كتب رانيا قناوي:
شهدت مصر الأسبوع الماضي مظاهرات كبيرة بسبب ازمة رغيف العيش، التي يسعى من خلاله الغلابة للحفاظ على ما تبقى من حياتهم التي سلبها عبد الفتاح السيسي، وذلك بعد قرار وزير تموين نظام المخلوع مبارك، علي مصيلحي، بعد أن أعادت سلطات الانقلاب استنساخه مرة أخرى، ليقوم بتدمير ما تبقى للشعب المصري من أمل في الحياة بتخفيض حصة بعض المخابز من الخبز.
ويرى المصيلحي، الذي يعرف بأنه ابن مبارك البار، خلال حواره لشبكة "سي إن إن" أن المظاهرات التي خرجت في بعض المدن المصرية مفتعلة ومدبرة من قبل بعض المستفيدين من أصحاب المخابز، وأخرجت الناس للشوارع للتظاهر، وهي رؤية أبناء مبارك خلال تاريخهم، حيث لا ينظرون للجائعين الذي يخرجون ليطالبوا بالعيش، إلا أنهم مجموعة من الخونة والمأجورين، وهو ما حدث في ثورة 25 يناير، ليعيد نظام مبارك إنتاج نفسه من جديد، من خلال زرعهم مرة أخرى في نظام الانقلاب.
ولعل مظاهرات الجائعين التي خرجت في عدد من المحافظات، ذكرت بانتفاضة الخبز التي حدثت في عهد الرئيس الراحل السادات، أثارت غضب الشعب المصري بالتزامن مع تعيين ابن مبارك البار علي المصيلحي، الذي ينسب إلى جنرالات العسكر، وذلك كونه خريج الكلية الفنية العسكرية، الذي فوجئ بكونه وزيرا للتموين وليس الاستثمار كما قيل له في حكومة الانقلاب.
فساد المصيلحي
عُرف عن علي المصيلحي فساده خلال تعيينه وزيرا في حكومة مبارك، فضلا عن عمله في إدارة الهيئة القومية للبريد المصري، وأطلق عليه ابن مبارك البار، وعرف بأنه صاحب سبوبة تطوير البريد ونهبه للملايين وقتها، فضلا عن اشتراكه في سرقة اموال المعاشات ايام مبارك.
بزغ على المصيلحي بين رجالات الحزب الوطني بعد تعيينه عام 2002 رئيسًا لمجلس إدارة الهيئة القومية للبريد المصري حتى ديسمبر 2005، وقد أبدى ولاءً لفساد دولة الرئيس الأسبق وبخاصة رجل الأعمال أحمد عز، وعقب ذلك عُين وزيرًا للتضامن الاجتماعي.
أهدر مصيلحي 5 ملايين جنيه بالهيئة القومية للبريد، تم صرفها على تدريب طلاب شعبة البريد بكلية التجارة وإدارة الأعمال، دون تعيينهم، مقابل تعيين حملة الدبلومات والمعاهد الفنية وحملة المؤهلات غير المتخصصة فى المحاسبة البريدية عن طريق الوساطة 2005/2010.
استحوذ مصيلحي على الحوافز المخصصة لبقالين التموين والتى تقدر بجنيه شهرياً عن كل بطاقة تموين، فى ظل وجود أكثر من 11 مليون بطاقة تموينية، مما يعنى الاستيلاء على 11 مليون جنيه شهريًا.
في تصريح صحفي، قال المصيلحي، وزير التموين بحكومة الانقلاب، إنه طلب وزارة الاستثمار عندما عرض عليه الانضمام للتشكيل الوزاري الجديد، لكنه أوضح أن إحساسه الداخلى أنه سيتم إسناد وزارة التموين له بنسبة 99%، وبالفعل هذا مع حدث اليوم.
وعاد المصيلحي ليتولى حقيبة وزارة التموين والتجارة الداخلية، بعد 6 سنوات من تركه لمنصب وزير التضامن في عام 2011 الماضي، ليتخلى عن منصبه في مجلس النواب كرئيس للجنة الاقتصادية.
وفي عهد "المصيلحي" الأول، كانت وزارة التضامن الاجتماعي تضم قطاع التموين والرقابة والتوزيع والتأمينات الاجتماعية ولجنة المساعدات وجهاز تنمية التجارة الداخلية، إلا أنه تم فصلها لوزارتين بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، الأولى باسم "وزارة التموين والتجارة الخارجية"، وتضم قطاع التموين والرقابة ولجنة المساعدات وجهاز تنمية التجارة الداخلية. أما الوزارة الثانية، فهي "التضامن الاجتماعي"، وتتولاها د.غادة والي.
من هو على المصيلحي؟
تخرج المصيلحي من الكلية الفنية العسكرية عام 1971، وتخصص في مجال الهندسة الإلكترونية، وفي عام 1977 حصل على الماجستير من جامعة Paris VI، وفي عام 1980 حصل على الدكتوراة في استخدام الحاسبات في تصميم الدوائر المصغرة من “Ecole Poly Technique” – باريس.
وعُيّن المصيلحي في عام 2002 رئيسًا لمجلس إدارة الهيئة القومية للبريد المصري حتى ديسمبر 2005، بعدها اختير وزيرا للتضامن الاجتماعي، وكان عضوا بالحزب الوطني الذي تم حله في أعقاب ثورة 25 يناير.
وعقب توليه الوزارة، أعطي "المصيلحي" أولوية لإنجاز الخطة القومية لتطوير شبكات الأمان وترشيد الدعم وخطة تطوير بنك ناصر الاجتماعي لزيادة الفعالية في تحقيق التنمية الاجتماعية.
واستمر مصيلحي في منصبه عقب تنحي مبارك، لكن ذلك لم يدم طويلا، حيث غادر منصبه مع إقالة حكومة أحمد شفيق.
شهداء الخبز
ولكن هناك العديد من الاخفاقات التي حدثت في عهد المصيلحي، وعلى رأسها "شهداء الخبز في مصر"، حيث شهد عهده أكبر وأشد أزمات الخبز، سقط خلالها العشرات ما بين قتيل وجريح، أطلقت عليهم وسائل الإعلام "شهداء الخبز"، في مشاجرات بين المواطنين الذين نال منهم الإعياء مبلغه من طول وقوفهم في الطوابير التي كان يصل طولها أحيانا إلى عشرات الأمتار.
ووصلت حدة الأزمة في عهد المصيلحي لدرجة دفعت الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، إلى مخاطبة جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، ووزارة الداخلية، في مارس 2008 للتدخل في مجال إنتاج الخبز لسد حاجات المواطنين.
أزمة الأنابيب
لم تكن أزمة الخبز هي الوحيدة في عهد المصيلحي، لكن لحق بها أزمة أنابيب البوتاجاز ليصل سعرها في عام 2010 لما يتراوح بين 30 إلى 50 جنيهًا مقارنة بـ 3 جنيهات سعرها الرسمي، ما أدى إلى اشتعال غضب الأهالي وقيامهم بالاستيلاء على سيارات نقل الأنابيب .
تهريب الدقيق
إخفاقات المصيلحي في الوزارة جعلته يقوم بإعطاء المحافظين الحق في تحديد حصص الدقيق للأصحاب المخابز، ما جعلهم يقومون ببيع الدقيق في السوق السوداء وتحقيق مكاسب طائلة.
وتعليقا على عودة مصيلحي لوزارة التموين، رأى الدكتور نادر نور الدين مستشار وزير التموين الأسبق، في ذلك "إفلاسا صريحا لحكومة الانقلاب، إذ أن هناك العديد من الاخفاقات مرت بها وزارة التموين في عهد مصيلحي الأول، مشيرا إلى أن الوزارة ستعود إلى خطة خفض الدعم، لأن"الوزير ده غاوى رفع أسعار".
وأضاف أن الوزير تقع على عاتقه العديد من المشكلات والمطالب، أولها أزمة الأرز واستمرار أزمة السكر، مشيرا إلى أن الفترة الحالية تشهد نقصا حاد في كافة السلع التموينية.
وأشار إلى أن أزمة تنقية البطاقات تقع على عاتقه، خاصة أن المرحلة الثانية بدأت منذ 15 يوميا، متسائلا: "كيف يمكن للوزير تحديد الجهات المستحقة للدعم من عدمه؟".