مثل رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق، اليوم، أمام هيئة مكافحة الفساد “ببوتراجايا”، العاصمة الإدارية لماليزيا، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، وأمرته “الهيئة” بتوضيح السبب وراء نقل 10.6 مليون دولار من أموال صندوق (1MDB) المملوك للدولة إلى حسابه البنكي الخاص، في إجراء مثير للريبة. كما يواجه نجيب أيضا تهمًا بسرقة 7 مليارات دولار من الأموال العامة.
وهي جملة فضائح لازمت “نجيب” في آخر 3 سنوات له في الحكم، الذي دام نحو 10 سنين، وكانت من أسباب إطاحة الناخبين به من السلطة في انتخابات التاسع من مايو.
وقبل يومين، قال رئيس وزراء ماليزيا السابق نجيب عبد الرزاق: إنّه يخشى على سلامته، ويطلب الحماية السياسية، بعد يومين من ضبط 284 صندوقًا تحتوي على 72 حقيبة، فيها مبالغ مالية بالرينجت الماليزي والدولار الأمريكي، وساعات ومجوهرات، في عقارات مملوكة له.
ومنذ خسارته السلطة، يواجه “عبد الرزاق” وزوجته سلسلة من الإجراءات المهينة، بدءًا من منعهما من مغادرة البلاد إلى تفتيش الشرطة منزلهما وعقارات أخرى تابعة لهما.
وينفي رئيس الوزراء السابق ارتكاب أي أخطاء منذ تفجُّر فضيحة الصندوق الحكومي في 2015، لكنه استبدل النائب العام وعددًا من مسئولي لجنة مكافحة الفساد بغية إغلاق تحقيق أولي.
وقال إن 681 مليون دولار أودعت في حسابه المصرفي كانت تبرعًا من أمير سعودي وليس من أموال الصندوق الحكومي.

وأسست حكومة نجيب عام 2011 الشركة للقيام باستثمارات خارجية في مجال الطاقة، وكانت وحدة تابعة لصندوق (1MDB) حتى تم نقل تبعيتها إلى وزارة المالية في 2012.
وعزا نشطاء موجة المحاكمات التي يتعرض لها نجيب إلى عودة مهاتير محمد للحكم، فبعد يومين من عودته إلى منصب رئاسة الحكومة الماليزية، طلب توقيف رئيس الوزراء الماليزي السابق، وبعض الوزراء السابقين، وبعض أقاربهم، و23 رجل أعمال في ماليزيا، وأقال النائب العام، واعتقل 12 قاضيا و44 كادرا أمنيا بوزارة الداخلية، وخفض الضرائب على المواطنين، وأغلق المجال البري، والجوي، والبحري، حتى لا يهرب سارق، من ناهبي أموال الشعب الماليزي.
فضيحة الإمارات
وللإمارات دور في فضيحة ملف الصندوق السيادي الماليزي(1MDB) التي هزته عام 2016 من خلال بعض الشخصيات، بالتواطؤ مع رئيس الوزراء الماليزي الخاسر في الانتخابات نجيب عبد الرزاق، ما يعني أنّ اسم الإمارات سيكون حاضرًا بقوة.
ففي يناير 2017، كشفت وثائق محاكمات وتحقيقات أوردتها صحيفة وول ستريت جورنال دورا لسفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى واشنطن يوسف العتيبة في هذه الفضيحة، من خلال شركات مرتبطة به تلقت ملايين الدولارات من شركات خارجية قال المحققون في الولايات المتحدة وسنغافورة إن أموالها اختلست من صندوق تنمية ماليزيا.
كما ألقت رسائل بريد إلكتروني خاصة بالعتيبة قرصنتها مجموعة منشقة وتسربت إلى مؤسسات إعلامية، مزيدا من الضوء على لقاءات بين شاهر عورتاني، وهو شريك تجاري للعتيبة في أبو ظبي، و”جو لو” الممول الماليزي الذي تقول وزارة العدل الأمريكية إنه المتآمر الرئيسي في عملية الاحتيال المزعومة التي تبلغ قيمتها 4.5 مليارات دولار.
وتعود شراكة العتيبة و”لو” إلى سنوات طويلة، ووصف “لو” صداقته مع العتيبة بحسب المراسلات بأنها تعود لسنين.
وتظهر الرسائل المسربة علاقات عميقة بين العتيبة وعورتاني ولو، من بينها حصول الأخير على حصة 55% في فندق بارك لين في نيويورك المكون من 46 طابقا، قبل أن يبيع جزءا من هذه الحصة لصندوق الثروة السيادي في أبو ظبي.
وقد بدأت فصول الفضيحة في الظهور مع بروز مشاكل ديون واجهها صندوق الاستثمار الماليزي أوائل عام 2015، ووصفها المحققون بأنها واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في التاريخ.
تحقيق سويسري
ففي أبريل 2016، كشف مكتب المدعي العام السويسري أن سلطات البلاد وسعت تحقيقا جنائيا بشأن صندوق تنمية ماليزيا (1MDB) الحكومي، ليشمل اثنين من المسئولين السابقين في صناديق سيادية في أبو ظبي بتهم النصب والاختلاس والفساد والتزوير.
ويعتقد المحققون السويسريون أن أكثر من أربعة مليارات دولار سرقت من عدد من الشركات الماليزية المملوكة للحكومة، وكانت مخصصة لتمويل مشاريع تنمية اقتصادية واجتماعية في ماليزيا. وأوضحت النيابة العامة أن القضية تتعلق بإرسال مجموعة سندات إلى فرعين من صندوق ماليزيا للتنمية بهدف تمويل استثمارات في معامل كهربائية.
وحصلت هذه الشركات على ضمانة من أحد الصناديق السيادية في أبو ظبي لدفع السندات. وقد نفت شركة الاستثمارات البترولية الدولية “آيبيك” الذراع الاستثمارية لحكومة أبو ظبي ووحدتها “آبار للاستثمار” أي دور في الفضيحة، قائلة إن شركة “آبار بي.في.آي” ليست كيانا تابعا لها، وإنها لم تتلق أي مبالغ مدفوعة من آبار بي.في.آي، كما لم تتعهد آيبيك أو آبار للاستثمار بأي التزامات بالنيابة عن آبار بي.في.آي. الوارد اسمها في الفضيحة.
وورد اسم رئيس الحكومة نجيب عبد الرزاق في الفضيحة لكنه رفض مزاعم بتربحه من أموال الصندوق بعد إيداع أفراد من العائلة المالكة السعودية نحو 681 مليون دولار في حسابه المصرفي الخاص.
وقد حصل عبد الرزاق الذي يرأس المجلس الاستشاري للصندوق، على براءة من المدعي العام الماليزي في يناير/كانون الثاني 2016 من أي تهم جنائية، رغم أن الكثير من الماليزيين لا يشاركونه هذا الموقف.
ولا يزال ملف التحقيقات مفتوحا في بلدان عدة من بينها الولايات المتحدة، حيث ورد أن الصندوق مول فيلما باسم “ذئب وول ستريت” الذي لعب ليوناردو دي كابريو بطولته عام 2013، وهو أحد ثلاثة أفلام تقول وزارة العدل الأميركية إنها تلقت عشرات الملايين من مبالغ استولى عليها الممول الماليزي جو لو من الصندوق الماليزي.
ويقوم محققون في خمس دول على الأقل بالإضافة إلى سويسرا، بالتدقيق في صفقات عدة مرتبطة بالصندوق الماليزي في إطار تحقيقات أوسع نطاقا تتعلق بغسل الأموال والاحتيال والفساد.