"من الصحافة الألمانية إلى المستشارة أنجيلا ميركل.. خلي بالك من السيسي دا كذاب وأهبل"، هكذا حفل نشطاء مواقع التواصل اليوم السبت ساخرين من فضيحة رئيس الانقلاب على وسائل إعلام ألمانية بعد زيارة المستشارة أنجيلا ميركل للقاهرة الخميس الماضي، ودعت الصحافة الألمانية ميركل لعدم الوثوق بالسيسي في حل مشكلة تدفق اللاجئين، مشيرة إلى أن الانقلاب يعاني أوضاعا مروعة على صعيد حقوق الإنسان، فضلا عن فشل سياسي وانهيار اقتصادي.
وقارنت كبريات الصحف الألمانية بين مصر وتركيا فيما يتعلق بالتعاون مع أوروبا لمكافحة الهجرة غير النظامية، واعتبرت أن الانقلاب ليس شريكا موثوقا به لتقليل أعداد اللاجئين القادمين لأوروبا، وحثت مقالات الرأي برلين على عدم التفكير بعقد اتفاقية للاجئين مع مصر إلا بعد قطع العسكر خطوات حقيقية باتجاه الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
الديمقراطية قبل النقود
وتحت عنوان "منع اللاجئين لا ينبغي أن يكون أولوية.. الديمقراطية قبل النقود"، كتب باول أنتون كروغر في زود دويتشه تسايتونع أنه إذا كان لا مفر أمام ميركل من التعاون مع القاهرة ضمن بحثها عن آلية دائمة لمنع تهريب اللاجئين، فعليها ألا تنسى الدروس المستفادة من الثورات العربية عام 2011، وخروج الملايين لميدان التحرير مطالبين بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، ورحيل طاغية أسس حكمه الطويل على القمع وقبل به الغرب توهما للاستقرار.
وأضاف الكاتب أن المصريين باتوا متعبين ولا أحد منهم يدعو لثورة جديدة، غير أن الأوضاع على ضفاف النيل بلغت شأوا خطيرا، ويسود هناك صمت قبور فرضه نظام السيسي بالقمع السياسي الوحشي والتعذيب، وإلقاء الآلاف بلا محاكمات في غياهب سجون أوضاعها مروعة.
واعتبر أن الأوضاع الحقوقية بمصر تردت الآن لدرك سحيق يفوق آلاف المرات ما كان موجودا في عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، وقال إن السيسي نجح بشيء واحد هو بناء جدار من الخوف مماثل للذي أسقطه المتظاهرون في 2011 بميدان التحرير.
ورأى كروغر أن النظام العسكري الحالي نجح مبدئيا في تجنيب مصر الإفلاس بواسطة القروض الخارجية والتخفيض الحاد في قيمة العملة، ولم يفلح في إنجاز شيء للنمو وتحريك الاقتصاد المنهار، إلا وعود بمشروعات عملاقة مشكوك فيها، وذكر أن مصر لن تستقر أبدا من دون مشاركة سياسية واسعة ومجتمع مدني حي.
وخلص المراسل الإقليمي لزود دويتشه تسايتونغ إلى مطالبة الحكومة الألمانية بربط مساعداتها بتحقيق القاهرة خطوات حقيقية باتجاه الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، والتفكير بعد ذلك في التعاون مع مصر في مجال الهجرة.
نصاب وضلالي!
وتحت عنوان "شريك ليس موثوقا به"، أجرت صحيفة ديرتاغ شبيغيل مقابلة مع شتيفان رول رئيس وحدة مصر بالمؤسسة الألمانية للدراسات السياسية والأمنية -الوثيقة الصلة بدوائر صناع القرار بالغرب- خلص فيها الباحث إلى أن نظام السيسي لا يمكن اعتباره شريكا موثوقا يمكن لأوروبا التعاون معه بتقليل أعداد اللاجئين القادمين للقارة.
وقال رول إن المسؤولين بالقاهرة يضخمون أعداد اللاجئين الموجودين ببلدهم، ولا يعنيهم من التعاون مع أوروبا في مجال الهجرة إلا الحصول على مساعدات مالية يحتاجونها بإلحاح لإنقاذ مصر المفلسة واقعيا، موضحا أن نظام السيسي سيقوم بالمقابل بتحسين الرقابة الحدودية لمنع أعداد كبيرة من اللاجئين من التوجه لأوروبا.
السيسي كذاب وأهبل
ورأى الباحث الألماني أن هذا لا يعالج الأسباب الحقيقية لمشكلة اللجوء، وقال إن حل هذه المشكلة يحتاج إصلاحات سياسية وسيادة للقانون ومشاركة سياسية واسعة وقيادة حكومية أفضل، مؤكدا أن كل هذا مفتقد تحت حكم السيسي.
وذكر رول أن أسوأ سيناريو يمكن توقعه هو فتح السيسي الحدود بأي وقت أمام المهاجرين لابتزاز ألمانيا وأوروبا إن أصبحت خزائنه خاوية، مشيرا إلى أن الانقلاب الحالي ليس له مصداقية تركيا في التعاون في مشكلة اللجوء، ويقامر بهذه المشكلة ويستغلها لتقديم مطالب هائلة لأوروبا.
من جانبه، تعرض موقع أخبار القناة الأولى شبه الرسمية بالتلفاز الألماني "أي آر دي" لأوضاع حقوق الإنسان بمصر من خلال مقابلات أجراها مع نشطاء حقوقيين منهم رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد المهدّد بحكم بالسجن لسنوات طويلة بسبب نشاطه الحقوقي.
وأشار عيد إلى بناء 17 سجنا جديدا بمصر ووجود 60 ألف معتقل رافضين للعسكر بالسجون المصرية منذ انقلاب السيسي، واعتبر أن السيسي يكره الديمقراطية ويقود البلاد نحو عدم الاستقرار، وخلص لدعوة الألمان إلى عدم دعم الدكتاتورية وإدراك أن القمع يقود بالنهاية لعدم الاستقرار.