظمات الإرهابية بالبلاد.

 

 

 

وبالنظر إلى بعض الادعاءات التي نقلتها وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية حول موقف الدوحة المزعوم بشأن عدد من الجماعات الراديكالية، فإن هذه النقطة الأخيرة تدمر هذه الادعاءات، وفق تحليل لميدل إيست آي، أمس.

 

ولعل جانبًا آخر يبرز في المشهد، بمقارنة الموقف المصري المتراجع في إفريقيا، بفعل الاستقطاب الدائر بين مصر من جهة وإثيوبيا والسودان من جهة أخرى، يدفع نحو مزيد من تقليص الفعالية المصرية في إفريقيا، وهو فضاء أهملته مصر لسنين طويلة وتركته لإسرائيل التي تتمدد بقوة في القارة الإفريقية.